قال موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير نشره الأحد 10 سبتمبر/أيلول 2023، إنه ومنذ ثمانية أجيال على الأقل، يُدفن أفراد عائلة حسين عمر في مدينة الموتى بالقاهرة، أو "القرافة"، وهي مقبرة تاريخية تضم أضرحة ساسة وشعراء ومغنين وشخصيات إسلامية وعائلات بارزة في مصر منذ القرن السابع، وحين توفيت والدة عمر قبل 22 عاماً، دُفنت في ضريح العائلة المزين بعناصر معمارية عثمانية وأوروبية وإسلامية مذهلة.
وهذا الضريح، الذي أمر ببنائه عام 1924، فتح الله باشا بركات، الجد الأكبر لعمر، وأول وزير للزراعة في مصر بعد الاستقلال، وأحد قادة ثورة 1919، له أهمية تاريخية لا تقل عن أهميته في حفظ رفات تاريخ عائلة عمر.
أضرحة مصرية مهددة بالهدم على يد الحكومة المصرية
رغم تصميمه المعماري الفريد، كان الضريح حتى وقت قريب واحداً من الأضرحة العائلية الكثيرة الخاصة المهددة بالهدم لإفساح المجال أمام مشاريع تنمية مثيرة للجدل ينفذها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ومن ضمن هذه المشاريع إنشاء جسور علوية وطرق سريعة تمر عبر المقبرة، المسجلة لدى اليونسكو، لربط القاهرة بالعاصمة الإدارية الجديدة في الشرق.
وعلم عمر، الذي غادر مصر في سن الـ17، بمخططات الهدم من موقع إكس، حين عثر على صورة لقبر والدته في تغريدة تحت هاشتاغ #أنقذوا تراث مصر.
وقال عمر: "حين بدأت الصور تنتشر على تويتر، شعرت بغضب عارم". وقال أيضاً إن الموجة الأولى من عمليات الهدم سهّلتها لا مبالاة العامة أو الجهل بالقيمة الثقافية التاريخية للأضرحة، وقال: "في مخيلة الشعب هذه مجرد مقبرة. ولأن معظمها مملوكة لأفراد، لا يدرك الناس ما الذي يضيع منهم".
ومنذ ما يزيد على قرن، شهدت مدينة الموتى إحياءً لعمارتها الإسلامية تحت إشراف عدد من المهندسين المعماريين الإيطاليين، مثل ماريو روسي، الذي اعتنق الإسلام وساهم في تزيين المسجد الحرام في مكة، وصمم أيضاً ضريح عائلة عمر عام 1924.
القضاء على مساحات خضراء كبيرة في القاهرة
بين الأضرحة التي تغطي المقبرة، تنبت الأشجار والشجيرات المفعمة بالحياة من الحدائق المسورة في مدينة تتضاءل فيها المساحات الخضراء كل عام لإفساح المجال أمام مشاريع التنمية.
وقال عمر: "هذه فعلياً آخر مساحة خضراء. ووجود عدد قليل من المساحات الخضراء وسط شبكة من الطرق السريعة كارثة".
وأفاد موقع مدى مصر المصري الإخباري المستقل بأن عمليات الهدم توقفت يوم الأحد 3 سبتمبر/أيلول رغم حظر التصوير في المنطقة وسط حضور أمني مكثف.
وأكد عمر أن ضريح عائلة والده أوصد بالقوة، وأن أفراد الأسرة يحتاجون إلى إذن من الشرطة ليتمكنوا من زيارة مقابرهم، وقال عمر: "الحكومة تريد أن تقطع ارتباط الناس بتاريخهم، خاصةً أن هذه التواريخ مرتبطة بلحظات أكثر ديمقراطية وحرية في التاريخ المصري".
ومع ذلك، كانت النتيجة معارضة قوية غير متوقعة من مختلف قطاعات المجتمع المصري. وقال عمر: "ما حدث يوحد الناس الذين لم يتخيلوا أنفسهم نشطين سياسياً يومياً".
ويعيش عمر، الآن في نيويورك، ومع قمع حكومة السيسي لأفراد عائلات من ينتقدون الرئيس، كانت مشاهدة عمليات الهدم من بعيد في المنفى مؤلمة لعمر.
وأضاف: "أحاول قدر استطاعتي رفع مستوى الوعي. أنا آمن في المكان الذي أعيش فيه، ووضعي كمهاجر آمن. لكنني أشعر بأنني بفعلي هذا أزيد من خطر عدم استطاعتي العودة إلى مصر". وقال: "الضرر وقع بالفعل. الأوان لم يفت بعد، لكنه وشيك جداً جداً".