قضى كثير من المغاربة ليلة ثالثة في الخلاء، بعدما تهدمت منازلهم وأصبحت غير آمنة، بسبب الزلزال الذي ضرب المغرب، والذي يُعد الأعنف منذ قرن، وذلك في وقت أعلن فيه التلفزيون الحكومي الرسمي عن ارتفاع عدد القتلى، فيما بدأت فرق إنقاذ من دول عدة المشاركة في عمليات البحث عن ناجين.
يأتي هذا فيما تخوض فرق الإنقاذ سباقاً مع الزمن، اليوم الإثنين 11 سبتمبر/أيلول 2023، للعثور على ناجين بين الأنقاض، بعد أكثر من 48 ساعة على الزلزال، وتشير أحدث إحصائية رسمية إلى أن عدد الوفيات بلغ 2122، بينما بلغ عدد المصابين 2421.
في قرية تافجيغت، وصف حميد بن هنا كيف توفي ابنه البالغ من العمر ثماني سنوات تحت الأنقاض، بعد أن ذهب لإحضار سكين من المطبخ، بينما كانت العائلة تتناول العشاء، ونجت العائلة باستثناء الطفل، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
ومع بناء الكثير من المنازل بالطوب اللبن والأخشاب أو الأسمنت والأحجار تهدمت الأبنية بسهولة.
ويعد هذا الزلزال الأشد فتكاً في المغرب منذ عام 1960 عندما أدت هزة كبيرة لمقتل حوالي 12 ألف شخص على الأقل.
يعمل مسعفون ومتطوعون وأفراد من القوات المسلحة من أجل العثور على ناجين وانتشال جثث من تحت الأنقاض، خصوصاً في قرى إقليم الحوز مركز الزلزال جنوب مدينة مراكش السياحية في وسط المملكة.
في قرية تيخت الصغيرة القريبة من بلدة أداسيل، بقيت مئذنة وبعض المنازل من الحجارة صامدة وسط دمار شبه تام لحق بكل ما حولها، وفقاً لما أفادت به وكالة الأنباء الفرنسية، وقال محسن أكسوم (33 عاماً) أحد سكان القرية: "انتهت الحياة هنا… ماتت القرية".
في موازاة ذلك، يواصل ناجون انتشال ممتلكاتهم من بين أنقاض منازلهم ويسردون حكايات يائسة ويحفرون بأيديهم للبحث عن أقاربهم، وانتقد ناجون يعانون لإيجاد المأوى والإمدادات ما وصفوها بالاستجابة الأولية البطيئة للحكومة.
كان المغرب قد نشر الجيش في إطار تعامله مع الزلزال، وقال إنه يعزز فرق البحث والإنقاذ ويوفر مياه الشرب ويوزع الأغذية والخيام والبطاطين.
وانضمت فرق إنقاذ من إسبانيا وبريطانيا لجهود البحث عن الناجين من الزلزال، الذي وقع على بعد 72 كيلومتراً جنوب غرب مراكش في وقت متأخر من يوم الجمعة الفائت، وبلغت قوته 6.8 درجة.
كانت بريطانيا وإسبانيا قد أرسلتا خبراء في البحث والإنقاذ مع كلاب مدربة، وقالت قطر أمس الأحد، إن فريقها للبحث والإنقاذ غادر للمغرب أيضاً، وذكرت مدريد أنها تلقت طلباً رسمياً من المغرب أمس الأحد للمساعدة.
كذلك كانت فرنسا من بين الدول التي عرضت المساعدة، وقالت أمس الأحد إنها على استعداد للمساعدة، لكن باريس تنتظر طلباً رسمياً من المغرب.
في السياق ذاته، ذكر التلفزيون الحكومي المغربي، أمس الأحد، أن العاهل المغربي الملك محمد السادس شكر إسبانيا وقطر والمملكة المتحدة والإمارات على إرسال مساعدات، وأضاف أن المغرب يقيم احتياجاته من المساعدات ويبحث أهمية تنسيق جهود الإغاثة قبل قبولها.
كما أشار التلفزيون إلى أن الحكومة ربما تقبل عروضاً بالمساعدة من دول أخرى وستعمل على تنسيقها إذا اقتضت الحاجة.
في سياق متصل، بدأ تدريجياً يظهر تأثر التراث الثقافي في المغرب بالزلزال؛ حيث تضررت المباني في المدينة القديمة بمراكش المصنفة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
كما ألحق الزلزال أضراراً كبيرة بمسجد تينمل التاريخي الذي يعود للقرن الثاني عشر، والواقع في منطقة جبلية نائية قرب مركز الزلزال.