دعا نائب الأمين العام للأمم المتحدة الثلاثاء 5 سبتمبر/أيلول 2023، إلى التحقيق في التقرير الذي نشرته صحيفة هآرتس ومنظمة بتسيلم الحقوقية حول تعرض 5 فلسطينيات من مدينة الخليل للتنكيل من قبل مجندات إسرائيليات قمن بإجبار هؤلاء السيدات على خلع ملابسهن، في حادث وقع في العاشر من يوليو/تموز الماضي.
بينما تواصلت ردود الأفعال الفلسطينية على ما حدث لهؤلاء النسوة، وجاء ذلك في بيانات منفصلة ووقفة تم تنظيمها بمدينة غزة، تعقيباً على تحقيق مشترك لمنظمة بتسيلم و"هآرتس" الإسرائيليتين.
ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية الاعتداء بـ"الشائن" وأنه يعكس مستوى الدرك الذي انحدرت إليه ممارسات "الاحتلال الإجرامية".
احتجاجات وتنديد بجريمة تعرية نساء فلسطينيات
في قطاع غزة، نظم الإطار النسوي لحركة الجهاد الإسلامي وقفة، تنديداً بـ"جريمة الاعتداء" على نساء الخليل. وقالت متحدثة الإطار النسوي بالحركة إن الحادثة لن تمر مرور الكرام "وكلنا ثقة في المقاومة التي لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الحادثة البشعة".
واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الحادثة تصعيداً خطيراً، مؤكدة أن كل هذه الجرائم والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال ستسقط أمام صمود وإصرار الشعب الفلسطيني وضربات المقاومة.
بدورها، قالت مجموعة "عرين الأسود" إنها ستثأر لهؤلاء الحرائر، وأكدت في بيان أنها ستخرج لجيش الاحتلال من حيث لا يحتسب.
كما دعت حركة الجهاد الإسلامي أهالي الخليل وغيرها من المدن الفلسطينية إلى "تصعيد المواجهة مع الاحتلال انتقاماً للحرائر اللواتي وقع بحقهنّ هذا الانتهاك الخطير".
وقالت كتائب "الشهيد أبو علي مصطفى" الجناح المسلح للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن التعدي على النساء بالخليل "جريمة كبيرة لن تمر دون عقاب".
تفاصيل مؤلمة لجريمة الاحتلال بحق نساء فلسطينيات
في حين روت 3 نساء فلسطينيات تفاصيل اقتحام جنود إسرائيليين لمنازلهن بالخليل جنوبي الضفة الغربية وإجبارهن على الخضوع لتفتيش جسدي وهن عاريات أمام مجندات إسرائيليات تحت تهديد الكلاب.
وقدمت ديالا عجلوني (24 عاماً) وأمل عجلوني (21 عاماً) وزينب عجلوني (17 عاماً)، شهاداتهن لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" (خاص) عن الواقعة التي حدثت في 10 يوليو/تموز 2023 وطالت 4 نساء وفتاة.
فور نشرها الإثنين على صحيفة "هآرتس" العبرية، أثارت الحادثة ردود فعل غاضبة، حيث أدانتها جهات فلسطينية رسمية ونقابية وفصائلية.
وندد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية، الثلاثاء، في بيان وصل الأناضول "ما كشفت عنه منظمات حقوقية إسرائيلية بقيام جنود الاحتلال بارتكاب انتهاكات فظيعة بحق نسائنا". ووصف إشتية الاعتداءات بـ"المشينة"، داعياً دول العالم إلى "إدانتها، وتقديم الجناة للعدالة الدولية".
تفاصيل الحادثة المؤلمة
وفي شهادتها قالت أمل عجلوني: "أمرتني الجندية بأن أخلع ثيابي وأتعرّى. بدأت بخلع ثياب الصلاة والقلادة التي كانت حول رقبتي. أصدرت بعض الضجيج ففكّت الجندية حزام الكلب فاقترب مني حتى ملامستي تقريباً".
وأضافت: "كان هذا مرعباً لي وللأولاد فصرخنا جميعاً. توسلت إلى الجندية أن تبعد الكلب وقلت لها إننا نخاف من الكلاب. قلت لها إنه ليس هنالك أي شيء على جسمي وأنا ثيابي خفيفة جداً ولا مبرر لخلع ملابسي الداخلية. توسلت إليها أن لا تجبرني على فعل ذلك أمام الأولاد لكنها هددت بإفلات الكلب".
وتابعت: "لم يكن أمامي خيار آخر فخلعت كل شيء وأنا أبكي. أمرتني الجندية بالالتفاف بينما كان أطفالي ينظرون إلي ولم يتوقفوا عن البكاء. كانوا يرتجفون من الخوف".
وأردفت: "لا أستطيع نسيان ما حدث. التفتيش والإذلال اللذين عشتهما أمام الجنديتين والعجز والخجل اللذين شعرت بهما أمام أولادي".
أما ديالا عجلوني، فقالت في شهادتها: "كان في الغرفة جنديّتان ملثّمتان وكانتا تمسكان بكلب ضخم. من شدّة الخوف تشبّثتُ بالباب. حاولتُ الخروج فصرختا عليّ وأمرتاني بالتوقّف. قلتُ لهما إنّني خائفة من الكلب لكنّهما أمرتاني بخلع جميع ملابسي".
وأضافت: "رفضتُ القيام بذلك فهدّدتني إحدى الجنديّتين بإفلات الكلب إذا لم أُطِعْها. لم يكن لديّ خيار، فخلعتُ كلّ ثيابي، بما في ذلك الملابس الداخليّة. أمرتني الجنديّة بالالتفاف أمامهما، ففعلْتُ".
وتابعت: "كان هذا الأمر مُذِلاً ومهيناً. بدأتُ أبكي ثمّ أمرتاني بارتداء ملابسي وأعادني بعض الجنود إلى الغرفة مع جميع النساء".
بدورها قالت زينب العجلوني في شهادتها: "أمرتني المجندتان أن أخلع ملابسي. رفضت فهددتني إحداهما صارخة بأنها ستطلق الكلب نحوي. سمعت صوت ديالا تقول لي إن عليّ تنفيذ ما تقوله المجندة فخلعت الطبقة الخارجية من ملابسي. أمرتني المجندة أن أخلع ما تبقى من الملابس فخلعتها وأنا أبكي وبتّ عارية تماماً".
وأضافت: "كان الأمر مهيناً ومذلاً. سمحت لي المجندة لاحقاً أن أرتدي ملابسي. دخل عدد من الجنود إلى غرفة التفتيش حيث المجندتان وأعادوني إلى غرفة الضيوف ثم اقتادوا روان زوجة زكريا للتفتيش وتركوا أطفالها يبكون ويصرخون".
التهديد بالكلاب
وقالت منظمة "بتسيلم" الحقوقية في روايتها لتفاصيل الحادث، إنه "في يوم الإثنين 10 يوليو/تموز نحو الساعة 1:30 (بالتوقيت المحلي) قبل الفجر، اقتحم عشرات الجنود الملثمين، مع الكلاب، منازل عائلة عجلوني الموسعة في حي خلة القبة في جنوب مدينة الخليل".
وأضافت: "هدد الجنود بأسلحتهم أفراد العائلة الـ26 الذين كانوا في المنازل في تلك الأثناء وحبسوهم في إحدى الشقق. وخلال ذلك، كبّلوا أيدي ثلاثة من أفراد العائلة، من بينهم فتى (17 سنة) وغطوا أعينهم واقتادوهم إلى شقة أخرى".
وتابعت: "ثم فصل الجنود من تبقى من الرجال عن النساء والأطفال، الذين كانوا محتجَزين في غرفة الاستقبال، وأجروا على أجسادهم تفتيشاً في غرفة منفردة".
وذكرت "بتسيلم" أنه "بعد ذلك، اقتاد الجنود إحدى النساء إلى غرفة كان ينام فيها أولادها (4 -7 سنوات) فاستيقظ الأولاد مذعورين، بينما منعت جنديتان ملثمتان الأمّ من الاقتراب من أولادها وهددتاها بالكلب الذي كانتا تمسكان به إذا لم تخلع ثيابها كلياً أمامهما".
وقالت: "هكذا اضطرت الأم إلى خلع ثيابها والاستدارة أمامهما وهي عارية تماماً، على مرأى من أولادها المرعوبين". وأضاف: "وبعد أن ارتدت ثيابها، نقل الجنود الأولاد إلى غرفة الاستقبال بينما اقتادوا ثلاث نساء أخريات وفتاة (17 سنة) للتفتيش الجسدي وهن عراة". وتابعت: "وتدريجياً، قام الجنود بفصل جميع الأولاد الـ13 (3 أشهر ـ 14 سنة) عن أمهاتهم واحتجزوهم في غرفة الاستقبال لأكثر من عشرين دقيقة، تحت الحراسة".
حبس أفراد من العائلة
أشارت "بتسيلم" إلى أنه "حوالي الساعة 5:30 (بالتوقيت المحلي) غادر الجنود المكان وعندئذ عثر السكان على اثنين من أبناء العائلة محبوسين في غرفة في إحدى الشقق وأيديهما مكبلة وأعينهما مغطّاة".
وقالت: "لم يتم العثور على حربي عجلوني (37 عاماً) في الشقة واكتشفت زوجته ديالا عجلوني (24 عاماً) لاحقاً أن الجنود اعتقلوه واقتادوه معهم إلى سجن عوفر (وسط الضفة) بشبهة حيازة السلاح، تم تمديد اعتقاله 35 يوماً ثم 40 يوماً أخرى".
وأضافت: "واكتشف السكان أيضاً أن الجنود سرقوا من المنازل مجوهرات ذهبية بوزن 150 غراماً و2,000 شيقل (العملة الإسرائيلية) نقداً".
ولفتت إلى أنه "في اليوم نفسه، قدم السكان شكوى في شرطة كريات أربع (مستوطنة على أراضي الخليل) وفي اليوم التالي أعيدت إليهم المجوهرات الذهبية التي سرقها الجنود بذريعة أنهم أخذوها بالخطأ".
ونقلت المنظمة عن الجيش الإسرائيلي قوله: "تم العثور على سلاح في منزل عائلة عجلوني". وقالت "بتسيلم": "لكن ليس في هذا الادعاء ما يمكن أن يبرر، ولو بالحد الأدنى، العنف الذي استخدمه الجنود والجنديات في تلك الليلة، المس الذي لا يُحتمل بالنساء والرعب الذي عاشه الأطفال وباقي سكان المنزل".
وأضافت: "اقتحامات الجنود والكلاب لمنازل الفلسطينيين في الساعات المتأخرة من الليل، مع نشر الرعب في نفوس السكان، وخاصة الأطفال، هي أعمال تخريب".
وتابعت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية: "الإذلال والصدمة، أصبحت منذ زمن بعيد جزءاً من الروتين العنيف الذي يُنتجه نظام الأبارتهايد (الفصل العنصري) في الضفة الغربية، وسط تجاهل تام لكرامة السكان، سلامة أجسادهم وحياتهم، بمن فيهم الأطفال الصغار".