يتعرض إيمانويل ماكرون لضغوط من اليمين السياسي الفرنسي لإجراء استفتاء حول الهجرة، بعد أن وعد الرئيس بـ"تخفيض كبير" في أعداد المهاجرين ووصف المستوى الحالي بأنه "غير مستدام"، حسبما قالت صحيفة Telegraph البريطانية، الأحد 3 سبتمبر/أيلول 2023.
وسعى ماكرون إلى تجنب الانتقادات الموجهة إليه بأنه يحكم بإملاءات من الإليزيه من خلال اقتراح سلسلة من التصويتات العامة حول مواضيع ذات أهمية وطنية، ولن تكون هذه التصويتات، أو الاستفتاءات، ملزمةً قانوناً، ولكنها ستوجه سياسات حكومته.
واستشعر جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الفرصة وأرسل الأسبوع الماضي رسالةً رسمية إلى ماكرون يطالب فيها بطرح مسألة الهجرة لتصويت رسمي وملزم.
وفي الرسالة، يصف بارديلا الوضع في فرنسا بأنه عاجل ويدعو إلى اتباع نهج متشدد تجاه سياسات الهجرة في البلاد من أجل استعادة السيطرة و"استعادة سلطة الدولة وحماية الهوية الفرنسية".
وقال بارديلا إن التصويت يجب أن يستمر في يوم الانتخابات الأوروبية في 9 يونيو/حزيران 2024.
الاستفتاء يعود للواجهة
وجعلت مارين لوبان، الزعيمة السابقة لحزب التجمع الوطني، الاستفتاء على الهجرة أحد العناصر الرئيسية في حملتها الرئاسية في عام 2022.
لكن القضية اندلعت مرة أخرى في أعقاب أعمال الشغب التي شهدتها فرنسا هذا الصيف، حيث ادعت لوبان أن فرنسا تعاني من "هجرة فوضوية تماماً".
اتخذ ماكرون موقفاً متشدداً ضد مثيري الشغب، لكن حكومته اعترضت على توصيف لوبان للقضية، زاعماً أن 10% فقط من المشاركين كانوا من مواليد الخارج.
وأثار برونو ريتيللو، رئيس المجموعة المحافظة التي تهيمن على مجلس الشيوخ الفرنسي، جدلاً من خلال ربط الهجرة بأعمال الشغب، وهو الموقف الذي كان يُنظر إليه سابقاً على أنه حكرٌ على اليمين المتشدد الذي تنتمي إليه لوبان.
ووفقاً لمكتب الإحصاء الوطني "إنسي"، فإن 10% من سكان فرنسا مولودون في الخارج، مع وجود سبعة ملايين مهاجر يعيشون داخل حدودها في عام 2022. ونسبة المهاجرين إلى سكانها أقل بكثير من المتوسط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وفي مقابلة مع صحيفة Le Point الفرنسية، قال ماكرون إن فرنسا "ليست مثقلة" بالهجرة، لكنه قال إنه يريد تقليل الأعداد. وقال إن أولويته الأولى هي الحد من الهجرة غير الشرعية، لكن سيجري ذلك إلى جانب مساعدة المهاجرين الحاليين على الاندماج في المجتمع الفرنسي.
لكن الرئيس استبعد إجراء استفتاء حول هذا الموضوع، مدعياً أنه سيكون غير دستوري.
وتنص المادة الـ11 من الدستور الفرنسي على أن الاستفتاءات يجب ألا تنتهك الدستور الذي يضمن حق اللجوء.
للتغلب على هذه العقبة الدستورية، دعا إريك سيوتي، زعيم الحزب الجمهوري المحافظ، إلى إجراء استفتاء على الاستفتاء. أي إجراء استفتاء على تغيير الدستور، تمهيداً لاستفتاء آخر حول الهجرة.
أثار كل من بارديلا وتشيوتي مسألة إجراء استفتاء على الهجرة خلال اجتماع مع الرئيس الأسبوع الماضي، عندما عقد ماكرون جلسةً مغلقة ماراثونية مدتها 12 ساعة مع زعماء المعارضة بهدف إيجاد بعض التوافق وسط أزمة جمود برلماني، وأعرب كلاهما عن خيبة أمله إزاء رد ماكرون.
ويأتي الحجم المتزايد للنقاش حول الهجرة في الوقت الذي تبدأ فيه الدورة البرلمانية الجديدة هذا الخريف بدراسة مشروع قانون الهجرة الذي قدمته الحكومة، والذي من شأنه أن يسرع من طرد المهاجرين غير الشرعيين ويمنح تصاريح خاصة للعاملين في الصناعات التي تواجه نقصاً في العمالة.