انتقدت إسرائيل بشدة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، هذا الأسبوع، بسبب خططها لتصنيف تل السلطان أو ما يُعرف بمدينة أريحا القديمة موقعاً للتراث العالمي الفلسطيني، بحسب صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية، الأحد 3 سبتمبر/أيلول 2023.
ووفقاً للصحيفة الإسرائيلية، فإنه من المتوقع أن تعلن منظمة اليونسكو خلال مؤتمر سوف يعقد بعد نحو أسبوعين في السعودية، أن تل السلطان (أريحا)، موقع للتراث العالمي في فلسطين.
ووجه عضو الكنيست الإسرائيلي، دان إيلوز، رسالةً إلى الأمينة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، دعا فيها إلى إلغاء التصويت، بزعم أن هذا يعد تدخلاً سافراً من قِبل المنظمة في صراع معقد، وأن القرارات السابقة التي طالت مدينة الخليل والحرم القدسي أضرت بالعلاقات بين اليونسكو وإسرائيل.
وانتقد دان إيلوز (الليكود) القرار قائلاً: "أريحا هي أولاً وقبل كل شيء مدينة بارزة في الكتاب المقدس".
وأضاف إيلوز: "إن طلب السلطة الفلسطينية يذكر هذه الأهمية التاريخية، لكنه يقوضها على أساس أنها كاذبة من الناحية الأثرية. وهذه ليست إهانة لليهود فحسب، بل أيضاً إهانة للمسيحيين في جميع أنحاء العالم، الذين يعجبون بالموقع لتاريخه التوراتي".
وتابع: "يجب على اليونسكو الاعتراف بالتاريخ القديم لأرض إسرائيل، والحفاظ عليه، وتجنب تشويهه لأغراض سياسية، إن مثل هذه الأعمال تضر بمصداقية المنظمة ورسالتها أكثر مما تضر بدولة إسرائيل".
وزاد: "تعمل السلطة الفلسطينية بشكل منهجي على محو جميع روابط الشعب اليهودي بأرض إسرائيل".
وفي وقت سابق، قال مدير عام التراث العالمي في وزارة السياحة الفلسطينية، أحمد الرجوب، إن اختيار تل السلطان لإدراجه في التراث العالمي يعود لتاريخه وموقعه الجغرافي، اللذين يمتلكان استراتيجية فريدة نابعة من موقعه القريب من عين السلطان، والتي تشكل أساس وجود مدينة أريحا، وبداية الحياة البشرية خلال الفترة الناطوفية قبل ظهور النباتات قبل حوالي ١٠٥٠٠ عام.
الرجوب أوضح أيضاً أن الأهمية التراثية والتاريخية لتل السلطان تتجلى في تميزه، كأقدم مدينة زراعية مسوّرة في العالم، تاريخها يمتد لأكثر من 8 آلاف عام، وهي تمثل نموذجاً معمارياً فريداً في العصور القديمة.
ويحتوي تل السلطان على 29 طبقة لحضارات قديمة ومبانٍ معمارية مهمة، منها المبنى الدائري "البرج"، الذي يعتبر منجزاً معمارياً فريداً، حيث يضم درَجاً داخلياً منحوتاً من الحجر، وفقاً للرجوب، مشيراً إلى أنه يحتوي أيضاً على ممر بعرض 3 أمتار، وتم تشييد سور يحيط بالمدينة وخندق بعمق 3 أمتار، وتحتضن المدينة نظاماً اجتماعياً واقتصادياً مزدهراً.
كما أكد الرجوب أن وزارة السياحة قد أعدت ملفاً تراثياً فلسطينياً لتل السلطان، بالتعاون مع خبراء من وزارة السياحة، وآخرين فلسطينيين ودوليين، وتم تقديمه إلى اليونسكو للتسجيل.
وعن أهمية تسجيل تل السلطان في قائمة التراث العالمي، أكد الرجوب أنه يعتبر حماية للهوية والرواية الفلسطينية، وسيُسهم في تعزيز الجوانب الاقتصادية والسياحية للمنطقة، وسيعزز مكانة فلسطين في العالم، كما أن تسجيله على لائحة التراث سيزيد عدد الزوار والسائحين إليه خلال السنوات القادمة، وسيحقق الرؤية الطموحة لتطوير الموقع وتسجيله كموقع تراثي عالمي، ما سيسهم في إبراز التراث الفلسطيني وتعزيز التنمية المستدامة في المنطقة.
تاريخياً، كان أول موقع فلسطيني يتم تسجيله في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، هو البلدة القديمة وأسوار القدس، وذلك من قبل المملكة الأردنية الهاشمية في عام 1982.
وفي السنوات التالية، بالتحديد مع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية، تم تسجيل العديد من المواقع المهمة في قائمة التراث العالمي، ومنها كنيسة المهد ومسار الحجاج عام 2012، وفلسطين أرض الزيتون والعنب عام 2014، والمشهد الثقافي لمدرجات جنوب القدس- بتير، في العام ذاته، وأخيراً تم تسجيل البلدة القديمة في الخليل في عام 2017.
ورغم هذه الجهود للحفاظ على هذه المواقع الثقافية المهمة، فإنها جميعها تم تسجيلها في قائمة "تحت الخطر".
وهذا يعكس التهديدات المستمرة التي تواجهها هذه المواقع من جانب الإسرائيليين، والتي تؤثر على استقرارها وحمايتها.