نشرت الجريدة الرسمية في فرنسا، الأحد 27 أغسطس/آب 2023 مرسوماً يقضي بتسهيل الوصول بشكل أكبر إلى أرشيفها المرتبط بحرب الجزائر، وذلك بإتاحة الاطلاع على ملفات لقاصرين، وذلك وفق تقرير نشرته وكالة فرانس برس الأحد 27 أغسطس/آب 2023.
بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مارس/آذار 2021 تسهيل الوصول إلى الأرشيف السري، فتحت فرنسا في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه أرشيفها المتعلق بالقضايا القانونية وتحقيقات الشرطة في الجزائر خلال حربها والممتد بين الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1954 و31 ديسمبر/كانون الأول 1966.
صعوبات للحصول على أرشيف فرنسا بخصوص حرب الجزائر
لكن عملياً يبقى الوصول إلى هذه الوثائق "صعباً جداً" بالنسبة للعائلات والباحثين، حسبما كتب المؤرخ مارك أندريه في صحيفة "لوموند" في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وإحدى العقبات الرئيسية أمام الاطلاع على الأرشيف تتعلق بعدم فتح الملفات المتعلقة بمن تقل أعمارهم عن 21 عاماً بسبب التشريعات حينذاك، وهي ملفات كانت لا تزال مشمولة بفترة سرية الأرشيف البالغة مئة عام. وتسبب هذا القيد، إضافة إلى العديد من القيود الأخرى، بـ"إغلاق غالبية الملفات"، وفق المؤرخ.
وأضاف في نصه في صحيفة لوموند: "تؤدي هذه الإدارة البيروقراطية إلى تجاهل واقع حرب خاضها شباب. وينطبق هذا أيضاً على المهاجرين الجزائريين إلى فرنسا والمقاومين والشبكات الحضرية والسجون، إذ كانت أعمار العديد من الانفصاليين ومؤيديهم والمتمردين والمجندين تناهز 20 عاماً عند انضمامهم".
وتابع أندريه، الذي تناولت وسائل إعلام جزائرية انتقاداته: "كانوا بالغين بما يكفي في تلك الفترة لتُقطع رؤوسهم، لكنهم أصبحوا اليوم قاصرين بما يكفي لتُقصى ملفاتهم من الاستثناء العام".
إلغاء استثناءات فرنسية
يلغي المرسوم الجديد بتاريخ 25 أغسطس/آب 2023 والذي نُشر الأحد، الاستثناء الذي يطال الملفات المتعلقة بقاصرين.
غير أن الملفات التي ينتهك نشرها "خصوصية الحياة الجنسية للأشخاص أو سلامة الأشخاص المذكورة أسماؤهم أو الذين يمكن التعرّف عليهم بسهولة وشاركوا في أنشطة استخباراتية"، تبقى سرية.
ويندرج هذا التسهيل الجديد في إطار سياسة تهدئة اعتمدها ماكرون خلال ولايته الأولى، بعد توصيات تضمنها تقرير للمؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا حول صراع الذاكرة بين الجزائر وفرنسا فيما يتعلق بالماضي الاستعماري. لكن العلاقة بين فرنسا والجزائر لا تزال صعبة ومعقدة.
قرار إيجابي
يذكر أنه في وقت سابق، وصف مستشار الرئيس الجزائري عبد المجيد شيخي قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إتاحة الاطلاع على الأرشيف السري ووثائق الحرب الجزائرية بالإيجابي.
وقال شيخي إنه قرار "جيد وإيجابي جداً"، معتبراً أن الأمر يمثل انفتاحاً إذا أرفق بمتابعة تسمح بتطبيقه بشكل واسع وتتيح للباحثين الجزائريين خاصة الاطلاع على تلك الوثائق.
وذكر شيخي أن هذا القرار يأتي رداً على "مبادرات الأسرة الجامعية الفرنسية التي أرسلت عرائض للرئيس الفرنسي، مطالبة إياه بفتح الأرشيف، ورفع العراقيل التي وضعت بخصوص ما يسمونه سرية الدفاع".
كان ماكرون، قرر تسهيل الوصول إلى محتويات الأرشيف السري الذي يزيد عمره عن خمسين عاماً ومن ضمنه وثائق الحرب الجزائرية، وذلك عملاً بتوصيات المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، الذي عمل على تقرير حول ذاكرة الحرب الجزائرية وقدمه إلى ماكرون في العشرين من يناير/كانون الثاني الماضي وأوصى بإرسال إشارات تهدئة إلى الجزائر.
وتطالب الجزائر باريس منذ سنوات بفتح محفوظات الاستعمار الفرنسي وتسوية قضية المفقودين في حرب الاستقلال، فضلاً عن التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.