تراجع المجلس العسكري الحاكم في النيجر عن تأكيد صحة وثيقة أمهلت سفراء الولايات المتحدة وألمانيا ونيجيريا 48 ساعة لمغادرة البلاد، مساء الجمعة 25 أغسطس/آب 2023، بعد مطالبته للسفير الفرنسي بالمغادرة، في تطور ردّت عليه باريس وقالت إنها لا تعترف بسلطة الانقلابيين، بينما أكدت أمريكا أن ميامي لم تطلب من السفيرة الأمريكية مغادرة البلاد.
وكالة الصحافة الفرنسية ذكرت أن مطالبة المجلس العسكري بالنيجر سفراء هذه الدول بالمغادرة استندت لوثيقة زائفة، مشيرة إلى أن هذا المجلس كان أكد لها في وقت سابق صحة هذه الوثيقة قبل أن يتراجع عن ذلك.
في السياق، نفت وزارة خارجية النيجر مطالبتها سفراء ألمانيا ونيجيريا والولايات المتحدة بمغادرة البلاد. وقالت إن سفير فرنسا وحده هو من طلبت منه المغادرة.
وكان المجلس العسكري أمهل السفير الفرنسي سيلفان إيت 48 ساعة لمغادرة البلاد، بسبب رفضه الاستجابة لدعوة الخارجية النيجرية إلى "إجراء مقابلة" يوم الجمعة، وما وصفه بتصرفات أخرى من حكومة باريس تتعارض مع مصالح نيامي.
فرنسا تعلق
وفي أول رد على هذا الطلب، أكدت الخارجية الفرنسية تبليغها به، ولكنها أوضحت أنها لا تعترف بالانقلابيين، واعتماد السفير لا يأتي إلا من السلطات النيجرية الشرعية المنتخبة. وأضافت "نقوم باستمرار بتقييم الظروف الأمنية والتشغيلية لسفارتنا".
ويطالب المجلس العسكري الانقلابي باريس بعدم التدخل في سياساته الداخلية، ويتهم حكومة الرئيس المعزول محمد بازوم بأنها تابعة سياسياً للإرادة الفرنسية، التي تمثل القوة الاستعمارية السابقة في النيجر.
كما يتهم الانقلابيون باريس بأنها المحرّض الأبرز على التوجه نحو التدخل عسكرياً من قبل المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس" لإعادة بازوم إلى السلطة، ودفعها لفرض عقوبات على نيامي، فيما تسعى أطراف دولية أخرى أبرزها الولايات المتحدة لتكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمة.
أمريكا تؤكد عدم مطالبتها بالمغادرة
بينما قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن وزارة خارجية النيجر أبلغت الحكومة الأمريكية بأن صور الرسائل المتداولة عبر الإنترنت، والتي تدعو إلى مغادرة بعض الدبلوماسيين الأمريكيين لم تصدرها الوزارة. مضيفاً: "لم يتم تقديم مثل هذا الطلب إلى الحكومة الأمريكية".
وتبذل الولايات المتحدة جهوداً للتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة، التي اندلعت في 26 يوليو/تموز، عندما استولى ضباط من جيش النيجر على السلطة، وأطاحوا بالرئيس محمد بازوم ووضعوه قيد الإقامة الجبرية.
كانت السفيرة الأمريكية الجديدة إلى النيجر كاثلين فيتزجيبونس قد وصلت إلى العاصمة نيامي في وقت سابق هذا الشهر لتولي منصبها.
في غضون ذلك، أوضحت قناة الجزيرة أن قائد أركان جيش النيجر وقّع مذكرة داخلية، توصي بوضع أفراد الجيش في حالة تأهب قصوى.
إيكواس تجدد طلبها للانقلابيين
يأتي ذلك، بينما جددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، دعوتها للمجلس العسكري في النيجر إلى التخلي عن خططه لفترة انتقاليةٍ مدتها 3 سنوات، وتصفها بأنها "غير مقبولة".
وقالت "إيكواس" في بيان إنه "لا خطة لدينا لاستخدام القوة، ونعتزم انتهاج كل السبل لاستعادة النظام الدستوري بالنيجر"، مضيفة: "لم يفُت الأوان بعد ليعيد المجلس العسكري بالنيجر النظر في موقفه ويرجع إلى ثكناته فوراً".
وتحاول "إيكواس" التفاوض مع قادة الانقلاب، لكنها نوهت إلى أنها مستعدة لإرسال قوات إلى النيجر لاستعادة النظام الدستوري إذا فشلت الجهود الدبلوماسية.
تفويض عسكري
وفي وقت سابق لهذه التحذيرات، فوّض قائد الانقلاب الجنرال عبد الرحمن تياني قوات مالي وبوركينا فاسو بالتدخل، في حال تعرض بلاده لهجوم.
وقال وزراء خارجية الدول الثلاث، الخميس، إنهم اجتمعوا في العاصمة النيجرية نيامي؛ لبحث تعزيز التعاون في مجال الأمن والقضايا المشتركة الأخرى.
وقال البيان إن الوزراء رحبوا بتوقيع قائد المجلس العسكري في النيجر، الجنرال عبد الرحمن تياني، يوم الخميس، على أمرين "يسمحان لقوات الدفاع والأمن في بوركينا فاسو ومالي بالتدخل في أراضي النيجر في حالة وقوع هجوم".
وأضاف أن "الوزيرين البوركيني والمالي أكدا رفضهما التدخل المسلح ضد شعب النيجر، والذي سيعتبر بمثابة إعلان حرب".