توصل تحليل جديد أجرته منظمة Debt Justice وشركاؤها، إلى أن الدول الغنية ومؤسسات الإقراض الخاصة، تحاصر البلدان المثقلة بالديون، وتدفعها إلى الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي يلعب دوراً كبيراً في تلوث الهواء، والذي يدعو خبراء عالميون إلى التقليل من استخراجه بسبب آثاره السيئة على المناخ والحرارة.
صحيفة The Guardian البريطانية ذكرت، الإثنين 21 أغسطس/آب 2023، أن تحليل المنظمة أشار إلى أن ضغوط سداد الديون تجبر الدول الفقيرة على مواصلة الاستثمار في مشاريع الوقود الأحفوري، لسداد ما يكون عادة قروضاً من الدول الغنية والمؤسسات المالية.
المنظمة طالبت الدائنين بإلغاء جميع ديون البلدان التي تواجه أزمات، وخاصة تلك المرتبطة بمشاريع الوقود الأحفوري، فمع دور حرق الوقود الأحفوريّ في تلوث الهواء، صارت هذه الصناعة المسؤولة الرئيسية عن خُمس وفيات العالم المعروفة، ومجموعة كبيرة من الأمراض والمشاكل الصحية المتنوعة.
لفت تقرير المنظمة إلى زيادة الديون المستحقة على دول الجنوب العالمي بنسبة 150% منذ عام 2011، إذ تعاني 54 دولة من أزمة ديون، وتنفق على سدادها 5 أضعاف ما تنفقه على معالجة أزمة المناخ.
دانييل ريبيرو، منسق برنامج الحملة البيئية في موزمبيق Justiça Ambiental، قال إن ديون البلاد ضاعفتها القروض التي أُخذت دون إذن البرلمان من بنوك في لندن عام 2013، بناءً على توقعات الأرباح من اكتشافات حقول الغاز.
لفت ريبيرو إلى أن موزمبيق وقعت في أزمة ديون حين انخفضت أسعار النفط والغاز في الفترة من 2014-2016، لكن الحلول التي عرضتها جهات الإقراض الدولية لإنقاذ البلاد اعتمدت على سداد القروض من عائدات الغاز المستقبلية.
أضاف ريبيرو أن "الديون الناجمة عن أزمة الوقود الأحفوري تجري هيكلتها بحيث تُسدد من خلال الوقود الأحفوري، وهذا يعزز حلقة مفرغة من الاضطرار إلى الاستمرار في هذه الصناعة؛ لأن الرغبة في التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري لها عواقب وخيمة".
كذلك واجهت سورينام وضعاً مماثلاً بعد تخلفها عن سداد ديونها، حين وافقت عام 2020 على صفقة تمنح الدائنين الحق فيما يقرب من 30% من عائدات النفط في سورينام حتى عام 2050.
بدوره، قالت شاردا غانغا، مديرة منظمة المجتمع المدني في سورينام "بروجكتا": "ديوننا أصبحت غير مستدامة، ولذلك تهيمن على جميع قرارات السياسة، وتؤثر على حياة مواطنينا بكل الطرق. ولذلك، تحول كسب المال في أسرع وقت ممكن لسداد الديون لأولوية قصوى. وهذا يعني أنه لم يعد هناك مجال للصبر وهذه الأشياء المزعجة مثل الاستدامة أو العدالة المناخية".
أضافت غانغا أن "الحقيقة هي أن هذا هو الشكل الجديد للاستعمار، استبدلنا بحاكم واحد حُكم دائنين يمتلكون ما هو لنا أساساً. والفارق هذه المرة أننا وقّعنا على هذه الصفقة بأنفسنا".
وقال لياندرو غوميز، وهو ناشط في مجال الاستثمار والحقوق في مؤسسة البيئة والموارد الطبيعية (فارن) في الأرجنتين، إن "البلاد جُردت من سيادتها اللازمة للتحول عن الوقود الأحفوري، واضطُرت لدعم شركات الوقود الأحفوري، وتشجيع مشاريع التكسير الهيدروليكي وإلغاء مشاريع الطاقة المتجددة".
بحسب تقرير منظمة Debt Justice أيضاً، فإن الكثير من البلدان المتأثرة بأزمة المناخ بحاجة إلى مزيد من المنح للإنفاق على آثار تغير المناخ، حيث تضطر دول كثيرة إلى ديون أخرى لدفع تكاليف الإصلاحات بعد الأعاصير والفيضانات.
الجزء الأكبر من المساعدات المالية البالغة 10 مليارات دولار المقدمة لباكستان بعد فيضانات العام الماضي كانت في شكل قروض، في حين ارتفعت حصة ديون دومينيكا من الناتج المحلي الإجمالي من 68% إلى 78% بعد إعصار ماريا عام 2017.
في هذا الصدد، قالت ماي بوينافينتورا، من حركة الشعوب الآسيوية للديون والتنمية: "نشأت أزمات المناخ والديون من النظام نفسه الذي يعتمد على انتزاع الشمال العالمي المستمر للموارد البشرية والاقتصادية والبيئية لتغذية الدافع للربح والجشع"، وقالت إن إلغاء الديون أقل ما يمكن أن تفعله الدول الغنية وجهات الإقراض.