تسبب مقترح الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا عبر إجراء استفتاء في مناطق الصراع موجة من الانتقادات في كييف وباريس، بل اعتبر سياسيون وخبراء أن مواقفه "مخزية".
وانتقد ساركوزي، في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، الأربعاء 16 أغسطس/آب 2023، كل خيارات السلطات الفرنسية التي أعقبت ولايته، من ملفات الهجرة إلى الاضطرابات في الضواحي، ومن الساحل إلى أوكرانيا.
وأظهر ساركوزي معارضته لسياسات الخارجية الفرنسية من خلال الدفاع عن "حل وسط" مع موسكو، حتى لو حصل ذلك على حساب شبه جزيرة القرم، التي رأى بشأنها أن "أي عودة إلى ما كانت عليه الأمور هو وهم".
وقال إن "الأوكرانيين… يرغبون في استعادة ما سلب منهم ظلماً. لكن إذا لم يتمكنوا من تحقيق ذلك بالكامل، فسيكون الاختيار بين نزاع مجمّد، أو اتخاذ المسار السريع بإجراء استفتاءات تحت إشراف صارم من المجتمع الدولي".
كما اعتبر ساركوزي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "ليس غير عقلاني" ويمكن لأوروبا التواصل معه باتباع أسلوب دبلوماسي مناسب، وأشار إلى غزو روسيا لجورجيا عام 2008 وأنه تمكن حينها من "إقناع (بوتين) بسحب دباباته"، مضيفاً أن "روسيا هي جارة أوروبا وستبقى كذلك، الدبلوماسية والنقاشات والمحادثات تبقى السبيل الوحيد لإيجاد حل مقبول. لا شيء ممكناً بدون حل وسط".
وشدّد ساركوزي على ضرورة أن تظل أوكرانيا "محايدة" وعدم انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو).
"منطق إجرامي"
يأتي هذا بينما قوبلت تصريحات الرئيس الفرنسي الأسبق بردٍّ فوري من كييف، إذ اعتبر مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك، أنها تستند إلى "منطق إجرامي"، متهماً ساركوزي "بالضلوع في جريمة الاستيلاء على أراضي أوكرانيا"، بعد إقرار الأخير بأن القرم أرض روسية ولن تعود لأوكرانيا أبداً.
وكتب ميخايلو بودولياك على منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "يجب ألا تتكرر تجربة ساركوزي، حيث شارك بشكل واعٍ في تواطؤ إجرامي كان هدفه استيلاء روسيا على الأراضي الأوكرانية، ثم تنظيم عملية إبادة جماعية واسعة النطاق والحرب" في أوكرانيا.
انتقادات فرنسية
وسرعان ما انهالت الانتقادات على ساركوزي من فرنسا، حيث قال النائب البارز عن حزب الخضر جوليان بايو، لتلفزيون "إل سي إي"، إن نيكولا ساركوزي "يجب أن يُعتبر مؤثِّراً روسيّاً"، معتبراً أنه أدلى في مقابلته الصحفية بتصريحات "صادمة"، مشيراً إلى التحقيق الجاري في علاقات ساركوزي بشركة تأمين روسية للاشتباه في استغلال النفوذ وإخفاء جرائم.
بدوره، قال جيروم بوارو مستشار شؤون الاستخبارات السابق لساركوزي، للتلفزيون، إن تصريحات الرئيس الأسبق "مخزية"، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.
وأضاف أنه "ليس لديه أي منظور لما حدث أو ما فعله" خلال ولايته بين 2007-2012، مشيراً إلى أن ساركوزي كان أحد الأصوات الرئيسية المعارضة لانضمام جورجيا وأوكرانيا إلى الناتو عام 2008، الأمر الذي لم يمنع غزو روسيا لاحقاً لكلا البلدين.
وتساءل: "ما هي الخطوط الحمراء للرئيس ساركوزي؟ ما هي رؤيته لأمن فرنسا؟ مجرد الاستسلام لكل ما يريده فلاديمير بوتين؟".
وعلقت روسيا على كلام ساركوزي بنبرة مختلفة، حيث أشاد الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، بـ"تصريحات شجاعة ومنصفة".