رغم أن ظاهرة رفض الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي مستمرة منذ عدة أسابيع، عقب إقرار الحكومة لبعض بنود التعديلات القانونية، لكنها أخذت أبعاداً متصاعدة عقب اللقاء العاصف الذي عقده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هآرتسي هاليفي وكبار ضباطه المساعدين في مقر هيئة الأركان.
وشهد اللقاء "صراخاً عنيفاً" من نتنياهو تجاه رئيس الأركان، واتهمه بـ"تسييس" الجيش، من خلال التصريحات المتتالية عن تراجع جاهزيته للحرب القادمة عقب تصاعد رفض الجنود الذهاب إلى قواعدهم العسكرية.
وأعلن 10 آلاف عسكري من قوات الاحتياط التابعة للجيش الإسرائيلي أنهم سيمتنعون عن أداء الخدمة العسكرية، ويشمل ذلك أعضاء القوة الجوية، البالغ عددهم 1194 فرداً، بينهم مئات الطيارين.
ويقترب عدد جنود الجيش النظاميين من 177 ألفاً، فيما يصل عدد جنود الاحتياط إلى 445 ألفاً، بميزانية تبلغ 70 مليار شيكل، مما يجعلها الميزانية العسكرية الـ14 على مستوى العالم.
في الوقت ذاته، أصدر قائد سلاح الجو، الجنرال تومار بار، تحذيرات بشأن تراجع كفاءة الطيارين، بعد رفض المئات منهم الانخراط في التدريبات القتالية في مدارس الطيران.
ومن جهتهم، أصدر قادة أجهزة الموساد والشاباك والمشاة والسايبر والمخابرات تحذيرات، عن عدم جاهزيتهم لأي مواجهة عسكرية قادمة، بسبب تضاعف أعداد الرافضين لحضور القواعد العسكرية.
من خلال هذا التقرير سيرصد "عربي بوست" التراجع الحاصل في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، والسيناريوهات التي يمكن أن تحصل داخل الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى الخيارات التي أمام نتنياهو لإنهاء تمرد الجيش العسكري عليه.
تراجع الطيران
فيما تدخل الاحتجاجات الإسرائيلية على خطة الحكومة لإضعاف نظام القضاء شهرها الثامن على التوالي، فقد امتدت إلى صفوف الجيش، بصورة غير مسبوقة، مما أدى لموجة من التهديدات من قبل جنود الاحتياط بوقف التطوع.
ونفذ جنود الاحتياط تهديداتهم بالفعل، بما فيها الأسلحة الجوية والبرية والبحرية والاستخباراتية، مما يستدعي تحليلاً لمدى ملاءمة الجيش الإسرائيلي للحرب على كل المستويات، وفي جميع الوحدات القتالية.
مع العلم أن القوة الجوية هي الأكثر تضرراً من هذه الاحتجاجات، لأن مقر العمليات في سلاح الجو يقترب من حالة الشلل في مراحل جمع المعلومات الاستخبارية، وتحديد مواقع الأهداف، والتخطيط لها، ومهاجمتها.
وأعلن المئات من القوة الجوية عدم عودتهم للخدمة حتى إشعار آخر، مما قد يسفر عن أن يكون سلاح الجو مشلولاً بطريقة تمنعه من مهاجمة آلاف الأهداف يومياً، وفي الوقت الفعلي.
وهناك خوف من أن يؤدي العبء لمشاكل تتعلق بسلامة الطيران لدرجة وقوع الحوادث، لأن جودة التدريب تتعرض للخطر لعدم وجود بديل من ذوي الأقدمية والخبرة للطيارين، والخشية أنه بعد بضعة أشهر ستنخفض القدرة التشغيلية للطيارين، ومستوى استعدادهم بنسبة عشرات في المائة.
من الواضح أن الأضرار الإسرائيلية المترتبة على القوات الجوية يتعلق بتماسكها، وسمعتها، وردعها ضد الدول والمنظمات المعادية، وفي الأشهر الستة الماضية تعرضت لضربات، وتضررت سمعتها.
لكن المشكلة الأكثر خطورة هي عدم تماسك الجيش الإسرائيلي، مع التركيز على التوتر بين الأطقم الجوية في الاحتياطيات والأطقم الأرضية، وهذه إصابة سيكون من الصعب إصلاحها لسنوات عديدة.
تزعزع المشاة
شعبة الاستخبارات، خصوصاً الوحدة 8200 النوعية، المكلفة بجمع أكبر معلومات استخباراتية، تأثرت هي الأخرى بالاحتجاجات، مما أثار مخاوف رئيسية لكبار المسؤولين في هيئة أركان الجيش.
وهناك تخوف من تراجع نشاط الشعبة العملياتي، واستعدادها للحرب، وسط تأكيدات أنه يوجد داخل الوحدة عدد كبير من مراكز المعرفة التي سيكون من الصعب جداً العمل بدونها، مما يعني تراكم الأضرار التي ستلحق بأداء التشكيل الأمني.
سلاح المشاة هو الآخر لم يسلم من الأضرار السلبية، وسط تراجع جنود الاحتياط عن الذهاب على نطاق واسع إلى قواعدهم العسكرية، وتزايد حوادث الرفض والاستفزازات والاحتجاجات أثناء التدريبات والأنشطة التدريبية والعملياتية.
ويؤكد ضباط كبار في الذراع البرية أنهم "لا يرون حضوراً مرتفعاً لأيام التدريب على خدمة الاحتياط، مما سيضرّ بتوظيفه التشغيلي، ويؤثر سلباً على تعزيز تماسكه".
اللافت أن هذه المعطيات على خطورتها يواجهها المستوى السياسي الإسرائيلي بحالة من تجاهل تداعياتها السلبية على الجيش الإسرائيلي والأمن، ويرفض معظم الوزراء الاستماع للجنرالات.
ويحذّر الجنرالات مما يواجهه الجيش الإسرائيلي من صعوبات ستعيق تصدّيه للحرب القادمة في الشمال وغزة، لأن التدريبات ستكون فارغة، وسيحضر 60-70% من الجنود في أحسن الأحوال، مما يعني أن كفاءة الجيش باتت منخفضة المستوى.
التهرّب الخفي
تؤكد التطورات أن الأزمة تتدفق بشكل دائم ومنتظم داخل صفوف الجيش، وسيكون تهرّب خفي في أوساط الجنود من مختلف الأسلحة والوحدات القتالية.
في المقابل يقتنع العديد من كبار الجنرالات أن الجيش لا يزال قادراً على تنفيذ مهامه، ولكن أقل من ذي قبل، حيث تضرر التماسك بشكل كبير، مقدّرين أن الجيش لن يكون هو نفسه، حتى لو عاد جميع الجنود لقواعدهم؛ لأن هناك أضراراً بالتشكيلات الإضافية والمقار والقوات.
تتوافق المعلومات بأن كفاءة قوات الجيش تضرّرت بشكل كبير، وقد بات مفهوماً أنها بأكملها تمرّ باضطراب كبير، وهي أمام اتجاه خطير فعلي، وقد يكون غير مسبوق.
الجيش في أزمة، وقد تتفاقم، إذا استمرت التعديلات القانونية للحكومة، مما سيكشف عن مزيد من الفجوة البشرية، عقب استنكاف الآلاف من أفضل العناصر النظاميين للتشكيلات القتالية والتكنولوجية، وانخفاض بنسبة عشرات بالمائة من تراجع دوافع الخدمة العسكرية، لاسيما في الكتائب القتالية، ووحدة 8200، والفرق السيبرانية.
جديد التراجع في مكانة الجيش الإسرائيلي وكفاءته، تلك الاتهامات التي وجهها الطيارون لقائد الجيش هآرتسي هاليفي، ووزير الأمن يوآف غالانت، بأنهما يكذبان حين يزعمان عدم تضرر كفاءته، لاسيما بعد اجتماع جمعهما مع أعضاء لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، وامتناع قادته عن تزويد أعضاء الكنيست بمعلومات معمقة حول التصدع الحاصل في القوات، ربما خوفاً من تسريبها من قبل السياسيين.
صحيح أن الجيش قد يكون جاهزاً للحرب، لكن هناك ضرراً خطيراً يتزايد في العلاقات بين مختلف التشكيلات والقوات، فعدد الطيارين والضباط الذين أعلنوا استنكافهم زاد عن الآلاف، ومنهم عدد كبير من في مناصب رئيسية.
هذه الأرقام تعني الوصول إلى حالة قد لا يكون فيها قائد سلاح الجو قادراً على حماية الدولة، بطريقة تذكّر الاسرائيليين بـ"الرضا المضلل عن الذات" الذي سبق انتكاسة حرب 1973، بسبب أزمة الثقة الأكثر إثارة للقلق من فقدان اللياقة للحرب، والخشية من أن يصل الضرر إلى كفاءة الدقة الصاروخية الخاصة بسلاح المدفعية.
هناك مئات الضباط الذين يخدمون بأدوار تشغيلية مزدوجة، في الإنترنت والفرز والتدريب، أعلنوا أنهم لن يأتوا بعد الآن، مما يعنى عدم القدرة على تحديد مكان المتميزين لدورات النخبة بجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، التي يتم فيها تطوير النخبة والقدرات التكنولوجية الأكثر أهمية في الجيش، حيث يتغيب خريجو الدورات في تشكيلات الغواصات، مما سيؤدي إلى تعطيل قدرة البحرية على اختيار الأفضل للأساطيل المختلفة.
ردود غاضبة
شهدت الساحة السياسية والعسكرية الإسرائيلية صدور العديد من ردود الفعل على تضرر كفاءة الجيش بسبب استنكاف الضباط والجنود، وهو ما اعترف به الجنرال نمرود شيفر، الرئيس السابق لشعبة التخطيط في الجيش.
وقال المتحدث إن "ترميم الجيش الإسرائيلي سيستغرق سنوات عديدة لاستعادة الثقة في صانعي القرار، على اعتبار أن الخرق بات فظيعاً، لأن اللياقة البدنية للجنود تعرضت للضرر، وما عبر عنه قادة في الجيش يعبر عن محنة شديدة للغاية بسبب إضعاف قواته، وضعف دراماتيكي".
وأضاف "صحيح أنه يمكن استعادة الكفاءة الفنية بسرعة نسبية، لكنه لن يمنع التدهور أيضاً بمرور الوقت، فالجيش متردد جداً في قول ذلك بهذه المفردات القاسية، لكني أقولها بألم شديد".
داني ياتوم، الرئيس السابق لجهاز الموساد، أكد أن "الهيئات الأمنية والعسكرية: الشاباك والموساد والجيش، لن تقدر على القيام بمهامها وأنشطتها في مثل هذا النظام السياسي المضطرب، خاصة ما يحدث في الشوارع، لأنه يتغلغل في المجتمع، ويؤثر في الخطاب المستمر.
وأشار المتحدث إلى أن "من يخدمون بهذه الأجهزة لديهم عدد غير قليل من الأسئلة دون إجابات واضحة، حتى إن غالانت وزير الأمن لا يمكنه التعايش مع هذه التطورات التي تترك تأثيراتها السلبية للغاية على الجيش، ويجب عليه التوقف عن هذه اللعبة، عليه أن يستقيل".
نداف أرغمان، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام- الشاباك، بدوره أكد أن "الانقلاب القضائي الذي ينفذه نتنياهو كفيل بإلحاق الضرر بكفاءة الجيش الإسرائيلي، وإذا تم تمرير تشريعه الرهيب والمريع، فنحن دولة مختلفة، وحينها لا يتعيّن علينا الامتثال للعقد مع الحكومة".
أما الجنرال يعكوب عميدرور، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، فأشار إلى "أخطاء جسيمة ارتُكبت فيما يتعلق بالإصلاح القانوني، لكن رفض الخدمة العسكرية يفكك البنية التحتية التي أقمنا عليها الدولة، وتحدّ من القدرة على الدفاع عنها".
أكثر من ذلك، فقد بعث سلسلة من رؤساء الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية السابقين برسالة لنتنياهو، اتهموه فيها بالإضرار بأمن الدولة بشكل قاتل، وأعلنوا دعمهم للجنود المستنكفين عن الخدمة العسكرية، واعتبروه المسؤول المباشر عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالجيش وأمن الدولة.
وفي الرسالة نفسها اتهموا الحكومة تحت قيادة نتنياهو بتقديم الانقلاب القضائي وتجاهل الضرر اللاحق بالمجتمع، معتبرين أن الانقلاب القانوني ينتهك العقد الاجتماعي القائم منذ 75 عاماً بين الحكومة وآلاف القادة والجنود من الأسلحة البرية والجوية والبحرية والمخابراتية الذين تطوعوا لسنوات عديدة للدفاع عن الدولة.
وضمّت قائمة الموقعين عشرات الجنرالات، أبرزهم: إيهود باراك، موشيه يعلون، دان حالوتس، أفرايم هاليفي، شبتاي شافيت، داني ياتوم، تامير باردو، كرمي غيلون، يوفال ديسكين، نداف أرغمان، نمرود شيفر.
أيضاً وقّع على الرسالة كل من أهارون زئيفي فركش، دان هارئيل، داني روتشيلد، أوري ساغيه، عاموس غلعاد، عوفر ديكل، عاموس يادلين، تال روسو، عاموس مالكا، يسرائيل زيف، عوزي أراد، عمرام متسناع، ماتان فيلنائي، يائير غولان، آيال آيزنبرغ.
ما الذي يمكن أن يقوم به الجيش الإسرائيلي؟
لم يصل الجنود والضباط الإسرائيليين لمستوى الذروة في احتجاجاتهم ضد الانقلاب الذي ينفذه نتنياهو، فما زال في جعبتهم العديد من الخطط البديلة التي قد تجبره على التراجع عن مخططه هذا، في ضوء التجارب التاريخية التي خاضوها في سنوات وعقود سابقة ضد المستوى السياسي للدولة.
لعل أهم هذه التجارب الاحتجاجية التي أعلنها الجيش الإسرائيلي بدأت ضد حرب لبنان الأولى 1982، وتوريط رئيس الحكومة الراحل أريئيل شارون للجيش في المستنقع اللبناني، ونشوء حركات "أمهات بالسواد".
ثم في انتفاضة الحجارة 1987، وتنفيذ الحكومة لسياسة "القبضة الحديدية" ضد راشقي الحجارة الفلسطينيين من الفتيان والأطفال، وصولاً الى الاحتجاج على خطة الحكومة بالانسحاب من قطاع غزة في 2005 التي شهدت حالة أشبه ما يكون بالتمرد على قرارات الحكومة ضد هذه الخطوة.
من الخيارات المتاحة أمام الجنود والضباط رافضي التعديلات القانونية توسيع رقعة المؤيدين لهم من كبار الجنرالات السابقين في الجيش الإسرائيلي، من خلال جمع المزيد من التواقيع والعرائض الرافضة لخطة نتنياهو، كونهم يمثلون ثقلاً في الساحة الإسرائيلية، ولديهم تأثير لا تخطئه العين على صناع القرار في الدولة.
خطوة أخرى يستعد الجنود لتنفيذها في الفترة القادمة، تتمثل في حثّ زملائهم في الخدمة النظامية على الاستنكاف عن الذهاب لقواعدهم العسكرية، بعد تزايد أعداد جنود وضباط الاحتياط، مما سيشكل ضربة قاصمة للمؤسسة العسكرية برمّتها.
ويقترب الاحتجاج في هذه الحالة من "اللحم الحيّ"، وسيؤثر بصورة لن تستطيع الحكومة غضّ الطرف عنها، صحيح أن الجيش في هذه الحالة سيستخدم العقوبات المنصوص عليها في القانون، لكن وصول الاحتجاج إلى البنية الصلبة من جنوده النظاميين يعني وصول النزاع الداخلي إلى خط اللارجعة.
ولا يستبعد أنصار الاحتجاج الإسرائيلي على خطة نتنياهو اللجوء إلى تجنيد عائلات الجنود من الأمهات والأطفال والأهالي الذين سيطالبون أبناءهم بعدم الذهاب إلى قواعدهم العسكرية لخدمة حكومة يقودها عدد من الوزراء الفاشيين.
مما يعني توسيع رقعة المؤيدين للاحتجاج، وممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة ورئيسها، لأننا نتحدث عن عشرات الآلاف من الأهالي الذين يخشون على أبنائهم في الخدمة العسكرية.
استقالة الضباط
هناك سيناريو يتعزز مع مرور الوقت، ويتعلق بإمكانية إقدام عدد من كبار الضباط في قيادة الجيش الإسرائيلي على الاستقالة، والحديث يدور تحديداً عن رئيس الأركان شخصياً، الجندي الأول في الدولة، هآرتسي هاليفي.
ويتعرض هاليفي لضغوط كبيرة من المعارضة، وعدد من كبار مساعديه، برفض الانصياع لمطالب نتنياهو بكبح جماح ظاهرة التمرد الحاصلة في صفوف الجيش، لاسيما بعد أن تطاول عليه ابن نتنياهو، يائير، بوصفه "الجنرال الأكثر فشلاً في تاريخ الدولة".
أما البديل الأصعب على نتنياهو فيتمثل في إقدامه، مضطراً، على إقالة وزير الجيش يوآف غالانت، الذي بدأ يتململ من جديد رافضاً المخطط القانوني للحكومة، استمراراً لموقف سابق أعلنه في مارس، مما دفع رئيسه لإقالته، ثم اضطراره لإعادته تحت ضغط واشنطن.
ورغم ذلك، فإن علاقاتهما لم تعد كما كانت، بل بقي رئيس الحكومة ودائرته الضيقة يتوجسون قلقاً من الوزير غير المنسجم كليّاً مع الانقلاب القضائي الجاري، مما كشف عن عدم التجانس داخل الائتلاف الحكومي.
غالانت يبدي عناداً لافتاً أمام نتنياهو، الذي استطاع إخضاع وترويض بقية خصومه داخل الليكود، إما إقصاءً عن مواقع النفوذ والسلطة، وإما إغواءً لهم بمنحهم مواقع وزارية ونيابية مغرية.
لكن غالانت، ابن المؤسسة العسكرية، لا يزال يظهر ولاءَه لها، ويستمع على مدار الساعة لجنرالات هيئة الأركان، ويلتقي بأسلافِه السابقين في هذا الموقع، ومعظمهم يبدون قلقهم من تبعات الانقلاب على الجيش الإسرائيلي، مما يثير مخاوف نتنياهو من تخلي غالانت عن مبادئه الأيديولوجية، وتأييده الحراك الحاصل داخل الوحدات العسكرية المختلفة.
خيارات نتنياهو
مقابل البدائل التي يستعرضها معارضو الانقلاب القانوني الذي يسعى نتنياهو لتنفيذه، فإن الأخير يشعر أن الخناق يضيق عليه مع مرور الوقت، وفي حال تم تنفيذ أي من الخيارات السابقة، فإن ذلك يضع مزيدا من الأعباء على كاهله، مما يجعله يبحث فيما تبقى له من بدائل تضيق أكثر فأكثر يوماً بعد يوم.
من هذه البدائل أن يقدم نتنياهو، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، أن يختار قائداً جديداً للجيش، بدلاً عن هاليفي في حال واصل احتجاجه على ما يحصل، مع أن جعبة نتنياهو ليس فيها الكثير من الأسماء المرشحة لشغل هذا المنصب الحساس، لكن أي قائد جديد للجيش قد لا يكون منسجماً مع باقي هيئة أركانه التي لا تخفي رغبتها بعدم موافقتها للانقلاب الجاري.
بديل آخر يتمثل في إقدام نتنياهو من جديد على إقالة غالانت، ويبقى هو محتفظاً بهذه الحقيبة العسكرية، كما حصل عدة مرات في حكوماته السابقة، أو يعين وزيراً آخر، وهناك مرشحون مقربون له مثل آفي ديختر وزير الزراعة الحالي، ووزير التعليم يوآف كيش، ووزير الصناعة نير بركات، الذين لا يخفون تطلعهم لهذا المنصب.
هذه الخيارات الآنية قد لا تحول دون إقدام نتنياهو في لحظة ما على إعادة التفكير مجدداً في مخططه القانوني، من خلال إعادة التموضع من جديد، بحيث يفسح المجال لمزيد من التفاوض مع المعارضة، لتخفيف حدة الضغط الممارس على الجيش.
مع أن واحداً من المحددات الأساسية الكفيلة بإشعال مزيد من انخراط الجيش الإسرائيلي في أتون هذه المعركة هو استعداد الائتلاف اليميني لإقرار قانون التجنيد في أكتوبر القادم الذي ينص على إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية، وفي هذه الحالة سيكون نتنياهو أمام تحدٍّ جديد مع جيشه الذي يخشى التصدع والتفكك!