أكدّ عضو المجلسين الوطني والمركزي الفلسطيني هيثم زعيتر، في حوار خاص لـ"عربي بوست"، أنّ هناك أطرافاً "داخلية وخارجية" تسعى لإنهاء دور قوات الأمن الفلسطيني في عين الحلوة والمخيمات الفلسطينية الأخرى، مشيراً إلى أنّ هناك مساعي لفرض بدائل متعددة تحت تسميات عدة، منها "الشرطة المجتمعية" لحفظ الأمن في المخيمات.
ولا يدخل الجيش اللبناني أو القوى الأمنية اللبنانية إلى المخيمات الفلسطينية، بموجب اتفاقات ضمنية سابقة، تاركين مهمة حفظ الأمن فيها للفلسطينيين أنفسهم داخلها، لكن الجيش يفرض إجراءات مشددة حولها.
وأكد زعيتر أنّ زيارة رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، اللواء ماجد فرج، إلى لبنان شابتها "الكثير من التأويلات والفبركات"، بأنّه خطط لما جرى في مخيم عين الحلوة، "لكن الوقائع تثبت عكس ذلك"، مشيراً إلى أنّ زيارته "جاءت بدعوة رسمية من مدير مخابرات الجيش اللبناني العميد الركن طوني قهوجي، خلال لقائهما في مؤتمر دولي لرؤساء ومديري أجهزة المخابرات".
وحصلت الزيارة الإثنين، 24 يوليو/تموز 2023، وأمضى اللواء ماجد فرج أقل من 24 ساعة في بيروت لاضطراره إلى الالتحاق بالوفد الذي يرأسه رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في زيارته الرسمية إلى تركيا، ولقاء رئيس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكشف زعيتر عن أنّ اللواء فرج لم يلتقِ رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، ولا المسؤولين الفلسطينيين في لبنان، وأن ما جرى تسريبه عن لقاء جمعه بقائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا العميد محمد حسن العرموشي، "غير صحيح".
جاء ذلك في إجابته عن سؤال متعلق بالاتهامات بحق رئيس المخابرات الفلسطينية، ماجد فرج، بالربط بين زيارته وتفجر الأوضاع في مخيم عين الحلوة.
ولا يزال الترقب سيد الموقف بمخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان، وذلك بعد نحو أسبوعين من وقف إطلاق النار عقب معارك مسلحة أسفرت عن مقتل 14 شخصاً وإصابة أكثر من 60 آخرين.
إلى نص المقابلة:
كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن مساعٍ من أطراف داخلية أو خارجية لإنهاء دور قوات الأمن الوطني الفلسطيني في المخيمات وصنع بديل آخر يتسلم الأمن في المخيمات، كيف ترون مثل هذا الأمر؟
منذ فترة طويلة هناك من يسعى إلى إنهاء دور قوات الأمن الوطني الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية في لبنان، والبحث عن أطر بديلة لتسليم الأمن في المخيمات، وذلك لأسباب متعددة في طليعتها استهداف العمود الفقري لمنتسبي منظمة التحرير الفلسطينية، والبحث عن تسميات متعددة منها "الشرطة المجتمعية"، وغيرها من الأسماء لحفظ الأمن في المخيمات، والتي من دون شك لن يكون باستطاعتها تحقيق ذلك.
بل هذا يؤدي إلى انتشار مزيد من المسلحين بمسميات متعددة، ففي ظل وجود قوات الأمن الوطني الفلسطيني هناك استهداف دائم من مجموعات داخل المخيمات، منها ما هو خارج عن القانون، والبعض الآخر من متشددين أو تكفيريين، وصولاً إلى عناصر إرهابية، وبينها من وصل إلى مخيم عين الحلوة من خارج لبنان، بعدما كانوا قد غادروه منذ سنوات عدة.
محاولة إلغاء قوات الأمن الوطني الفلسطيني تحقق أهداف أطراف داخلية فلسطينية وأخرى خارجية، تتضرر من حفظ الأمن والاستقرار في المخيمات.
كيف تردون على الاتهامات بحق رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج والقيادة الفلسطينية التي تسعى للربط بين زيارته وتفجر الأوضاع في مخيم عين الحلوة، وأنّ هناك أيادي إسرائيلية وراء ما حدث؟
كثرت بعد زيارة رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، اللواء ماجد فرج، إلى لبنان التأويلات والتحليلات والاستنتاجات والفبركات، من أنّه خطط لما جرى في مخيم عين الحلوة.
لكن الوقائع تثبت عكس ذلك كلياً، فقد جاءت زيارة اللواء ماجد فرج إلى لبنان تلبية لدعوة رسمية من مدير مخابرات الجيش اللبناني اللواء الركن طوني قهوجي، خلال لقائهما في مؤتمر دولي لرؤساء ومديري أجهزة المخابرات.
حصلت الزيارة يوم الإثنين، 24 يوليو/تموز 2023، وأمضى اللواء ماجد فرج أقل من 24 ساعة في بيروت لاضطراره إلى الالتحاق بالوفد الذي يرأسه رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في زيارته الرسمية إلى تركيا ولقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ولم يلتق اللواء فرج رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي كما جرى الترويج له، بل التقى إضافة إلى العميد الركن قهوجي مدير عام الأمن العام اللبناني بالإنابة اللواء إلياس بيسري، وسفير دولة فلسطين لدى لبنان أشرف دبور.
كذلك لم يلتقِ اللواء فرج بأي من المسؤولين الفلسطينيين، وما جرى تسريبه عن لقاء جمعه بقائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا العميد محمد حسن العرموشي "أبو شرف"، وما جرى خلاله غير صحيح، لأنّ مثل الاجتماع لم يحصل، وبالتالي، فإنّ زيارة اللواء فرج وُضعت في إطارها بتحضير مسبق.
ودحضاً للشائعات، فإنّ قائد قوات الأمن الفلسطيني في منطقة صيدا العميد أبو أشرف العرموشي، هو رأس القوة العسكرية في مخيم عين الحلوة ومنطقة صيدا، بالتالي هو من سيقود أي مهمة يكلف بها من القيادة الفلسطينية، فكيف يتم تشويه الحقيقة بأنّها تقف خلف اغتياله؟
لا شكّ أنّ التجارب أثبتت أنّ العديد من الأحداث التي تحصل على الساحة اللبنانية، ومن ضمنها المخيمات، فيها أيادٍ تعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية، سواء أكان يدري هؤلاء ما يقومون به من أعمال أو لا يدرون، ولكنهم في النهاية يحققون مصلحة المحتل الإسرائيلي، الذي يسعى إلى بثّ الفتنة وزعزعة الأمن في المخيمات.
ما تقييمكم لزيارة عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمركزية لحركة فتح، المشرف على الساحة اللبنانية، ولقائه مؤخراً بقيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وقيادة حركة فتح في لبنان وأمناء سر المناطق التنظيمية، وقيادة قوات الأمن الوطني الفلسطيني والقيادة العسكرية في لبنان، وما أسباب هذه الزيارة؟
زيارة عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمركزية لحركة فتح، عزام الأحمد، هي دورية إلى لبنان، بوصفه مشرفاً عاماً على الساحة الفلسطينية في لبنان، وهي من صلب مسؤولياته، بالتالي هو على تواصل دائم مع سفير دولة فلسطين لدى لبنان أشرف دبور، وأمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العرادات، والقيادات الفلسطينية واللبنانية، لهذا فإنّ هذا الزيارة في إطارها الطبيعي.
في الزيارة الأخيرة لعزام الأحمد، التقى قيادات حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقادة المناطق في قوات الأمن الفلسطيني، وجرى التطرق إلى الأوضاع كافة، وبينها التطورات والأحداث التي شهدها مخيم عين الحلوة، وضرورة العمل على التصدي لمحاولات زعزعة الأمن والاستقرار وتفويت الفرصة على من يسعى إلى ذلك لضرب العلاقات اللبنانية-الفلسطينية التي تعمدت بالدماء بمواجهة المحتل الإسرائيلي، وبالاحتضان اللبناني لقضية الفلسطينية.
كما أنّ هذه اللقاءات شملت عدداً من المسؤولين اللبنانيين في طليعتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، وعدد من المسؤولين اللبنانيين.
هدنة عين الحلوة هل ستستمر، وهل ستكون ثابتة فعلياً أم أنّ هناك عقبات من الممكن أن تجعل هذه الهدنة على "كف عفريت"؟
المطلوب أن يكون هناك وضع دائم في مخيم عين الحلوة، لا هدنة فقط، لأنّ معنى الهدنة أنّها مؤقتة، وما يؤدي إلى تثبيت الأمن والاستقرار في المخيم جملة من العوامل حتى لا تكون الأوضاع على كفّ عفريت، وتحت مزاجية بعض الأشخاص الذين يقومون بأعمال فردية أو ضمن مجموعات ما يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، من خلال عمليات الاغتيال وإطلاق النار بشكل غير مسؤول، وما يشجعهم على القيام بذلك عدم المحاسبة، وربما إيجادهم حماية من بعض الأطراف التي تعلن أنّها مع رفع الغطاء السياسي عن أي مخل للأمن، وعند المطالبة بذلك، فإنّها تحاول إيجاد المبررات والأسباب المتعددة لذلك.
المطلوب استكمال باقي خطوات الاتفاق بعدما جرى وقف إطلاق النار وسحب جزء من المسلحين، فيما تواصل عناصر المجموعات المتشددة والتكفيرية القيام بتحصينات في حي الطوارئ عند المدخل الشمالي لمخيم عين الحلوة، وضرورة تسهيل عمل لجنة التحقيق المشكلة من هيئة العمل الوطني الفلسطيني بالتنسيق مع الأطراف والجهات اللبنانية ومواصلة عملها بخضوع جميع من يتم استدعائهم للتحقيق، قبل اتخاذ قرار بتسليم المتهمين والجناة إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية وإحالتهم على القضاء اللبناني المختص، وكذلك العمل على سرعة إنجاز ملف الإغاثة وإعادة التعويض للأهالي، خاصة أنّ الإحصائيات الأولية تشير إلى أنّ الأضرار التي وقعت جراء الاشتباكات تفوق 15 مليون دولار أمريكي لهذا يجب التنسيق بين الجهات اللبنانية والفلسطينية، من أجل توحيد الجهد في إطار الإغاثة والتعويض.
كيف سيتم التعامل مع ملف من شاركوا في قتل أبو أشرف العرموشي، في ظل اختلاط الأوراق، ومع آخر التحقيقات التي توصلت إليها الجهات الأمنية واللجنة التي تتابع القضية؟
هذا الموضوع نقطة مهمة تواجه لجنة التحقيق وهيئة العمل الفلسطيني المشترك بضرورة خضوع من هو مطلوب إلى الاستجواب، ومن ثمّ الانصياع لتسليمه إلى الجهات الأمنية اللبنانية، خاصة أنّ أسماء من نفذ جريمة اغتيال العميد العرموشي واضحة، لكن هل يتم تسليم الجناة؟
خاصة أنّ الكثير منهم متهمون ومشاركون ومنفذون لعملية اغتيالات وتصفيات وتوتيرات داخل مخيم عين الحلوة في الفترة السابقة.
وتوصلت لجنة التحقيقات إلى تكوين صورة مهمة عما جرى من خلال معاينتها مكان كمين اغتيال العميد العرموشي ومقتل عبد الرحمن صديق فرهود، والدخول إلى بعض المناطق التي شهدت اشتباكات وكونت صورة عما جرى، بانتظار استكمال باقي الخطوات لوضع تقريرها النهائي حول حقيقة ما جرى ورفعها إلى القيادة السياسية الفلسطينية، لاتخاذ القرارات المناسبة بشأن المشاركين في جرائم الاغتيال والقتل والتفجير والتوتير داخل مخيم عين الحلوة.
ما طبيعة خطة هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان بعد أحداث مخيم عين الحلوة؟
تواصل هيئة العمل الفلسطيني المشترك اجتماعاتها ولقاءاتها التقييمية لمراحل ما أنجز، والعمل على أكثر من صعيد، ومنع عودة أي توتير أو أي اقتتال داخل المخيم، ومع الجوار والتواصل مع الأطراف اللبنانية على مختلف مستوياتها وفئاتها من أجل تنسيق المواقف، لكنّ هيئة العمل الفلسطيني المشترك أمامها مسؤوليات جسام، وعلى كاهلها أعباء عدة تتعلق بالتزام جميع القوى بالمساعدة لمثول من يتم طلبهم إلى لجنة التحقيق، ومن تثبت إدانته للضغط لأجل تسليمه إلى الجهات الأمنية اللبنانية ليصار إلى محاكمته، خاصة أنّ ما تمّ هو جرائم موصوفة ومخطط لها مسبقاً.
هل هناك "أيادٍ خفية إسرائيلية" حيال الأحداث في مخيم عين الحلوة؟
أشرنا إلى أنّ المستفيد مما يجري في مخيم عين الحلوة وغيره من المخيمات وأماكن الوجود الفلسطيني من اقتتال أو اشتباك أو توتير هو المحتل الإسرائيلي، الذي يسعى إلى تغذية مثل ذلك.
كيف سيتم التعامل مع المجموعات المتشددة (جند الشام، والشباب المسلم)؟ وهل التعامل مع هذا الملف البالغ الحساسية يمكن أن يكون عبر المنافذ السياسية، أم أنّ هناك وسائل أخرى؟
بشأن كيفية التعامل مع المجموعات المتشددة (جند الشام، والشباب المسلم)، فهناك أكثر من وسيلة بينها الضغط السياسي من قبل مختلف الفرقاء الفلسطينيين، حتى لا تلجأ العائلات إلى الأخذ بالثأر فيما بينها، بالتالي نعود إلى دوامة القتل واستباحة القتل المضاد.
وهنا أشير إلى حذف اسم "عصبة الأنصار" من المجموعات المتشددة، لأنّها خارج هذا الإطار، وفي إطار هيئة العمل الوطني الفلسطيني.
لو تحدثنا عن طبيعة الاختراقات التي تتم في المخيمات الفلسطينية، خاصة في مخيم عين الحلوة، من قِبل مجموعات متشددة، ما الجهات التي تتبعها وتمولها، ومن المستفيد الأكبر من الدفع بمثل هذه المجموعات؟
المجموعات والمسميات المتعددة داخل مخيم عين الحلوة تلتقي فيما بينها على الرغم من تناقضاتها على نقطة مهمة، وهي كيفية التصدي لقوات الأمن الوطني الفلسطيني، ومحاولة السيطرة على مخيم عين الحلوة، وتحويله إلى بؤر ومربعات متعددة.
المؤسف أنّ أفراد هذه المجموعات لا يجدون قوت يوم عائلاتهم، فكيف يتمكنون من الحصول على الأسلحة والذخائر والقذائف والصواريخ المتعددة والمتنوعة، ما يؤكدّ أنّ هناك جهات تعمل على تمويلها وتأمين الدعم المالي واللوجيستي والبشري والغطاء السياسي لها، لأنّها تهدف من خلف دعمها لهذه المجموعات إلى محاولة إضعاف قوات الأمن الوطني الفلسطيني لغايات وأهداف متعددة.
كيف سيتم التعامل مع ملف المجموعات المتشددة العائدة من سوريا، متأثرة بتنظيمات وأفكار وعناوين متشددة؟
الكثير من أفراد المجموعات التي شاركت في الاعتداء على قوات الأمن الوطني الفلسطيني في مخيم الحلوة كان من بين أفرادها عائدون من سوريا، قاتلوا هناك تحت ما عُرف بمجموعات "إرهابية"، وعندما عادوا إلى مخيم عين الحلوة واعتدوا على قوات الأمن الوطني الفلسطيني، ينطبق عليهم التصنيف ذاته أي إنّهم "مجموعات إرهابية"، خلافاً لما يسعى البعض إلى سحب هذه الصبغة عنهم.
علماً بأنّ هناك الكثير ممن شاركوا لا يلتزمون الأفكار العقائدية "الداعشية المتطرفة"، بل بعضهم يتعاطون المخدرات، والتقوا في إطار واحد هو مواجهة قوات الأمن الوطني الفلسطيني بعناوينهم المتعددة.
البعض ممن شارك في فلك المجموعات "التكفيرية الإرهابية" مغرر بهم، لأنّهم استخدموا في هذه المعركة بعدما أصبحوا مطاردين ومطلوبين بفعل قيامهم بجرائم قتل أو إطلاق نار. واستغلت هذه المجموعات هذه الحالات للاستفادة منها، والإيحاء بأنّه إذا ما تمكنت قوات الأمن الوطني الفلسطيني من السيطرة على كامل عين الحلوة يعني أنّ هؤلاء الأشخاص سيتم توقيفهم وتسليمهم إلى الجهات اللبنانية المعنية، لهذا تكاتفوا فيما بينهم.
ما مساعي حزب الله وحركة أمل في تطويق أزمة مخيم عين الحلوة، وهل هناك تواصل مع الفصائل الفلسطينية والقيادة الفلسطينية لتطويق الخلافات والمشكلات في المخيم؟
الأطراف اللبنانية السياسية والروحية والرسمية والأمنية والعسكرية والحزبية دون استثناء، شاركت في الاتصالات من أجل العمل على وقف إطلاق النار داخل مخيم عين الحلوة، وللعمل على تنفيذ بنود ما تمّ الاتفاق عليه.
لكنّ هذه القوى، وإن نجحت جميعها بوقف إطلاق النار، يبقى المطلوب هو الضغط على المجموعات الإرهابية بتسليم المجرمين باغتيال العميد العرموشي، حتى لا يستمروا في غيهم، وقيامهم بعمليات القتل والاغتيال والتوتير.
يجب ألا يجدوا الحماية في كل مرة، ما يزيد من الجرائم. وكثير منهم وجدوا حماية عندما ارتكبوا جرائم قتل، بينما عدد ممن ارتكب الجرائم تمّ تسليمه إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية، ويحاكم لدى القضاء اللبناني.
ندرك أنّ ما جرى في مخيم عين الحلوة لم يكن بريئاً، بل كان الأمر مخططاً له في التوقيت والأسلوب، فقد كان هناك كمين اغتيال محكم وشخصية المستهدف هي العميد العرموشي، ووجدنا أيضاً محاولات استهداف لمراكز الجيش اللبناني، إذ أصيب 5 عناصر منه، لكن توجيهات قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون كانت واضحة، بتفويت الفرصة على من يسعى إلى زج الجيش اللبناني في أتون معركة لا يريدها.
أيضاً هناك استهداف متعمد لمدينة صيدا، التي تساقطت عليها القذائف والرصاص بشكل كبير جداً، لتأليب المدينة وأهلها الذين احتضنوا القضية الفلسطينية منذ ما قبل نكبة فلسطين، واستمروا مناضلين وحاضنين لها في الظروف كافة.
هذه المعطيات كافة تؤكدّ أنّ ما جرى مخطط له، ويحمل أهدافاً متعددة، بينها داخلية لخطف مخيم عين الحلوة وتحويله إلى مأوى للإرهابيين، وتفجير الساحة اللبنانية انطلاقً مما جرى.
وأيضاً هي رسالة إلى الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الذين كانوا يلتقون في مصر، ويعقدون اجتماعاً برئاسة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بأنّه حتى الحوار نفسه بين الفصائل الفلسطينية مرفوض، والوحدة ممنوعة.
هذا يؤكدّ أنّ المحتل الإسرائيلي هو المستفيد الأول من كل ما يجري، وإن كان العنوان والاستخدام هو لأدوات تكفيرية، لكن تتحقق أهدافه وغاياته في محاولة شطب قضية اللاجئين، خاصة أنّ مخيم عين الحلوة يشكل أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان التواقة للعودة إلى أرض الوطن.
وثبت بشكل ملموس، أنّ ما جرى في مخيم عين الحلوة لم يكن اقتتالاً فلسطينياً-فلسطينياً، بل كان محاولة مجموعة متشددة خطف المخيم والاعتداء على قوات الأمن الوطني الفلسطيني التي تصدت لها وأفشلت هذا المخطط.
المطلوب هو سحب فتائل التفجير حتى لا يعود هؤلاء إلى تحريك الجمر الذي ما زال تحت الرماد، ويساهمون بتوتير الأوضاع وتفجيرها واضطرار المئات من أهلنا النزوح إلى خارج المخيمات.
يشار إلى أن اشتباكات مسلحة اندلعت في 29 يوليو/تموز بين قوات "الأمن الوطني الفلسطيني" التابعة لحركة فتح ومجموعات "إسلامية" مسلحة على خلفية إطلاق نار استهدف أحد القياديين الإسلاميين في حينه.
واستمرت المواجهات 5 أيام قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار تُشرف على تنفيذه لجنة "هيئة العمل الفلسطيني المشترك"، بعد اتصالات بين جهات رسمية وحزبية لبنانية وقيادات فلسطينية.
يُذكر أن مخيم عين الحلوة تأسس عام 1948، وهو أكبر مخيم للفلسطينيين في لبنان، إذ يضم حوالي 50 ألف لاجئ مسجل، بحسب الأمم المتحدة، بينما تفيد تقديرات غير رسمية بأن عدد سكانه يتجاوز 70 ألفاً.