اضطر أكثر من 3000 من المسلمين الفقراء في الهند إلى الفرار من مدينة تُعد مركزاً للأعمال وتقع خارج العاصمة نيودلهي، خوفاً على حياتهم بعد اشتباكات بين الهندوس والمسلمين، واستهدافهم في هجمات متفرقة، بحسب ما أكد لوكالة رويترز سكان ومصادر في الشرطة المحلية.
بحسب المصادر، فقد أُغلقت المتاجر التي يملكها أو يديرها مسلمون ووضعت الأقفال على المنازل في منطقتين كبيرتين بالأحياء الفقيرة زارتهما رويترز بعد أكثر من أسبوع من مقتل 7 أشخاص في اشتباكات في نوه وجوروجرام بولاية هاريانا المجاورة للعاصمة الهندية.
بدأت أعمال العنف في 31 يوليو/تموز 2023، بعد استهداف موكب ديني هندوسي، نظمته جماعات ذات انتماءات إيديولوجية لحزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم، وهجوم على مسجد في رد فعل انتقامي، وقمعت الشرطة الاضطرابات خلال 48 ساعة.
لكن الهجمات المحدودة التي تستهدف المسلمين استمرت لأيام، مما أثار مخاوف عائلات كانت قد انتقلت إلى المركز الحضري الجديد في جوروجرام؛ بحثاً عن مصادر للرزق. وتوجد في جوروجرام مكاتب لحوالي 250 من بين الشركات المدرجة على قائمة فورتشن 500.
هجرة من المدينة
وقال شهود إن إلقاء الحجارة وإحراق وتخريب مزارين إسلاميين صغيرين في الأحياء الفقيرة أجبر مئات من الأسر المسلمة على الفرار من منازلهم الصغيرة ذات الغرفة الواحدة، والبحث عن ملجأ في محطة للقطارات قبل المغادرة.
فيما قال رؤوف الله جاويد الخياط، الذي فر إلى قريته الأصلية في ولاية بيهار الشرقية لرويترز عبر الهاتف "أمضى الكثير منا الليلة بأكملها على رصيف محطة السكك الحديدية لأنها أكثر أماناً".
وقدر المفتي محمد سالم، رئيس فرع جوروجرام في جمعية علماء الهند المسلمين أن أكثر من 3000 مسلم غادروا المنطقة بعد أعمال العنف.
كما قال 4 من أصحاب المتاجر المسلمين، الذين فروا أيضاً إلى قراهم في شرق الهند عبر الهاتف إن أفراداً من الجماعات الهندوسية المتشددة كانوا يستجوبونهم بشأن أعمالهم وعائلاتهم.
وقال شاهد شيخ، وهو حلاق فر من قرية تيجرا التي تضم أكثر من 1200 أسرة مسلمة "جاء رجال من الهندوس في مجموعة كبيرة، وبدأوا في طرح أسئلة مثل مقدار المال الذي أكسبه".
وأضاف شيخ "توصل كثير من المسلمين إلى قرار بأن من الأفضل لهم أن يغادروا لفترة من الوقت"، موضحاً أن بعض أصحاب المتاجر الهندوس المؤجرة لمسلمين طلبوا منهم إخلاءها.
وتصاعدت التوترات بين الأغلبية الهندوسية والأقلية المسلمة في الهند بسبب قضايا مثل أكل لحوم البقر والزواج بين أفراد من الطائفتين، حيث يقول المسلمون إن النشطاء الهندوس يستهدفونهم بشكل متزايد منذ تولي حكومة حزب بهاراتيا جاناتا السلطة في عام 2014.
يقول زعماء حزب بهاراتيا جاناتا إن الاشتباكات بين الطائفتين كانت تندلع في الماضي أيضاً وإن وتيرتها تراجعت منذ وصولهم إلى السلطة.
وتعرّض المشاكل في مدينة جوروجرام، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.5 مليون نسمة، والتي كانت تُعرف بالسابق باسم جورجاون، للخطر شركات متعددة الجنسيات مثل جوجل وأمريكان إكسبريس وديل وسامسونغ وإيرنست آند يانغ وديلويت.
وقالت شرطة هاريانا إنها اعتقلت أكثر من 200 رجل من الطائفتين، فيما يتعلق بالعنف، وإن بعض المسلمين الذين فروا بدأوا في العودة.
قال أنيل فيج، وزير الداخلية في حكومة حزب بهاراتيا جاناتا بولاية هاريانا إنه تلقى تقارير عن مغادرة بعض المسلمين، لكن الوضع أصبح تحت السيطرة بالكامل الآن.
وقال لرويترز "لا أحد يطلب منهم المغادرة، ونحن نوفر الأمن بشكل تام في جميع المناطق التي بها حساسيات مجتمعية".