أعلنت الرئاسة الباكستانية، الأربعاء 9 أغسطس/آب 2023، أن الرئيس عارف علوي حلّ البرلمان، ما يمهد الطريق لتولي حكومة يهيمن عليها التكنوقراط، للإعداد لانتخابات يغيب عنها السياسي الأكثر شعبية في البلاد، عمران خان.
وقالت الرئاسة، في بيان نقلته وكالة الأنباء الفرنسية، إن "الرئيس حلّ الجمعية الوطنية بناءً على توصية رئيس الوزراء"، وبموجب القانون، يتوجب إجراء الانتخابات في غضون 90 يوماً من تاريخ حل البرلمان. لكن حكومة شهباز شريف أشارت إلى أن إرجاءها أمر مرجح.
وتسري منذ أشهر شائعات عن احتمال إرجاء الانتخابات في ظل الأزمات التي تواجهها السلطة في مجالات الأمن والاقتصاد والسياسة. وتعزّز هذا الاحتمال بعد صدور أرقام آخر تعداد سكاني في البلاد نهاية الأسبوع الماضي.
وأفاد وزير العدل عزام نظير تارار لقناة تلفزيونية محلية بأنه سيتعين إعادة تحديد الدوائر الانتخابية بناءً على التعداد السكاني الجديد، محذراً من أن ذلك قد يؤدي لتأجيل الانتخابات.
كما أعرب عن أمله في أن يقتصر الإرجاء على فترة لا تتجاوز "50 إلى 60 يوماً".
وقال رئيس مجلس النواب الباكستاني رجا برويز أشرف في الجلسة الأخيرة للجمعية الوطنية خلال اجتماعها: "جلسة اليوم ستختتم بنهاية سعيدة في بيئة مريحة"، وأضاف: "عادة نناقش الشؤون السياسية، ولكن اليوم، دعونا نتحدث بنبرة ودية".
أزمة في باكستان
وتواجه باكستان أزمة منذ إبعاد خان، أحد أكثر السياسيين شعبية في البلاد، من الحكم في أبريل/نيسان 2021 بموجب تصويت لحجب الثقة، وزادت الأزمة حدة الأسبوع الماضي مع إدخال نجم الكريكت السابق السجن؛ تنفيذاً لعقوبة بحبسه 3 أعوام لإدانته بتهم فساد.
وتقدم محامو خان بطلب لاستئناف العقوبة، وفي حال بقيت العقوبة نافذة، سيمنع رئيس الوزراء السابق البالغ من العمر 70 عاماً، من الترشح للانتخابات.
وعلى رغم إمساكه بالسلطة منذ 18 شهراً، لم يفلح تحالف الأحزاب التقليدية الذي تكتل لإبعاد خان، في كسب شعبية واسعة، إذ يواجه أزمة اقتصادية على الرغم من قرض من صندوق النقد الدولي، وتزايد التضخم وارتفاع البطالة، في ظل تراجع النشاط الصناعي جراء النقص في العملات الأجنبية.
وقال أحمد بلال محبوب، رئيس المعهد الباكستاني للتنمية القانونية والشفافية البحثي إن "القرارات الاقتصادية صعبة، وغالباً ما تكون غير شعبية، ما يتطلب حكومة ذات ولاية أطول لتتمكن من تطبيقها بشكل فاعل".
ورأى أن "هذه الانتخابات مهمة؛ لأنها ستمنح حكومة جديدة ولاية من 5 أعوام، ما يعني… تفويضها اتخاذ قرارات أساسية ستكون حيوية للتعافي الاقتصادي".
يد الجيش الباكستاني على الانتخابات
ويحضر الجيش في كواليس أية عملية اقتراع في باكستان، إذ لا تزال المؤسسة التي نفذت 3 انقلابات ناجحة على الأقل منذ استقلال البلاد عام 1947، تتمتع بنفوذ سياسي واسع.
ولطالما شكل الدعم العسكري حجر زاوية لاستقرار أية حكومة باكستانية، رغم أن مؤسسة الجيش دائماً ما تنفي أداء أي دور سياسي، لكن اتساع الفجوة بين خان والضباط الكبار في سادس أكبر جيوش العالم، سيعقد عودته إلى الحكم.
ووصل خان إلى السلطة عام 2018 بدعم من الجيش، وأقصي منها في أبريل/نيسان 2022 بتصويت برلماني على سحب الثقة بعد خلافات مع ضباط كبار على التعيينات والسياسة الخارجية، وفق محللين.
وكانت السلطات الباكستانية أوقفت خان لثلاثة أيام في مايو/أيار الماضي بعد ساعات من تكراره اتهام ضابط كبير في الاستخبارات بالضلوع في محاولة لاغتياله في نوفمبر/تشرين الثاني.
وضغط خان على الحكومة الحالية من أجل إجراء انتخابات مبكرة من خلال إقامة تجمعات ضخمة وسحب نوابه من البرلمان، من دون أن ينجح رهانه في تحقيق مبتغاه.