كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن الإمارات أرسلت طائرة مليئة بالأسلحة إلى السودان، لدعم قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وأوضحت الصحيفة أن هذه الأسلحة كانت في طريقها إلى السودان تحت غطاء المساعدات الإنسانية، قبل أن تكشفها أوغندا.
حسب تقرير الصحيفة الأمريكية، الذي نُشر الخميس 10 أغسطس/آب 2023، فإنه عندما هبطت طائرة شحن في أكثر المطارات ازدحاماً في أوغندا، في أوائل يونيو/حزيران الماضي، ذكرت وثائق سلطة الطيران أنها كانت تحمل مساعدات إنسانية أرسلتها الإمارات إلى اللاجئين السودانيين.
فيما قال المسؤولون الأوغنديون إنهم عثروا على عشرات الصناديق البلاستيكية الخضراء في مخزن شحن الطائرة المليء بالذخيرة والبنادق الهجومية والأسلحة الصغيرة الأخرى، بدلاً من المواد الغذائية والإمدادات الطبية المدرجة في بيان الطائرة.
أسلحة إماراتية في طريقها لحميدتي
كانت الأسلحة التي تم اكتشافها في 2 يونيو/حزيران في مطار "عنتيبي" جزءاً من جهد قامت به الإمارات، حليف الولايات المتحدة، لدعم الجنرال محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع الذي يقاتل من أجل السيطرة على ثالث أكبر دولة في إفريقيا.
قال المسؤولون إن شحنات الأسلحة السرية لدولة الإمارات تغذي حرباً أدخلت السودان في كارثة إنسانية وقتلت أكثر من 3900 شخص، منذ بدايتها في 15 أبريل/نيسان الماضي، وفقاً لمشروع بيانات الأحداث والفعاليات غير الربحية.
حسب "وول ستريت جورنال"، قد يؤدي تسليح ميليشيا قوات الدعم السريع التابعة لدقلو إلى زيادة الاحتكاك بين الإمارات والولايات المتحدة التي تتوسط لإنهاء الحرب.
فيما كانت وكالات الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان قد اتهمت ميليشيا الدعم السريع بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في السودان، بما في ذلك قتل المدنيين.
لكن حكومة أبوظبي قالت في تصريح للصحيفة الأمريكية، إنها تؤيد الحل السلمي للنزاع في السودان وتسعى إلى تقديم جميع أشكال الدعم للتخفيف من المعاناة الإنسانية.
كما أضافت أنها أرسلت حوالي ألفي طن متري من المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المواد الغذائية والإمدادات الطبية للمتضررين من الحرب وبنت مستشفى ميدانياً في تشاد المجاورة.
بينما قال متحدث باسم قوات الدعم السريع إن الجماعة لا تحصل على أسلحة أو إمدادات عسكرية أخرى من الإمارات، ونفت أن يكون مقاتلوها قد شاركوا في انتهاكات حقوقية.
حماية مصالح الإمارات في السودان
حسب "وول ستريت جورنال" فإنه من المحتمل أن الإمارات تراهن على دقلو للمساعدة في حماية المصالح الإماراتية في السودان، بموقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر، وإمكانية الوصول إلى نهر النيل واحتياطيات الذهب الهائلة.
تشمل مصالح الإمارات مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية السودانية، وحصة في ميناء بقيمة 6 مليارات دولار على البحر الأحمر.
فيما سبق أن اتهم مراقبو الأمم المتحدة أبو ظبي بإرسال أسلحة، بما في ذلك طائرات مسيرة وقنابل موجهة بالليزر وعربات مدرعة، إلى خليفة حفتر قائد ميليشيا في ليبيا جارة السودان في الشمال الغربي.
كما عمل كل من حفتر ودقلو مع مجموعة فاغنر الروسية، ما سمح للجماعة شبه العسكرية بالوصول إلى حقول النفط في ليبيا ومناجم الذهب في السودان.
قلق أمريكي من دعم قوات الدعم السريع
فيما يحاول المسؤولون الأمريكيون، إلى جانب نظرائهم من السعودية، التوسط في محادثات السلام في جدة منذ مايو/أيار، لكن المفاوضات الرسمية عُلقت في يونيو/حزيران الماضي، بعد أن انتهكت قوات الدعم السريع والجيش بشكل متكرر اتفاقيات وقف إطلاق النار.
حيث قال متحدث باسم وزارة الخارجية "سنكون قلقين بشأن التقارير التي تتحدث عن أي دعم خارجي لأي من طرفي النزاع"، مضيفاً "نواصل المشاركة والتنسيق مع الإمارات وعدد من الشركاء الآخرين، في الجهود المبذولة للضغط من أجل وقف الأعمال العدائية ووصول المساعدات الإنسانية في السودان ".
بينما قال أشخاص مطلعون على سياسة إدارة بايدن تجاه إفريقيا إن واشنطن على علم بتسليم الأسلحة الإماراتية إلى قوات الدعم السريع، وأبلغت السلطات في أبوظبي بمخاوفها.
قال المسؤولون الأوغنديون الذين عثروا على الأسلحة والذخيرة، في رحلة 2 يونيو/حزيران، إن الطائرة الإماراتية سُمح لها بمواصلة رحلتها إلى مطار أمجراس الدولي في شرق تشاد، وبعد ذلك قال هؤلاء المسؤولون إنهم تلقوا أوامر من رؤسائهم بوقف تفتيش الرحلات المتوقفة من الإمارات وفي الأسابيع الأخيرة، كانت هناك عشرات الرحلات الجوية الأخرى.
كما قال أحد المسؤولين "لم يعد مسموحاً لنا بتفتيش هذه الطائرات، إنها الآن مسؤولية وزارة الدفاع". وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأوغندية إن مطار عنتيبي يتعامل مع عدد كبير من رحلات الشحن، لكنه نفى علمه بأي طائرات تستخدم المطار لتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة عبر تشاد.
الإمدادات العسكرية لم تتوقف
في واحدة من أحدث عمليات تسليم الأسلحة الإماراتية، غادرت شاحنات محملة بالإمدادات العسكرية القادمة من الإمارات مطار أمجراس، في الأسبوع الأخير من يوليو/تموز الماضي متوجهة إلى منطقة الزرق السودانية معقل قوات الدعم السريع في شمال دارفور.
كما تثير شحنات الأسلحة الإماراتية تساؤلات حول ولاءات الحكومة في تشاد. وتعتبر الولايات المتحدة وفرنسا رئيس تشاد محمد ديبي حليفاً في قتالهما ضد الجهاديين والتوسع الروسي في المنطقة.
في وقت سابق من هذا العام، حذر المسؤولون الأمريكيون ديبي من أن مالك شركة فاغنر يفغيني بريغوجين كان يعمل مع المتمردين التشاديين لزعزعة استقرار حكومته وربما قتله.
فيما قال أشخاص مطلعون على سياسة إدارة بايدن إن شحنات الأسلحة الإماراتية إلى دقلو تدعم أحد أقرب شركاء فاغنر في إفريقيا، ولم يرد عزيز محمد صالح، وزير الإعلام التشادي، على طلبات التعليق.
كان رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قد التقى ديبي في 14 يونيو/حزيران في أبوظبي، حيث وقع الزعيمان مجموعة من الصفقات العسكرية وأخرى في مجالات التعدين والطاقة، ويقول مسؤولون أوغنديون إنه بعد الاجتماع بوقت قصير أصبحت الرحلات الجوية إلى تشاد عبر عنتيبي أكثر تواتراً.