شارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء 8 أغسطس/آب 2023، في افتتاح مسجد "السيدة نفيسة"، بعد إتمام أعمال التطوير والترميم، وذلك بحضور سلطان طائفة البهرة بالهند، ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.
وقالت وسائل إعلام مصرية إن السيسي استمع لكلمة السلطان مفضل سيف الدين، الذي أعرب عن سعادته بعد أن منحه الرئيس المصري وشاح النيل "لما تمثله هذه المبادرة من تعزيز الروابط ومتانة العلاقات المتميزة التي تجمع بلاده بجمهورية مصر العربية على مدار أعوام"، على حد قوله.
من جانبه، رحب الرئيس المصري بسلطان البهرة، مشيداً بمساهمته في تطوير أضرحة آل البيت.
وأضافت وسائل إعلام مصرية أن العملية شملت ترميم وتجديد الصالات الداخلية بالمساجد وما بها من زخارف معمارية، تماشياً مع الطابع التاريخي والروحاني للأضرحة والمقامات، وذلك جنباً إلى جنب مع تطوير كافة الطرق والميادين والمرافق المحيطة والمؤدية لتلك المواقع.
ما هي طائفة البهرة؟!
البهرة كلمة هندية معناها التجارة أو التاجر باللغة الغوجارتية الهندية، وهي إحدى الطوائف المنتمية للمذهب الإسماعيلي، الذي أسس أتباعه الدولة الفاطمية في مصر، ولكن أسهمت الطبيعة الباطنية للمذهب الإسماعيلي في ظهور عشرات الانشقاقات المذهبية.
ففي عام 1094م (487هـ)، حينما توفي الخليفة المستنصر بالله، نشب خلاف بين ابنيه المستعلي ونزار. تحول الخلاف إلى شقاق مَذهبي، نتجت عنه طائفة الشيعة النزارية، وطائفة المستعلية التي ينتمي إليها البهرة. وما زال الخلاف بين الطائفتين (النزارية والمستعلية) مستمراً حتى الآن.
وحكم أنصار المستعلي مصر حتى هزمهم صلاح الدين الأيوبي، طاوياً حقبة الدولة الفاطمية. لكن المستعليين لم تنطوِ صفحتهم، بل انتشروا في العديد من دول العالم، وشكلوا قوة اقتصادية عبر عملهم بتجارة الورق، والرخام، والمنتجات الغذائية.
والشيعة الإسماعيليون الذين ينتمي لهم طائفة البهرة يختلفون تماماً عن الشيعة الاثني عشريين المنتشرين الآن في إيران والعراق والشام، والمفارقة أنه رغم أن معظم المصادر السُّنية تعتبرهم عقائدياً أبعد عن المذهب السُّني من الاثني عشرية والزيدية، فإنهم يرفضون التورط في الصراع الشيعي-الإيراني/ السُّني-العربي، الدائر الآن، وتلقى الطوائف الإسماعيلية بمختلف مشاربها تقديراً كبيراً من الحكومات الغربية والعربية.
وكانت أرض اليمن هي المحطة الأولى لطائفة البهرة، لكنهم سرعان ما انتشروا في الهند عن طريق عملهم بالتجارة، ونجحوا في جذب عدد كبير من الهندوس إلى مذهبهم، وفي هذه المرحلة سمّوا "البهرة"، وأصبحت الهند المركز الرئيسي لطائفتهم.
ولكن إضافة للهند، فللبهرة انتشار في كل من اليمن وباكستان وكينيا وتنزانيا والكويت والإمارات ومنطقة نجران بالسعودية، ويصل عدد أتباع الطائفة إلى حوالي مليونين.
ويعتمد البهرة في عقائدهم على كتب لم يُطبع إلا قليل منها، وبينها كتاب "النصيحة" لمؤلفه الداعي 51 طاهر سيف الدين، و"دعائم الإسلام" و"الحقائق"، و"ضوء نور الحق المبين".
وقد اشتهر البهرة بالتزامهم الكبير بمذهبهم والتقاليد المنبثقة عنه، فهم متشبثون بزيهم الخاص اللافت للانتباه، ولديهم أماكن خاصة للعبادة، ويتحاشون أداء الصلاة في باقي المساجد الخاصة بالمسلمين.
وبحسب ما نقل موقع الموسوعة الشاملة عن كتاب: فتاوى دار الإفتاء المصرية لدار الإفتاء المصرية، فإن البهرة في صلواتهم يجمعون بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ولا يصلون الجمعة، بل يصلونها ظهراً، ويصلون العيد أربع ركعات ودون خطبة، ويقدسون مأساة كربلاء لمدة عشرة أيام، ويحتفلون بيوم "غدير خم" في يوم 18 من ذي الحجة، الذي يقول الشيعة إن الرسول أوصى فيه للإمام علي، ويصومون فيه ويجددون العهد للداعي المطلق في بومباي أو الدعاة المبايعين وهم نوابه في الأقاليم.
وهناك غموض حول موقف الأزهر ودار الإفتاء المصرية الحالي من البهرة، وهل يرونهم مسلمين أم لا، ولكن تقارير إعلامية متعددة تتحدث عن موقف سابق من الأزهر ودار الإفتاء يراهم غير مسلمين.
البهرة في مصر
تحتل مصر مكانة مركزية لدى طائفة البهرة بالنظر إلى أنهم يرون أنفسهم امتداداً للدولة الفاطمية التي حكمت مصر خلال العصر الإسلامي، ورغم تركزهم في الهند، لكن أنظارهم ظلت معلقة بالشرق العربي، وبالقاهرة مدينتهم التاريخية؛ حيث مراقد الأئمة والمساجد المقدسة التي شهدت مولد مذهبهم.
وتُعدّ زيارة قبور الأجداد ومشاهدة آثارهم من أهم الطقوس لدى البهرة، فهم يأتون إلى مصر لزيارة مساجد الحاكم بأمر الله، والجيوشي، والأقمر، وغيرها من الآثار الفاطمية الشهيرة.
منذ ثلاثينات القرن الماضي، بدأ البهرة رحلة عكسية غرباً تجاه العالم العربي، حيث زَار السلطان طاهر سيف الدين، مصر، عام 1938، والتقى طلعت حرب وعدداً من أعيان وباشوات ذلك الزمان. واستمر منذ ذلك الوقت في الانتقال والهجرة إلى الدول العربية، خصوصاً ضمن الهجرات الهندية إلى دول الخليج العربي.
لدى البهرة الآن تجمعات في الكويت والسعودية، وبالطبع دبي، أحد مراكز أعمالهم التجارية، كما تربطهم علاقات قوية بحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حسبما ورد في تقرير لموقع المدن.