قال الرئيس الجديد للمجلس الأعلى للدولة الليبي، محمد تكالة، الأحد 6 أغسطس/آب 2023، إن "المرحلة القادمة ستكون مرحلة التجهيز للانتخابات وتفعيل المصالحة الوطنية ولمّ شمل الليبيين وزرع الثقة بينهم".
جاء ذلك في الكلمة الأولى لتكالة عقب انتخابه، في وقت سابق الأحد، رئيساً للمجلس الأعلى للدولة الليبي خلفاً للرئيس السابق خالد المشري.
وقال تكالة في كلمته المصورة التي نشرها المجلس عبر حسابه على "فيسبوك"، إن "ليبيا تتعرض لتدخلات دولية وإقليمية عديدة ويمر الشرق الأوسط وإفريقيا باضطرابات لسنا بمعزل عنها".
وأضاف "يجب علينا رأب الصدع ولمّ الشمل وتوحيد الصف وترتيب بيت ليبيا الداخلي لتجنيب بلادنا شر الحروب والفتن".
كما دعا "جميع مؤسسات الدولة للتواصل والعمل معاً لخلق بيئة صالحة للبناء وزرع الثقة بين الليبيين على خلاف توجهاتهم السياسية لكون ذلك مصدر ثراء وقوة لبناء مجتمع متضامن".
وتابع تكالة: "المرحلة القريبة القادمة ستكون مرحلة التجهيز للانتخابات التي يطمح لها الليبيون وسيبذل المجلس جهده لبلوغ هذا الهدف السامي بزرع الثقة بين الليبيين من خلال ما أنيط به من مهام ومسؤوليات".
ومضى متحدثاً عما سوف يحدث في عهد رئاسته للمجلس قائلاً: "سنفعّل في المدة المقبلة المصالحة الوطنية بناء على بنود الاتفاق السياسي الليبي".
تلك المصالحة، وفق تكالة "ضرورية لصيانة الحقوق وجبر الضرر وهي السبيل الأمثل نحو استقرار الوطن وهي الضمان لإجراء الانتخابات والقبول بها".
وخلال جلسة رسمية عقدها المجلس الأعلى للدولة الليبي (نيابي استشاري)، في وقت سابق اليوم، ترشح الأعضاء خالد المشري ومحمد تكالة ونعيمة الحامي وناجي مختار لرئاسة المجلس، وهو المنصب الذي تجري لشغله انتخابات داخلية بين الأعضاء كل عام وفق اللائحة الداخلية.
وفاز تكالة بحصوله على 67 صوتاً، مقابل 62 صوتاً لمنافسة المشري الذي غادر بذلك رئاسة المجلس منذ انتخابه للمرة الأولى في 4 أبريل/نيسان 2018.
وتقود الأمم المتحدة مع مجلسي النواب والدولة الليبيين جهوداً لتمهيد الطريق لإجراء انتخابات تحل أزمة صراع على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع العام الماضي وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
من هو محمد تكالة؟
ولد محمد مفتاح تكالة في 15 يناير/كانون الثاني 1966 في مدينة الخمس الواقعة غربي ليبيا (135 كلم شرق العاصمة طرابلس).
درس في المدارس الليبية وحصل في نهاية مسيرته العلمية في البلاد على بكالوريوس هندسة حاسوب من المعهد العالي للإلكترونات بمدينة بني وليد غرب البلاد عام 1986.
بعد ذلك سافر تكالة خارج البلاد لإكمال دراسته العليا فحصل في 1997 على الماجستير في شبكات الحاسوب من الجامعة التقنية براغ بدولة تشيكيا.
وفي ذات التخصص تحصل محمد تكالة عام 2008 على درجة الدكتوراه في شبكات الحاسوب من الجامعة التقنية بودابست بدولة المجر.
أما عن الوظائف التي تقلدها محمد تكالة قبل وصوله لهرم المجلس الأعلى للدولة، فقد بدأ حياته العملية مهندساً للحاسوب بأحد مصانع الأسمنت في ليبيا وكان ذلك بين عامي (1986- 1992).
بعد ذلك تولى رئاسة قسم التدريب بذات المصنع ثم أصبح معيداً بقسم الهندسة الكهربائية والحاسوب بكلية الهندسة بمدينة الخمس الليبية في 1992 ثم عضو هيئة تدريس بكلية الهندسة بذات الجامعة للمرحلة الجامعية والدراسات العليا ثم رئيساً لقسم "الدراسة والامتحانات" بالكلية.
بعد الاحتجاجات التي شهدتها ليبيا وأطاحت في 2011 بنظام الزعيم الراحل معمر القذافي، أصبح محمد تكالة عضواً بالمجلس المحلي لمدينة الخمس، وكانت تلك أولى خطواته في عالم السياسة.
وفي 2012 أعلن عن فتح باب الترشح لأول برلمان في ليبيا بعد الإطاحة بنظام القذافي فترشح محمد تكالة عن دائرة الخمس وتمكن من الحصول على عدد كافٍ من الأصوات أهله ليكون نائباً.
وخلال تلك الفترة كان محمد تكالة عضواً بمكتب رئاسة المؤتمر الوطني العام بمهمة مراقب المؤتمر، كما كُلّف بعديد المهام خلال ذات الفترة إضافة لترؤسه عدة لجان مؤقتة داخل المؤتمر.
وبعد تحول المؤتمر الوطني العام إلى المجلس الأعلى للدولة بناء على اتفاق ليبي برعاية أممية ودولية أصبح محمد تكاله عضواً بالمجلس الأعلى للدولة.
كان ذلك بعد ديسمبر/كانون الأول 2015، حيث وقعت وفود عن المؤتمر الوطني السابق ومجلس النواب المنعقد في بنغازي (شرق) والنواب المقاطعون لجلسات الأخير، إضافة إلى وفد عن المستقلين وبحضور سفراء ومبعوثين دول عربية وأجنبية اتفاقاً يقضي بتشكيل الأجسام التي تقود المرحلة الانتقالية في البلاد.
وداخل مجلس الدولة، فإن محمد تكالة هو عضو بلجنة إعداد اللائحة الداخلية، كما أنه عضو في فريق المجلس بملتقى "الحوار السياسي الليبي" بتونس وجنيف ثم أصبح رئيساً لفريق المجلس في "حوارات جنيف"، وجميعها مباحثات أجراها مجلس الدولة مع مجلس النواب الذي يعد طرفاً مضاداً له في الأزمات التي تمر بها البلاد.
وفي 2018 ترأس محمد تكالة لجنة تنمية وتطوير المشروعات الاقتصادية والاجتماعية بالمجلس الأعلى للدولة والتي قدمت مشروع إصلاحات اقتصادية اعتمدها المجلس الرئاسي الليبي وساهمت في الحد من التضخم وانخفاض سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية.
وفي 2022 وخلال مباحثات بين مجلسي النواب والدولة لوضع خارطة طريق تقود البلاد إلى انتخابات تحل أزمتها المتمثلة في صراع بين حكومتين على السلطة، كان محمد تكالة رئيساً لفريق المجلس الأعلى للدولة لوضع خارطة الطريق.
وتنتظر تكالة مهمة مواصلة المسيرة مع مجلس النواب بشأن مباحثات تقود البلاد إلى انتخابات تجدد شرعية جميع المؤسسات الموجودة منذ أعوام، وذلك خلال العام الحالي.