في 17 تموز/يوليو 2014، قتل 3 أطفال وأصيب 2 بجروح في غزة، جرّاء قصف صاروخي إسرائيلي، وبعد 9 سنوات على ذلك، يحقق القضاء في باريس في مسؤولية شركة أسلحة فرنسية اتهمها الضحايا بالضلوع في جرائم حرب، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، الأربعاء 2 يوليو/تموز 2023.
عصر ذلك اليوم كان 5 أطفال من عائلة شحيبر يقدمون الطعام لطيور الحمام على سطح منزلهم في حي الصبرة شمالي غزة، عندما أصابهم صاروخ يرجح أنه أطلق من مسيّرة إسرائيلية.
قُتلت فلة البالغة 8 سنوات ووسيم ابن التسع سنوات وجهاد البالغ 10 سنوات، فيما أصيب ابنا العم عدي البالغ 16 عاماً وباسل (9 سنوات)، ونقلا إلى المستشفى في حالة خطرة.
تورط شركة فرنسية في "جرائم حرب"
كانت إسرائيل تشن يومها عملية أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد" استمرت من 7 يوليو/تموز إلى 26 أغسطس/آب 2014 لوقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة المحاصر. وقتل في حرب غزة هذه ما لا يقل عن 2251 فلسطينياً غالبيتهم من المدنيين، و74 إسرائيلياً معظمهم من الجنود.
أصيب منزل عائلة شحيبر خلال وقف لإطلاق النار في حي لم يسبق أن "استهدف بقصف"؛ لأنه لا يضم "أي هدف عسكري" على ما قال محامي العائلة الفرنسي جوزيف برهام. وأكد المحامي: "هذه جريمة حرب"، رافضاً فرضية "الخطأ".
بين أنقاض المبنى عُثر على قطعة سوداء أسطوانية الشكل تحمل عبارة "أوروفاراد-باريس-فرنسا" التي محيت جزئياً. وتفيد التحاليل أن الأمر يتعلق بجهاز استشعار من صنع الشركة الفرنسية "أوروفاراد" التي اشترتها في عام 2015 شركة صناعة الأسلحة "إكسيليا تكنولوجيز" وبيعت بعد ذلك إلى شركة رافاييل الإسرائيلية.
تعتبر هذه القطعة "عتاد حرب"، على ما جاء في وثائق اطلعت عليها وكالة فرانس برس، استخدمت في توجيه أجنحة الصواريخ المحشوة بكريات فولاذ صممتها هذه الشركة.
وقف "الإفلات من العقاب"
رُفعت شَكويان ضد "إكسيليا" في عاميْ 2016 و2017، وفتح بعد ذلك تحقيق قضائي في فرنسا مطلع 2018 بشبهة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب من خلال هجوم متعمد على مدنيين والقتل العمد وغير العمد.
يرى برهام أنه للمرة الأولى تطرح أمام القضاء الفرنسي مسألة "توصيف ممارسات" الجيش الإسرائيلي "في غزة والضفة الغربية"، و"مسؤولية" شركات صناعة الأسلحة.
كما طالب المحامي بوقف "الإفلات من العقاب" الذي يستفيد منه تجار الأسلحة، وتطبيق معاهدة الاتجار بالأسلحة التي تنص على منع الصادرات، أو إعادة النظر بالتراخيص عندما يتعلق الأمر بدول يشتبه بارتكابها جرائم حرب.
رأى المحامي أن "بائع الأسلحة مسؤول عن استخدامات هذه الأسلحة حين لا يمكن التغاضي عن إمكان ارتكاب جرائم حرب".
بينما قالت محامية "إكسيليا" فاليري مونوز-بونس من جهتها: "بعد 7 سنوات على مباشرة هذا الملف لم يصدر أي اتهام للشركة"، مشيرة إلى أن التحقيق الأول الذي "تعاونت معه الشركة بالكامل" حُفظ "لعدم توافر عناصر كافية بحصول مخالفة".
في يوليو/تموز الماضي أتى عدي شحيبر ووالداه وعمه وابن عمه باسل إلى فرنسا لتستمع إليهم القاضية المكلفة التحقيق. وقال عدي شحيبر: "عندما بُلِّغت أن بإمكاننا المجيء إلى فرنسا لم أنم طوال الليل؛ لأني كنت سعيداً جداً؛ إذ سنتمكن من المطالبة بحقنا". وأضاف: "أصبت عندما كنت في السادسة عشرة وأبلغ اليوم الخامسة والعشرين. لقد ذهبت كل هذه السنوات هدراً".
كما روى باسل الذي أصيب إصابة بالغة في الجمجمة: "طلبنا المجيء إلى فرنسا في إطار هذه القضية لأننا نريد حلاً وعلاجاً. في غزة نفتقر إلى كل شيء، ولا تزال في جسمي شظايا القذيفة".
وصف باسل وعدي بالتفصيل خلال لقاء في باريس إصابتهما وما تركته من آثار. وأكد عدي الذي لديه ندب كبير في البطن وعطب في الساق اليمنى وشظية لا تزال عالقة في الذراع اليسرى: "ما زلت أتذكر بالتفاصيل ما حدث في ذلك اليوم. لقد طبعتني هذه المسألة كثيراً، دمرتني نفسياً بالكامل".