كشف مصدر مقرب من حزب الله لـ"عربي بوست" أن زيارة ماجد فرج، رئيس المخابرات الفلسطينية، هي السبب المباشر في اندلاع أحداث مخيم عين الحلوة، خاصة أنها جاءت في ظل مساعٍ داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان لتهدئة الأوضاع برعاية لبنانية- فلسطينية.
وأضاف المتحدث أن زيارة فرج حملت صبغة تهديد، وخاصة أن لقاءاته التي أجراها مع مسؤولين في حركة فتح حملت عنواناً واضحاً، وهو إيجاد الطرق المناسبة لضبط القوى والفصائل الإسلامية في المخيمات الفلسطينية، وتحديداً عين الحلوة.
ويشير المصدر ذاته إلى أن تفجير مخيم عين الحلوة كان بهدف إشعال المعركة بين فتح وقوى إسلامية، وجرّ حماس والجهاد الإسلامي للمواجهة في المخيمات، لإحراجهما فلسطينياً ولبنانياً وإقليمياً.
ويعتبر المصدر أن فرج، الذي ناقش مع مسؤولي فتح في لبنان إضعاف حماس وفصائل إسلامية أخرى، عبر محاصرة نشاط هذه القوى ودفعهما للمواجهة لا يمكن فصله عن تطورات الضفة.
وعرف مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، مواجهات أدت لاغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا، اللواء أبو أشرف العرموشي، مع أربعة من مرافقيه قبل ظهر الأحد داخل المخيم.
خلّفت الاشتباكات دماراً وأضراراً كبيرة، لاسيما في الشارع الفوقاني ومنطقة تعمير عين الحلوة، ذات الأكثرية اللبنانية، حيث حي الطوارئ المتداخل مع المخيم، ويقع هذا الحي مباشرة خلف موقع عسكري للجيش اللبناني من جهة التعمير.
وفي وقت سابقٍ الإثنين، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا"، مقتل 11 شخصاً وإصابة 40 آخرين، ونزوح ألفي شخص إثر الاشتباكات المسلحة التي يشهدها مخيم "عين الحلوة".
ما الذي قاله ماجد فرج في لبنان
كشف مصدر حكومي لبناني رفيع لـ"عربي بوست"، أن زيارة رئيس الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج للبنان هي سبب ما حصل من مواجهات في مخيم عين حلوة، بسبب ما ناقشه فرج أولاً مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وثانياً مع قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية.
ويربط المصدر بين زيارة المسؤول الأمني الفلسطيني وبين ما حدث، بدليل إقدام أحد مسؤولي فتح، وهو محمد زبيدات، الملقب بـ"الصومالي"، على محاولة اغتيال القيادي الإسلامي في المخيم "أبو قتادة"، ما أدى لجرحه ومقتل أحد مساعديه.
وتشير المعلومات إلى أن فرج، الذي زار بيروت مطلع الأسبوع المنصرم، حمل مجموعة من المطالب، منها تخفيف حضور فصائل فلسطينية على رأسها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، متهماً إياها بالتحضير لعمليات من الأرض اللبنانية باتجاه إسرائيل، وهذا الأمر وفق فرج يتم من داخل مخيمات جنوب لبنان.
وبحسب المصدر الحكومي البارز، فإن فرج عرض على مدير المخابرات اللبنانية، طوني قهوجي، ومدير الأمن العام إلياس البيسري، أن تقوم حركة فتح مدعومة بمبادرة أمريكية ودعم لبناني، بضبط السلاح خارج إطار القوة الأمنية التابعة للأمن الوطني الفلسطيني، وإنشاء فرق شرطة أمنية.
أيضاً طالب فرج السلطات اللبنانية بالتضييق السياسي والأمني على حركتي حماس والجهاد الإسلامي، الأمر الذي تحفظ عليه المسؤولون اللبنانيون، الذين رأوا أن بيروت تتعاطى مع الملف الفلسطيني بحساسية مطلقة، لعدم تفجير الواقع السياسي والاجتماعي داخل المخيمات.
وبحسب المصدر فإن المسؤولين في لبنان أبدوا انزعاجهم من كلام فرج، قبيل انفجار الأوضاع داخل مخيم عين الحلوة، على اعتبار أن هذا العرض يحمل في خلفياته طلباً إسرائيلياً، ولا يرتبط بأهداف المصالحة الفلسطينية الجارية برعاية مصر وتركيا.
وبدا لافتاً، بحسب المصدر الذي تحدث لـ"عربي بوست"، أن فرج تحدث خلال لقاءاته مع المسؤولين في بيروت، بأن إسرائيل ترصد بشكل كبير تطور الواقع الميداني اللافت لحماس داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان.
وأخبر فرج المسؤولين اللبنانيين بأن صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، بات يقود خلايا الضفة الغربية النشطة مؤخراً عبر بيروت، من خلال تمويل مجموعات في الضفة بالمال والسلاح.
وأشار رئيس المخابرات الفلسطينية، ماجد فرج، خلال اجتماعاته، إلى معلومات تفيد بأن حماس والجهاد باتتا تديران المجموعات الإسلامية في المخيمات الفلسطينية في لبنان، الأمر الذي نفاه أكثر من مسؤول لبناني وأزعج فرج.
اتفاق إطلاق النار
في هذا الإطار، أعلن النائب اللبناني أسامة سعد أنه توصل لاتفاق إطلاق نار بين حركة فتح والقوى الإسلامية في المخيم، بحضور فاعليات سياسية لبنانية وفلسطينية، وسحب كافة المسلحين من الشوارع، بالمقابل أعلنت القوى الإسلامية في المخيم أنها مع تشكيل لجنة تحقيق تكشف المتورّطين في كل ما حصل، وتسليمهم للسلطات الرسمية اللبنانية.
وتحاول تضييق الخناق على مجموعة مسلحة تتهمها باغتيال العرموشي ومرافقيه، وتحتمي في عمق حي الطوارئ المجاور للمخيم، وهذه المجموعة هي بقيادة المطلوب للسلطات اللبنانية هيثم الشعبي، ومعه عدد من المطلوبين البارزين، من بينهم محمد الشعبي وعمر الناطور ومحمد شريدي، وجميعهم من المنتمين إلى ما كان يسمى تنظيم جند الشام.
بالمقابل، فإن عدم التزام فتح باتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى ليل أمس، برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتأخر بانعقاد الاجتماع في مكتب النائب سعد، كان بهدف كسب أطول وقت ممكن من قبل مجموعات حركة فتح، لمحاولة تسجيل تقدم أو إنجاز ميداني في مواجهة المجموعات المسلحة.
وكان رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، قد اتهم أطرافاً لم يسمّها بتفجير الوضع بمخيم عين الحلوة، وذلك بالتزامن مع لقاء الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في مدينة العلمين المصرية.
مقابل ذلك، ربطت جهات سياسية لبنانية ما جرى في مخيم عين الحلوة مع زيارة رئيس الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج للبنان، وما حمله من تهديدات مبطنة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وباتت القواعد الشعبية لحماس والجهاد من جهة وفتح من جهة أخرى متقاربة على فكرة المقاومة والمواجهة مع الاحتلال، في ظل حكومة اليمين المتطرف بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”