تنتاب حالة من الغضب عناصر الشرطة الفرنسية وبدوا يكتفون بأداء الحد الأدنى من الواجبات الوظيفية، ضمن تمرُّد على مستوى البلاد تقوده النقابات بعد سجن قاضٍ متهم بضرب متظاهر في الاحتجاجات الغاضبة التي شهدتها البلاد عقب مقتل المراهق نائل برصاص شرطي.
صحيفة The Daily Telegraph البريطانية قالت في تقرير لها الإثنين 31 يوليو/تموز 2023، إنه في الأيام العادية، يخرج الشرطي الفرنسي أوليفييه في دوريات في بلدة متوسطة الحجم بمقاطعة شمبانيا لضبط حالات القيادة المتهورة.
لكن في الآونة الأخيرة، اكتفى ضابط الشرطة الفرنسية، البالغ من العمر 44 عاماً، بالتجول في سيارته بلا هدف أو الجلوس خاملاً في مركز الشرطة. وإذا رأى مخالفة بسيطة، فإنه يغض الطرف. والجزء الوحيد من وظيفته الذي يلتزم به تماماً هي الاستجابة لمكالمات الطوارئ.
غضب بين عناصر الشرطة الفرنسية
على غرار المئات من الضباط الآخرين في جميع أنحاء البلاد، استجاب أوليفييه لنداءات النقابات بألا يؤدي ضباط الشرطة الفرنسية سوى الحد الأدنى من الواجبات الوظيفية ضمن تمرد على مستوى البلاد.
كان الدافع وراء الاحتجاج هو قرار قاضٍ بسجن ضابط شرطة في مرسيليا بدلاً من إطلاق سراحه ووضعه تحت المراقبة، قبل محاكمته بتهمة ضرب أحد المتظاهرين في أعمال الشغب في فرنسا في وقت سابق من هذا الشهر.
الضابط الذي صدر بحقه الحكم هو عضو في لواء مكافحة الجريمة، وواحد من أربعة متهمين بالاعتداء العنيف على رجل يبلغ من العمر 22 عاماً في مرسيليا؛ مما تركه في غيبوبة.
يقول الضحية، المعروف باسم هيدي، إنه لم يكن جزءاً من الاحتجاجات وإنه كان خارجاً من العمل لتوه عندما التقى هو وصديقه بمجموعة من ضباط الشرطة في الساعات الأولى من يوم 2 يوليو/تموز.
أطلق الضباط النار على رأسه بمسدس مكافحة الشغب وضربوه بشدة حتى أصيب بكسر في فكه وفقد جزءاً من بصره في إحدى عينيه. وبينما كان في غيبوبة، اضطر الأطباء إلى إزالة جزء كبير من جمجمته، تاركين رأسه مشوهاً.
أزمة نقص الضباط
التقطت كاميرات المراقبة واقعة الضرب، لكن ضباط الشرطة في جميع أنحاء فرنسا استغلوا المعاملة القضائية لأحدهم واعتبروها دليلاً على أنَّ المجتمع لم يعُد يقدر الوظائف التي يقدمونها ولا المخاطر التي يتعرضون لها.
قال الضابط أوليفييه، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، لصحيفة The Telegraph: "لماذا لا نعمل إلا وفق قواعد العمل؟ لأنَّ ضابط الشرطة الذي يغادر منزله في الصباح، قد يجد نفسه أيضاً متهماً في فترة ما بعد الظهر ثم يُحتجَز بحلول المساء".
نظراً لأنَّ الشرطة هي خدمة أساسية ولا يُسمَح لها بالإضراب، فقد ثار المئات من خلال طلب إجازات مرضية؛ مما أدى إلى تراجع عدد الضباط المرافقين للمشتبه بهم في المحكمة، وعدد أقل من الحراس الليليين في السجون الفرنسية.
بينما صرح وزير الداخلية جيرالد دارمانين، الخميس 27 يوليو/تموز، بأنَّ نحو 5% من ضباط الشرطة ذهبوا في إجازة مرضية أو رفضوا العمل.
فيما قال نيكولاس، وهو واحد من 600 ضابط في مرسيليا حصلوا على إجازة مرضية، إنه "لا يستطيع أخذها بعد الآن"، ويفكر في ترك العمل. وأضاف لمحطة RTL: "لا نحظى بالدعم السياسي ولا من القيادات؛ لذا سنسأم العمل عند مرحلة ما".
"تمرد" يثير الدهشة
اندلعت أعمال الشغب في جميع أنحاء فرنسا في 27 يونيو/حزيران بعدما أطلق ضابط شرطة النار على مراهق فرنسي من أصول شمال إفريقية أثناء توقيف سيارته في إحدى ضواحي باريس. لكن الأمة الآن تناقش اعتبار ضباط الشرطة أنفسهم ضحايا.
فقد أصدرت إحدى نقابات الشرطة، نقابة وحدة الشرطة SGP، قائمة مطالب، التي تشمل منح وضع خاص لضباط الشرطة المحتجزين، وإخفاء هوية جميع الوكلاء الذين يواجهون تهماً قانونية.
في غضون ذلك، قال فالنتين جندرو، الصحفي الاستقصائي الذي قضى شهوراً في العمل متخفياً في صورة ضابط في باريس، إنه "مندهش" من تمرد الشرطة الفرنسية الأخير.
أضاف جندرو: "أعتقد أنَّ هناك حاجة لتذكير الشرطة بمكانها؛ لأنه يبدو أنَّ بعض ضباط الشرطة يعتقدون أنهم يتمتعون بجميع الحقوق، لكن ليس عليهم واجبات".
تابع قائلاً: "رأيت ضباط الشرطة الفرنسية يحققون العدالة بأيديهم، ورأيت ضباطاً يرتكبون أعمال عنف ويضربون الناس؛ لأنهم شعروا أنَّ نظام العدالة لم يتصرف بالسرعة الكافية".