كشفت معلمة بريطانية تعمل في الهند عن تفاصيل مروعة لأحداث عنف كانت شاهدة عليها بشمال شرقي البلاد، وقالت حسبما جاء في تقرير لصحيفة The Times البريطانية، السبت 29 يوليو/تموز 2023، إن من وصفتهم بـ"الغوغاء" اغتصبوا النساء، وقطعوا الرؤوس، وأحرقوا مئات القرى والكنائس.
حيث كانت حادثة الاغتصاب الجماعي الذي تعرضت له امرأتان من أقلية كوكي بعد تجريدهما من ملابسهما في العلن، بولاية مانيبور الواقعة شمال شرقي الهند، على يد رجال من قبيلة ميتي، في أوائل مايو/أيار، جزءاً من موجة عنف شهدت قطع رؤوس الرجال، وحرق مئات القرى والكنائس وسحل طالبات من بيوت الشباب.
قُتِل أكثر من 130 شخصاً، وأُجبِر عشرات الآلاف على ترك منازلهم. لكن مع إغلاق السلطات للإنترنت رسمياً لوقف الأخبار المزيفة، لم تحظَ أعمال العنف باهتمام كبير، وفق ما ذكرته صحيفة "التايمز" البريطانية في تقريرها.
احتجاجات تتحول إلى مأساة
كان من بين الذين حوصروا في الاشتباكات معلمة بريطانية انتقلت من مدرسة ابتدائية في مقاطعة هيرتفوردشاير البريطانية قبل خمس سنوات؛ لإدارة مدرسة في مجتمع بعيد على قمة تل بالهند.
قالت كيم هاسكيب، البالغة من العمر 46 عاماً، والتي تستخدم اسماً مستعاراً لأسباب أمنية: "كان مكاناً جميلاً وهادئاً. لم أتخيل قط حدوث شيء كهذا!". واستطاعت كيم الهروب بشق الأنفس في اليوم الذي اندلع فيه العنف.
في ذلك اليوم، 3 مايو/أيار، نظمت أقلية كوكي، التي تشكّل نحو 14% من سكان مانيبور البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة، مع قبيلة أقلية أخرى، ناجيا، احتجاجات في جميع أنحاء الولاية ضد حكم محكمة ينص على أنَّ أفراد قبيلة ميتي، الذين يشكلون 53% من السكان، يجب أن يتمتعوا بنفس حقوق القبائل المُقرَّرة للأقليات فيما يتعلق بحصص العمل والأراضي.
يعيش معظم أفراد قبيلة ميتي في الوادي المحيط بعاصمة مانيبور، إمفال، بينما التلال مخصصة للقبائل الأخرى. وعلى الرغم من أنَّ الوادي أكثر تطوراً، دارت شائعات في الآونة الأخيرة عن ثروة معدنية في التلال.
هروب بشق الأنفس
قادت كيم -التي ينتمي والدها في الأصل لقبيلة كوكي بينما والدتها بريطانية- السيارة إلى العاصمة إمفال مع ابنة عمومتها لحضور حفل زفاف صديق من قبيلة ميتي. وبعد 15 دقيقة على وصول المرأتين للحفل، بدأتا تتلقيان رسائل تحذير: "غادرا الآن، الوضع ليس آمناً".
لذا بدأتا في القيادة للعودة إلى قريتهما التي تبعد 40 كيلومتراً عن عاصمة الولاية. وعند وصولهما إلى ضواحي أمفال، واجهتا حشداً من الغوغاء في منتصف الطريق بعصي كبيرة، زالذين أخذوا يرشقون السيارة بالحجارة.
قالت كيم: "عندما أدركت أنهم ليسوا عدداً كبيراً من الناس، واصلت القيادة واستطعت تجاوزهم. لكن عند المجمع السكاني التالي وجدنا حشداً أكبر بكثير. كان الأمر مرعباً. وبحلول ذلك الوقت، كانت الظُلمة شديدة وأخذ الحشد يضرب السيارة بالعصي، ويرشقون الحجارة، وتصاعد الدخان من المحرك".
كما أضافت: "ظللت أفكر ماذا سيفعلون بنا ونحن امرأتان. وسألونا من أي قبيلة نحن، وعندما قلنا كوكي؛ استشاطوا غضباً".
في النهاية، اندفعت كيم بالسيارة للخلف، وسارعت إلى منطقة خالية بين المجمعين السكنيين. وقالت: "ثم تذكرت ابنة عمومتي صديقاً قريباً من قبيلة ميتي، وجاءت عائلته وأنقذتنا وأخفتنا لمدة يومين. لقد أنقذوا حياتنا. كنا محظوظتين للغاية. وطوال تلك الليلة كان الغوغاء يحرقون المركبات والمنازل، وسمعنا أصوات إطلاق نار في الشوارع".
تورط الشرطة الهندية
على الرغم من تأطير العنف على أنه نزاع قبلي على الأرض، يعتقد كثيرون أنَّ هناك جانباً دينياً ضمنياً. إذ إنَّ أقلية كوكي مسيحية، بينما ميتي غالبيتها هندوسية.
قال رئيس الأساقفة دومينيك لومون، رئيس الكنيسة الكاثوليكية في مانيبور: "هناك تيار خفي من التعصب الديني، وانهيار كامل لآلية الدولة. في بعض الأماكن يقال إنَّ الغوغاء يسيرون جنباً إلى جنب مع شرطة الولاية التي لا تفعل شيئاً لإيقاف ما يحدث".
في حين يرى آخرون أنَّ العنف يمثل جزءاً من مشروع لإحياء الروح الهندوسية يجتاح الهند تحت حكم حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، في أعقاب العديد من الهجمات السابقة ضد المسلمين.
كما أن هناك مخاوف من تأجيج مزيد من مثل هذه الانشقاقات في الفترة التي تسبق انتخابات العام المقبل، حيث من المتوقع أن يفوز مودي بولاية ثالثة.