أقرّ مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى بالبرلمان)، الخميس 27 يوليو/تموز 2023، مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، بعد إجراء تعديلات على عدد من بنوده، رغم مطالبات سابقة بسحبه وردّه، لما اعتُبر بأنه "تضييق على الحريات".
جاء ذلك خلال جلسة عقدها بحضور رئيس الوزراء بشر الخصاونة وأعضاء حكومته، حيث شهدت بدايتها مقترحاً بردّه، إلا أن ذلك لم ينجح، وناقش المجلس مواد مشروع القانون، وصوّت عليها واحدة تلو الأخرى، بعد مداخلات واسعة ومطالبات بتعديل بعض النصوص وتوضيح للمفردات الواردة فيه.
وعام 2018، قرّرت الحكومة الأردنية السابقة برئاسة عمر الرزاز، الموافقة على مشروع قانون معدّل لقانون الجرائم الإلكترونيّة، وإرساله إلى مجلس النواب، للسير بإجراءات إقراره وفق القنوات الدستورية.
وقبل ذلك، اضطرت الحكومة حينها إلى سحبه، بناءً على طلب المجلس، بعدما أثار انتقاداً واسعاً في البلاد لما يحتويه من عقوبات مغلّظة على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها تقييداً للحريات.
وليصبح قانوناً ساري المفعول، يحتاج المشروع المرور بمراحل دستورية، حيث تتم مناقشته من قبل البرلمان بشقّيه، وبعد التوافق عليه يرفع لعاهل البلاد، لإصدار مرسوم ملكيّ به، ثم إعلانه بالجريدة الرسمية.
ويعاقب القانون الجديد في المادة 15 منه "كلّ من قام قصداً بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية تنطوي على أخبار كاذبة أو ذمّ أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقلّ عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 20 ألف دينار ولا تزيد على 40 ألف دينار".
فيما أُلغيت فقرة جدلية تنصّ على معاقبة "من قام بنشر أو تسجيل صورة أو مشهد أو فيديو دون إذن، وإن كان مصرحاً له بتسجيله أو التقاطه"، بالسجن ما لا يقل عن 3 أشهر، ودفع غرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار (7 آلاف دولار)، ولا تزيد عن 20 ألفاً (نحو 28 ألف دولار).
وحُددت "الأخبار الكاذبة" التي تستوجب العقوبة بتلك "التي تؤثر على السلم المجتمعي والأمن الوطني"، وخُفضت الغرامة لتصبح "لا تقل عن 5 آلاف دينار ولا تزيد على 20 ألف دينار".
جدل بسبب قانون الجرائم الالكترونية بالأردن
ويشار إلى أن مشروع القانون المُقترَح قوبل بانتقادات من النشطاء والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، الذين يقولون إنّ التشريع سيقوض حرية التعبير والرأي، إذ يحدد مشروع القانون، الذي اقتُرِح في وقت سابق من هذا الأسبوع، عدداً من القيود التي قد تؤدي إلى السجن أو غرامات باهظة، بحسب ما أفاد به موقع Middle East Eye البريطاني.
فيما قالت وكالة الأنباء الأردنية: "جاءت الأسباب الموجبة لمشروع القانون أنه ونظراً للتطور السريع في مجال تقنية المعلومات الذي استوجب تجريم بعض الأفعال التي تتم بوسائل إلكترونية ومعاقبة مرتكبيها، تحقيقاً للردع العام والخاص، ولمواءمة القانون مع الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات المصادق عليها من المملكة، والمعايير الدولية بما يضمن مكافحة الجرائم الإلكترونية، وفقاً لأفضل الممارسات المعمول بها، كونها من الجرائم الخطيرة محلياً ودولياً".
ويستهدف المشروع الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN)، التي تسمح للمستخدمين بتجاوز القيود وإخفاء هوياتهم، من خلال تعريض هؤلاء المستخدمين، إلى السجن لمدة تصل إلى 6 أشهر.
كما ينص القانون المُقترَح أيضاً على توجيه تهم جنائية لسلوكيات مثل "تقويض الوحدة الوطنية"، و"اغتيال شخصيات عامة عبر الإنترنت"، وهي مصطلحات يقول المنتقدون إنها غامضة بدرجة خطيرة.
وهناك 41 تعديلاً مقترحاً على القانون، بما في ذلك صلاحيات حجب منصات التواصل الاجتماعي وإبطاء مواقع الإنترنت، بالإضافة إلى منح الدولة سلطة طلب حذف منشور، ويهدف القانون الجديد إلى أن يحل محل قوانين الجرائم السيبرانية لعام 2015 في الأردن.
وقال عيسى محاسنة، المدير التنفيذي للجمعية الأردنية للمصدر المفتوح، إنَّ القانون المُقترَح سيؤثر سلباً في حرية التعبير، وقد اعتُقِل بالفعل العديد من الصحفيين والنشطاء بموجب القانون الحالي.