روى الباكستاني عثمان صديق (27 عاماً)، تفاصيل مروعة حول نجاته من غرق السفينة التي كانت تقلّ مئات المهاجرين وهي في طريقها من ليبيا إلى إيطاليا، وغرقت قبالة سواحل اليونان، في يونيو/حزيران الماضي، بحسب ما نقلت عنه صحيفة The Guardian البريطانية.
حيث قال صديق الذي كان يعمل شرطياً بمدينة غوجارات في إقليم البنجاب الباكستاني، إن خفر السواحل اليوناني أنقذه بعد حوالي 5 أو 6 ساعات من غرق السفينة.
وتابع يروي تفاصيل نجاته ورحلته عبر قارب "الموت"، قائلاً:
كنت في حالة سيئة جداً وعارياً تماماً. إذ تشبث أحدهم بسروالي وأنا احاول الهروب من السفينة الغارقة لينقذ نفسه. فاضطررت إلى خلعه لأنقذ نفسي.
ورأيت سترة نجاة عائمة، فحاولت سحبها، ورأيت طفلاً ميتاً فيها، وحينها شعرت بخوف شديد وبدأت في تهيئة نفسي للموت، وظننت أنني سأموت لأن خفر السواحل كانوا ينظرون إلينا لكنهم لا ينقذوننا.
وكل مرة كنت أحاول فيها السباحة باتجاه سفينة خفر السواحل، كانت الأمواج العاتية تدفعني بعيداً عنها، وتشبثت بلوح خشبي لحفظ توازني.
"معجزة أنني ما زلت حياً"
كان الوقت قريباً من الفجر حين أنقذني زورقان سريعان، وبعد بضع ساعات، نقلوني إلى سفينة بيضاء كبيرة وصلت إلى اليونان بعد حوالي 8 ساعات. مكثت في المستشفى يومين، وساعدتني المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة على العودة إلى باكستان.
هي معجزة أنني ما زلت حياً، فقد كنت في حالة يأس شديد. ولم يتوفر لدينا طعام طيلة 6 أيام أثناء الرحلة. واشتريت بعض الأشياء الصالحة للأكل قبل الرحلة، لكنهم قالوا إنه لا يمكن إحضار قطعة ورق واحدة زائدة لأنها ستزيد من وزن السفينة. وكان الجميع يرتدون ملابسهم فقط.
لم يعطونا سترات نجاة أو أي شيء، رغم أنهم أخذوا من كل شخص فينا 100 دولار للطعام وتعهدوا بمنحنا سترات نجاة. وأعطوا الناس في الطابق العلوي بعض الطعام والماء، لكنني كنت في الجزء السفلي من السفينة ولم يعطونا أي شيء.
أنا شرطي في باكستان، وأعيش في منزل ضيق مع عائلة أخرى، ومتزوج ولدي ابن، وظروف الحياة غاية في الصعوبة. ورأيت أناساً كثيرين من بلدتي، غوجارات، يذهبون إلى أوروبا، ويستقرون هناك ويدعمون آباءهم وأبناءهم ليعيشوا حياة أفضل، وهذا ما دفعني للمشاركة في هذه الرحلة.
"جاء من أقرضوني المال ليستردوا أموالهم"
ولا أظن أن هذه المأساة ستُثني الناس عن خوض الرحلة؛ إذ أخبرني بعض الأشخاص في ليبيا أن المهربين أوقفوا عملياتهم بعد غرق السفينة اليونانية، لكنهم سيستأنفونها في ظرف أسبوع أو نحو ذلك.
ويوجد ما لا يقل عن 20 ألف باكستاني، كثير منهم مع عائلاتهم، في ليبيا ليخوضوا رحلتهم إلى إيطاليا. 6 من أصدقائي وصلوا بالفعل إلى أوروبا، وخلال إقامتي شهرين في ليبيا، غادرتها 11 سفينة ووصلت إلى إيطاليا.
والعودة من ليبيا صعبة أيضاً؛ فلو طلب أحدهم من المُهرِّب إعادته، يطلب مزيداً من المال. ولو أن شخصاً اقترض 2.4 مليون روبية باكستانية (8389 دولاراً تقريباً) لهذه الرحلة، فكيف له أن يقترض مزيداً من المال ليعود؟!
نعلم أن كل من يسافر إلى ليبيا بتأشيرة صالحة يتجه إلى أوروبا بوسائل غير قانونية، لذا على الحكومة أن تمنع الناس من السفر إلى هناك. فلا شيء في ليبيا، فلمَ قد يذهب أي شخص إلى ليبيا إلا كي يسافر إلى أوروبا؟
وختم صديق حديثه بالتأكيد على أنه لم يحصل على حق اللجوء السياسي للبقاء في اليونان مثلما فعل باكستانيون آخرون.
وأضاف: "في اليوم الذي عدت فيه إلى بلدي، جاء من أقرضوني المال ليستردوا أموالهم. ولا أعرف كيف يمكنني سدادها لهم. فقد بعت جاموستين ودراجة ومجوهرات زوجتي، واقترضت أكثر من مليون روبية باكستانية من الأصدقاء والأقارب لهذه الرحلة.