بدأت السلطات الإيرانية في حملة جديدة لإجبار النساء على ارتداء الحجاب، وعادت "شرطة الأخلاق" إلى الشوارع بعد 10 أشهر من وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني عقب اعتقالها من قبل هذه الشرطة، ما أثار حينها موجة من الاحتجاجات الضخمة التي اجتاحت البلاد وتضمنت انتقادات واسعة لعمل الشرطة.
المتحدث باسم الشرطة، اللواء سعيد منتظر المهدي، قال الأحد 16 يوليو/تموز 2023، إنَّ "شرطة الآداب" ستستأنف تحذير النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب في الأماكن العامة ثم تعتقلهن، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 17 يوليو/تموز 2023.
شوهد في طهران رجال ونساء من "شرطة الآداب"، وهم يجرون دوريات في الشوارع في شاحنات صغيرة، وفي وقت متأخر من يوم السبت 15 يوليو/تموز 2023، ألقت الشرطة القبض على محمد صادقي، الممثل الشاب وغير المعروف نسبياً، في مداهمة لمنزله.
كان قد نشر صادقي مقطع فيديو في وقت سابق، رداً على فيديو آخر على الإنترنت يُظهِر امرأة محتجزة لدى "شرطة الآداب"، وعلّق عليه قائلاً: "صدقني، إذا رأيت مثل هذا المشهد، فقد أرتكب جريمة قتل".
من جانبه، قال الموقع الإلكتروني لصحيفة Hamshahri شبه الرسمية التابعة لبلدية طهران، إنه أُلقِي القبض على صادقي "لتشجيع الناس على استخدام الأسلحة ضد الشرطة"، بحسب قولها.
كانت شرطة الأخلاق قد انسحبت إلى حد كبير بعد وفاة أميني البالغة من العمر 22 عاماً في سبتمبر/أيلول 2022، إذ كافحت السلطات لاحتواء الاحتجاجات الجماهيرية المُطالِبَة بإطاحة الحكم الديني الذي يسيطر على إيران منذ أكثر من أربعة عقود.
تلاشت الاحتجاجات إلى حد كبير في وقت سابق من هذا العام، بعد تنفيذه السلطات حملة قمع عنيفة قُتِل خلالها أكثر من 500 متظاهر، واعتُقِل ما يقرب من 20 ألفاً، لكن استمرت العديد من النساء في انتهاك قواعد اللباس الرسمية، خاصة في العاصمة طهران ومدن أخرى.
عقب الاحتجاجات على مقتل أميني، كان من النادر مشاهدة "شرطة الآداب" وهي تجري دوريات في الشوارع، وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، ترددت بعض التقارير عن حلّها، لكن نُفِيَت صحتها لاحقاً.
كذلك أصرت السلطات الإيرانية طوال الأزمة على أنَّ القواعد لم تتغير، وكان فرض ارتداء الحجاب قد دخل في صلب الاحتجاجات التي شهدتها إيران.
انضم العديد من المشاهير الإيرانيين إلى الاحتجاجات؛ بما في ذلك المخرجون والممثلون البارزون من صناعة السينما الشهيرة في البلاد، واعتُقِل عددٌ من الممثلين الإيرانيين بعد ظهورهم علانية دون الحجاب أو الإعراب عن دعمهم للاحتجاجات.
وفي قضية حديثة، مُنِعَت الفنانة آزاده صمدي من الشبكات الاجتماعية، وأمرتها المحكمة بالخضوع للعلاج النفسي بسبب "اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع" بعد ظهورها في جنازة قبل شهرين مرتدية قبعة على رأسها.
يُطلق على "شرطة الأخلاق" في إيران اسم "كشت إرشاد" أو "دوريات التوجيه" وهي وحدة تابعة للشرطة الإيرانية، يتلخص عملها في ضبط وفرض قوانين اللباس المحتشم على النساء والفتيات في الأماكن العامة.
تأسست "شرطة الأخلاق" بواسطة القضاء والشرطة في إيران في عام 2005، حيث جاء في وقت كان المجتمع الإيراني يتجه للتغيير بشكل سريع بعد عقدين على الثورة الإسلامية، وذلك من أجل كبح جماح الناس عبر فرض قواعد صارمة للباس والمظهر العام.
تظهر "شرطة الأخلاق" الإيرانية في كل مكان في المناطق الحضرية في إيران، حيث تشكل فرقاً من الرجال والنساء اللاتي يرتدين "الشادور"، وتضم الدوريات شاحنات صغيرة لاعتقال المخالفين.
يتركز تواجد شرطة الأخلاق في الأماكن العامة المزدحمة، مثل مراكز التسوق، ومحطات مترو الأنفاق، والساحات الرئيسية، وأي مكان آخر قد يتردد عليه الشباب والشابات الإيرانيات اللاتي قد يرتدين "ملابس غير لائقة" من وجهة نظر الدولة.
أما المخالفون والمخالفات، فيتم اقيادهم إلى أقسام الشرطة أو ما يعرف بـ"المرافق الإصلاحية والإرشادية"، لإلقاء محاضرات عليهم حول كيفية ارتداء الملابس التي تسير مع تفسير البلاد الشرعي للإسلام، ليتم بعد ذلك الاتصال بذويهم للحضور لإطلاق سراحهم، بعد إحضارهم "ملابس محتشمة" لهن.