قال مسؤول بمجلس الأمن القومي التونسي في اجتماع، مساء الجمعة 14 يوليو/تموز 2023، إن المهاجرين غير الشرعيين في تونس تلقوا تحويلات بثلاثة مليارات دينار (نحو مليار دولار) من دول إفريقيا جنوب الصحراء خلال النصف الأول من 2023، في الوقت نفسه قال الرئيس التونسي قيس سعيد الذي ترأس الاجتماع، إن هذا الرقم صادم ويشير إلى أن تونس مستهدفة.
في حين تطرق رئيس الجمهورية قيس سعيد، خلال إشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي، إلى ملف الهجرة غير النظامية، التي وصفها بالهجرة "غير الإنسانية". وقال رئيس الدولة في هذا الإطار وفق ما نشره موقع "موزاييك" التونسي الإخباري: "كثيرةٌ هي الحالات التي تتم فيها هذه الهجرة، بل هي في الواقع عملية تهجير وليست بالهجرة المعهودة أو المألوفة، وأعي جيداً ما أقول.. تتولاها شبكات إجرامية تتاجر بالبشر وبأعضائهم وتستهدف وجود الدول والأوطان لا الربح فقط".
قيس سعيد يتحدث عن إسهامات تونس لدعم المهاجرين
سعيد أضاف: "ما قدمته تونس رغم كل الصعوبات التي تعيشها، أفضل وأرقى ما يجده هؤلاء المهجرون في عديد من المناطق الأخرى.. ويكفي أن نذكر ما يقدمه في هذا الإطار؛ الهلال الأحمر التونسي، والقوات المسلحة وقوات الأمن وكل أجهزة الدولة، لأن قيمنا وأخلاقنا ترفض أن نترك هؤلاء البؤساء والفقراء المهجّرين في العراء".
وشدد رئيس الجمهورية على أنه لا وجود لدولة في العالم تسمح بإنشاء ميليشيات ومحاكم على أرضها، مضيفاً: "لا يمكن أن نسمح بإحداث مدارس أو محاضن لا تكون تحت إشراف الدولة التونسية، فالقانون التونسي هو الذي يجب أن يسري على الجميع.."، وتابع في هذا الإطار: "الحرية عندهم تعني الفوضى، والديمقراطية التي يزعمون أنها مهددة تعني التآمر على الدولة وأمنها، وأقولها مرة أخرى: نحن أفارقة ونعتز بانتمائنا الإفريقي.. ولكن نرفض أن نكون أرض عبور أو أرض توطين..".
منظمات تدعو لحماية المهاجرين في تونس
في سياق متصل دعت منظمتان تونسيتان، الجمعة، إحداهما حقوقية والثانية مدنية، إلى حماية مهاجرين غير نظاميين من إفريقيا موجودين على الحدود مع ليبيا والجزائر، بعد طردهم من محافظة صفاقس جنوبي البلاد.
جاء ذلك خلال لقاء صحفي في مقر نقابة الصحفيين وسط تونس العاصمة، بدعوة من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (مستقل مختص بقضايا الهجرة).
وقال الناطق باسم المنتدى رمضان بن عمر، إنه "تم طرد عدد من المهاجرين غير النظاميين من جنسيات دول إفريقيا جنوب الصحراء من محافظة صفاقس باتجاه حدود تونس مع الجزائر أو ليبيا، على أساس اللون (البشرة السوداء)".
وأشار في كلمة له خلال اللقاء، إلى أنه "ما بين 500 و700 مهاجر غير نظامي تم نقلهم إلى أماكن قريبة من حدود تونس مع جارتيها ليبيا والجزائر تحت الضغط من منظمات مدنية وحقوقية، لكن نحو 150 شخصاً آخرين لا يزالون على الحدود نفسها في ظروف صعبة".
انتقادات للدولة التونسية بسبب المهاجرين
بحسب بن عمر، فإن "165 مهاجراً غير نظامي من إفريقيا جنوب الصحراء تم نقلهم إلى وجهات غير معلومة"، مطالباً بـ"كشف أماكنهم". وقال إن "الدولة في تعاملها مع أزمة المهاجرين غير النظاميين لا تراعي الحقوق الإنسانية، بل تتعامل معها وفق مقاربة أمنية"، بحسب تعبيره.
من جهتها، أعربت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات (مستقلة)، نائلة الزغلامي، خلال اللقاء الصحفي نفسه، عن تخوّفها من "تفاقم أزمة المهاجرين غير النظاميين في تونس، خاصةً النساء والأطفال منهم، مع تصاعد حملات الترحيل والعنف تجاههم".
فيما لم يصدر عن السلطات التونسية تعليق فوري على ما جاء في اللقاء الصحفي.
وعاش هؤلاء المهاجرون خلال الأسبوعين الأخيرين أوضاعاً إنسانية صعبة على الحدود التونسية الليبية، فيما قامت جمعية "الهلال الأحمر" التونسي بتوفير الحاجات الضرورية لهم ونقل بعضهم إلى المستشفى، وفقاً لما ذكرته وكالة الأناضول.
وعبّر مئات المهاجرين غير النظاميين عن رغبتهم في مغادرة تونس عبر قوارب الصيد للوصول إلى مدن أوروبية أو العودة طوعاً إلى بلدانهم، وذلك بعد اشتباكات بين عدد منهم ومواطنين في صفاقس أسفرت عن مقتل شاب تونسي، ما دفع كثيرين بينهم إلى المغادرة نحو محافظات أخرى.
وتعدّ صفاقس نقطة مهمة أمام المهاجرين غير النظاميين للوصول إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية التي تبعد نحو 130 كيلومتراً عن السواحل التونسية.
وتتعرض تونس لضغوط أوروبية متصاعدة؛ لممارسة مزيد من الرقابة على شواطئها ومنع قوارب الهجرة، حيث مثلت شواطئها في الأشهر الأخيرة نقطة انطلاق أساسية نحو القارة الأوروبية، خاصة مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية فيها وفي دول المنطقة.