قال 14 سيناتوراً جمهورياً بمجلس الشيوخ الأمريكي إنهم سيبذلون وسعهم لتأخير الموافقة على تعيين مرشحي إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لوزارة الخارجية، ما لم تنصرف الإدارة عما وصفوه بـ"السياسات المعادية للسامية في مقاطعة إسرائيل".
جاء ذلك بعد أن أرسل ليندسي غراهام، وجيمس ريش، وتوم كوتون، وتيد كروز -وكلهم نواب جمهوريون بمجلس الشيوخ الأمريكي- خطاباً إلى الرئيس الأمريكي ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، الثلاثاء، 11 يوليو/تموز 2023، كتبوا فيه إنه "لا يجوز لمسؤولي وزارة الخارجية أن يواصلوا الزعم في جلسات الاستماع أمام الكونغرس بأنهم يؤيدون العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وما إن تغيب الأعين عنهم، إذ بهم يسعون لدفع السياسات الرامية إلى تقويض تلك العلاقة"، على حد قولهم.
إيقاف التعاون العلمي مع إسرائيل
خصَّ النواب باعتراضهم القرار الذي أعلنته إدارة بايدن الشهر الماضي بإيقاف التمويل لمشروعات البحث والتطوير والتعاون العلمي مع إسرائيل في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، بحسب موقع Middle East Eye البريطاني، الأربعاء، 12 يوليو/تموز 2023.
ارتدت الإدارة الأمريكية بهذه الخطوة عن السياسة التي أقرتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في أواخر عام 2020، والتي سمح فيها -لأول مرة منذ عام 1967- باستخدام أموال الضرائب المحصّلة من الأمريكيين في تمويل مشروعات علمية وتكنولوجية تقيمها إسرائيل بالمستوطنات المقامة في الضفة الغربية المحتلة.
وزعم النواب الجمهوريون أن الولايات المتحدة اتخذت قرار منع التمويل عن مشروعات إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة "قبل عقود من الزمن"، وفي "ظروف إقليمية معينة"، واتهموا إدارة بايدن بأنها أبطلت قرار ترامب دون أن تعرض الأمر على الرأي العام والكونغرس.
كان موقع Axios الإخباري الأمريكي قد كشف عن هذه الخطوة من إدارة بايدن في يونيو/حزيران، ونقل الموقع عن متحدث سابق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، قوله إن الولايات المتحدة أرسلت توجيهاتها الجديدة للسياسة الخارجية إلى مختلف الهيئات الأمريكية، وقالت إن انخراط الولايات المتحدة في التعاون العلمي والتكنولوجي مع إسرائيل بمشروعاتها في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان يتناقض مع السياسة الخارجية الأمريكية المتواصلة منذ عقود.
واستعمل النواب في خطابهم إلى الرئيس الأمريكي الأسماء التي تطلقها الحكومة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة (يهودا والسامرة). وكانت إسرائيل قد احتلت المنطقة -التي يفترض أنها موطن الدولة الفلسطينية في المستقبل- بعد اقتطاعها من الأردن في حرب عام 1967.
تهديد النواب
وأنذر النواب الإدارةَ الأمريكية من أن "أي سعي من الإدارة للمضي قدماً في سياسات التفريق بين الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل قبل يونيو/حزيران 1967 وما بعد ذلك التاريخ، فإن هذا السعي يُخاطر بدفعِنا إلى القطع الكامل للتواصل مع وزارة الخارجية بشأن هذه القضايا".
قد يؤدي هذا التهديد إلى تأخير الموافقة من مجلس الشيوخ على مرشحي بايدن، ومن ثم تكبيل السياسة الخارجية لإدارته، لأن نواب الحزب الديمقراطي أقلية في مجلس الشيوخ. ومن المفترض أن منصب السفير الأمريكي في إسرائيل سيشغر هذا الصيف، بعد مغادرة السفير الأمريكي، توم نايدز، للمنصب.
سعى النواب الجمهوريون بخطابِهم هذا إلى المماثلة بين القرار الذي اتخذته إدارة بايدن من جهة، وما تدعو إليه "حركة مقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها، وفرض العقوبات عليها" (BDS)، وهي مبادرة غير عنيفة يتزعمها فلسطينيون وتسعى إلى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بمقاطعة اقتصادية وثقافية وأكاديمية تشابه تلك التي استُخدمت في وجه نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) في جنوب إفريقيا.
اكتسبت الحركة مؤيدين لها في الولايات المتحدة، لكنها واجهت معارضة كبيرة كذلك، إذ قالت مجموعة Palestine Legal للمناصرة القانونية إن 36 ولاية أمريكية استحدثت قوانين أو أوامر تنفيذية مناهضة لمقاطعة إسرائيل.
وزعم نواب مجلس الشيوخ أن "الشعب الأمريكي والكونغرس أغلبهم يعارض بشدة مساعي مقاطعة إسرائيل، وقد عُرِّفت هذه المساعي مراراً في القانون الأمريكي بأنها أي جهود لتقييد التجارة مع الأشخاص الذين يقومون بأعمال تجارية في جميع المناطق الي تسيطر عليها إسرائيل".
في غضون ذلك، فإن هذا الإنذار من الجمهوريين، واتهامهم إدارة بايدن بأنها تعارض إسرائيل، يؤكدان النفوذ الكبير لتل أبيب في واشنطن. وعلى الرغم من أن إدارة بايدن نأت بنفسها عن أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية، ورفضت دعوة بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض، فإنها ساندت معظم تصرفات حكومته اليمينية المتطرفة في الضفة الغربية المحتلة.