يُحاول المغرب النزول بكل قوته الدبلوماسية في كواليس الاتحاد الإفريقي، وذلك بغرض حشد أصوات أغلب الدول الإفريقية للتصويت ضد "عضوية البوليساريو في الاتحاد"، وذلك بعد دخولها قبل 39 عاماً بمساندة الرئيس الجزائري الراحل، هواري بومدين.
ويحتاج المغرب تصويت ثلثي أعضاء الاتحاد الإفريقي، والذي يتكون من 55 دولة، للتصويت ضد عضوية البوليساريو، إلا أنه لم يستطع للآن أن يحصل على دعم 30 دولة إفريقية فقط.
وبدأ المغرب يتحرك منذ 2016 وفق استراتيجية معينة هي تفعيل عضويته في الاتحاد كمرحلة أولى، ثم جمع تواقيع عدد من الدول الأعضاء في سبيل طرد "البوليساريو"، على اعتبار أنها غير معترف بها من قبل الأمم المتحدة.
وكان المغرب قد غادر الاتحاد الإفريقي احتجاجاً على عضوية البوليساريو، لكنه عاد سنة 2016 بعد معركة دبلوماسية طويلة.
وتقترح الرباط حكماً ذاتياً موسّعاً تحت سيادتها، بينما تدعو "البوليساريو" لاستفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي لاجئين من الإقليم.
المغرب والاتحاد الإفريقي.. مقاطعة عمرها 33 سنة
سنة 1984 وعندما كان يُسمى الاتحاد الإفريقي منظمة الوحدة الإفريقية، مُنحت البوليساريو (التي تطالب بانفصال الصحراء عن المغرب) عضوية داخل المنظمة، الأمر الذي دفع المغرب إلى إعلان انسحابه بشكل نهائي.
لكن بعد مرور 33 سنة، بعث الملك محمد السادس رسالة إلى القمة الـ27 للاتحاد الإفريقي التي انعقدت في العاصمة الرواندية كيغالي قال فيها إن "المغرب يتجه اليوم، بكل عزم ووضوح، نحو العودة إلى كنف عائلته المؤسسية، ومواصلة تحمل مسؤولياته بحماس أكبر وبكل الاقتناع".
في يناير/كانون الثاني 2017، عاد المغرب رسمياً إلى الاتحاد الإفريقي بتأييد من 40 دولة، وهي نسبة ثلثي أعضاء الاتحاد صوتت لصالح عودة المملكة في قمة إفريقية عُقدت في 28 يناير/كانون الثاني 2017 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وقبل استعادة المغرب لعضويته، أمر الملك محمد السادس بالتمدد الدبلوماسي في جميع الدول الإفريقية، وذلك بتعيين سفراء في دول إفريقية شهدت فراغاً دبلوماسياً مغربياً لوقت طويل، خصوصاً في إفريقيا الشرقية، والدول الإفريقية الناطقة بالإنجليزية.
بعدها قام الملك محمد السادس بزياراتٍ رسمية إلى رواندا وتنزانيا وإثيوبيا، شرق القارة السمراء، وشارك في طقوس الترحيب به التي شملت دقّ الطبول، وذلك تمهيداً للعودة للكرسي الشاغر في الاتحاد الإفريقي.
وعارض عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي كل من جنوب إفريقيا، والجزائر ونيجيريا، وهي أبرز الدول الإفريقية الداعمة لجبهة البوليساريو، والتي تُطالب بانفصال الصحراء الغربية عن المملكة المغربية.
بالإضافة إلى ذلك صوت ضد عودة المغرب للاتحاد الإفريقي كل من زيمبابوي، وناميبيا، وموزمبيق، ومالاوي، وليسوتو، وكينيا، وأوغندا، وامتنعت كل من مصر وتونس وموريتانيا عن التصويت.
المغرب والبوليساريو.. معركة داخل الاتحاد الإفريقي
يُحاول المغرب جمع أكبر عدد من الأصوات الإيجابية من الدول الإفريقية للتصويت على قرار طرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي، وذلك بعد مرور 39 سنة على دخولها الاتحاد أول مرة.
ويصطدم المغرب في موضوع طرد البوليساريو بجهود أخرى تبذلها كل من الجزائر ودولة جنوب إفريقيا، واللتين تعتبران دولتين إفريقيتين قويتين، وذلك بقصد بقاء الجبهة داخل المنظمة الإفريقية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022 نظم في مدينة طنجة شمالي المغرب المنتدى الدولي "ميدايز" (MEDays)، والذي وقع خلاله وزراء أفارقة سابقون "نداء طنجة التاريخي" يُطالبون من خلاله بطرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي.
وكان الوزراء الموقعون ديليتا محمد ديليتا، رئيس وزراء جيبوتي السابق، ومارتن زيغيلي، رئيس الوزراء السابق لجمهورية إفريقيا الوسطى، ولوتفو دلاميني، وزير خارجية إسواتيني السابق، وغبيزونغار ميلتون فيندلي، وزير خارجية ليبريا السابق.
بالإضافة إلى ذلك هناك ريجيس إيمونغولت تاتانغاني، وزير خارجية غابون السابق، فرانسيس كاسايلا، وزير خارجية مالاوي السابق، ومانكور ندياي، وزير خارجية السنغال السابق، مامادي توري، وزير خارجية غينيا السابق، رافائيل توجو، وزير خارجية كينيا السابق.
دبلوماسية القنصليات الإفريقية
منذ سنة 2020 قرر المغرب أن ينهج دبلوماسية جديدة، ينتزع من خلالها اعتراف رسمي من دول إفريقية، تُدافع عن وحدته الترابية داخل الاتحاد الإفريقي، فبدأ بجلب دول لافتتاح قنصلياتها في مدن تقع في إقليم الصحراء المتنازع عنه.
وافتتحت كل من كوت ديفوار، الغابون، جمهورية ساو تومي وبرنسبي، جمهورية إفريقيا الوسطى، جمهورية بوروندي، جمهورية زامبيا قنصلياتها في مدينة العيون في الأقاليم الجنوبية للمغرب.
أما في مدينة الداخلة فقد تم افتتاح 9 قنصليات وهي: جمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية غامبيا، وغينيا، وجيبوتي، وجمهورية ليبيريا، جمهورية بوركينا فاسو، وجمهورية غينيا بيساو، وجمهورية غينيا الاستوائية، وهايتي.