لا يزال الغموض يحيط بمكان قائد فاغنر، يفغيني بريغوجين، فقد تجمَّع بعض أنصار المجموعة، السبت 8 يوليو/تموز 2023، في مسقط رأس قائدها بمدينة سانت بطرسبرغ، ما استدعى مزيداً من الشكوك حول دوره المستقبلي في روسيا بعد أن تزعم أخطر تحدٍّ لسيطرة الرئيس فلاديمير بوتين على البلاد منذ وصوله إلى السلطة قبل 23 عاماً.
صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية قالت إن قائد فاغنر لم يحضر الفعالية التي أقيمت في ساحة انتظار تابعة لمركز تسوق، وقد تولى تنظيمها وسداد فاتورتها أحد المعجبين على قناة مناصرة لـ"فاغنر" على تطبيق تليغرام، وتلقى الحاضرون فيها قمصاناً وملصقات مؤيدة للمجموعة. ولا يُعرف ما إذا كانت مجموعة المرتزقة على علم بالتجمع أم لا.
تجمُّع أنصار قائد فاغنر
ينتمي منظم الفعالية إلى قناة WagnerPiter المناصرة للمجموعة على تليغرام، وقد زعم أن أكثر من 300 شخص حضروا التجمع. وتشير الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى حضور عشرات من المعجبين على الأقل.
حيث كتب منظم الفعالية في تعليق على تطبيق تليغرام: "مع الأسف، لم تكفِ الهدايا التي كانت معنا للجميع"، لكن "الفاعلية سارت على ما يرام. ولم تقع استفزازات ولا حوادث". ثم شكر أتباع المجموعة واصفاً إياهم بـ"المواطنين الذين يناصرون بلادنا".
بينما كان المنظمون قد نبهوا المتابعين قبل الحضور إلى أن "الفاعلية غرضها اجتماع المؤيدين، لا أكثر"، و"من الأهمية بمكانٍ أن ننتبه إلى ذلك في ضوء الأحداث الأخيرة. لذلك لا حاجة لنا إلى رفع الأعلام أو القيام بحملة واسعة".
على الرغم من ذلك، فقد تجاهل بعض الحاضرين توصيات المنظمين بترك أعلام فاغنر في المنزل. وارتدى قليل منهم زياً عسكرياً، وغطوا وجوههم بالأوشحة. ولبس آخرون أزياء فاغنر السوداء التي تحمل أحد شعارات المجموعة: سيفان متقاطعان مع نجمة ذهبية في المنتصف.
كشف مقطع فيديو وتعليقات نشرها المنظمون على تليغرام، أن سلطات إنفاذ القانون أوقفت قافلة من السيارات والدراجات النارية التي رفعت أعلام فاغنر وحملت أنصارها في شارع نيفسكي بروسبكت -وهو طريق رئيسي في وسط مدينة سانت بطرسبرغ- لكنها سمحت لهم بمواصلة التحرك بعد دقائق، وشكرَ المنظمون شرطة المرور والحرس الوطني "على ولائهم وتفهمهم".
غموض بشأن مستقبل "طباخ بوتين"
من جهة أخرى، فإن التجمع، على الرغم من صغره، زاد من التكهنات المتداولة بشأن خطط قائد فاغنر بعد أن قاد الشهر الماضي قواته للتمردِ على القيادة العسكرية الروسية.
أوقف بريغوجين مسيرة عصيانه التي كانت متوجهة نحو موسكو بعد صفقةٍ توسط فيها الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وتضمنت السماحَ بممر آمن لمغادرته ورجاله إلى بيلاروسيا في اتفاقية، قيل إنها حظيت بموافقة بوتين.
على الرغم من ذلك، فإن لوكاشينكو أخبر المراسلين هذا الأسبوع، بأن بريغوجين عاد إلى روسيا، وانتشرت مشاهد مزعومة لبريغوجين على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن زعيم فاغنر لم يتحدث علناً عن مستقبله ولا مستقبل مقاتليه الذين يبلغ عددهم 25 ألف مقاتل. ولم يرد ممثلوه على الأسئلة المتعلقة بمكانه.
بينما قال محللون يتابعون التطورات في روسيا، إنه إذا كان قائد فاغنر على قيد الحياة بالفعل ويتنقل في البلاد، فإن ذلك يدل على أن بوتين لا يزال بحاجة إليه، ويتناقض مع وصف الرئيس الروسي لعصيان فاغنر بأنه خيانة.
فقد ساهم مقاتلو فاغنر مساهمة كبيرة في هجوم موسكو على أوكرانيا، وقادوا الاستيلاء على مدينة باخموت؛ وكان للمجموعة دور مهم في توسيع نفوذ الكرملين بالشرق الأوسط وإفريقيا.
لم تصرح الحكومة الروسية بالكثير عن مستقبل قائد فاغنر. وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، للصحفيين هذا الأسبوع، إن موسكو لا تتابع تحركات زعيم المجموعة شبه العسكرية، وليست لديها "القدرة ولا الرغبة" في القيام بذلك. ومع ذلك، فقد بذلت وسائل الإعلام الحكومية الروسية جهوداً مكثفة لتشويه سمعة بريغوجين.
إلى أين سيتجه مقاتلو فاغنر؟
فيما بثت القنوات الإخبارية يوم الأربعاء 5 يوليو/تموز، لقطات فيديو لما زعمت أنه غارة على قصر بريغوجين ومكاتبه في سانت بطرسبرغ، كاشفةً عن رغد معيشته، ومستدلةً على ذلك بوجود شاحنة محملة بعشرات الصناديق التي تحوي رزماً نقدية ملفوفة بعناية، وسبائك ذهبية.
لا يزال الغموض يحيط بمصير مقاتلي فاغنر أيضاً. فقد عُرض عليهم في صفقة لوكاشينكو أن يغادروا إلى بيلاروسيا مع قائد فاغنر أو ينضموا إلى الجيش النظامي الروسي.
مع ذلك، فإن وكالة أنباء "بيلتا" البيلاروسية نقلت يوم الجمعة 7 يوليو/تموز، عن ليونيد كاسينسكي، نائب وزير الدفاع البيلاروسي، قوله إن قوات فاغنر لم تصل إلى معسكر التخييم الذي كان من المقرر احتشادهم فيه قبل توزيعهم على مقرات إقامة أخرى.
كما ذكرت وكالة بيلتا أن المعسكر يقع بالقرب من بلدة أسيبوفيتشي التي كانت ثكنة عسكرية في السابق، وقد أقيم في الأصل لتدريب العسكريين والإداريين إذا استدعت الحاجة نشر القوات للدفاع عن المنطقة. ويستوعب المعسكر نحو 5 آلاف شخص.