تحدثت زوجة المعتقل السياسي النائب السابق والقيادي في حركة النهضة الصحبي عتيق لـ"عربي بوست" عن ظروف اعتقاله في تونس، ووضعه الصحي وسط إضرابه عن الطعام منذ 58 يوماً، مشددة على أنه "قد يفقد حياته بأي لحظة، بسبب تردي وضعه الصحي وامتناع السلطات عن الإفراج عنه".
قالت زينب المرايحي، زوجة عتيق، إنها لم تره منذ الاثنين الماضي، 3 يوليو/تموز 2023، حين شاهدته وهو ينهار أمامها خلال حديثه معها ليفقد وعيه، ولتبلغ في اليوم التالي بأنه في المستشفى وفي حالة خطيرة.
وأكدت أن زوجها لم يعد قادراً حتى على الوقوف، ويتكلم بصعوبة، وأنه فقد أكثر من 20 كيلوغراماً من وزنه، وأنه منذ 5 أيام في قسم الإنعاش بمستشفى في العاصمة تونس، ويخضع لمراقبة طبية من حينها.
يخوض الصحبي عتيق إضراباً عن الطعام منذ إيقافه في 6 مايو/أيار 2023، حين كان متوجهاً إلى تركيا للمشاركة في مؤتمر برلماني، وهو يبلغ من العمر 64 عاماً.
تابعت زوجته القول: "حياته تنذر بالهلاك جراء إضرابه عن الطعام في سجنه منذ قرابة الشهرين. زوجي يبلغ من العمر 64 عاماً قضى منها 17 سنة في عهد زين العابدين بن علي، وها هو اليوم بنفس الجسد المنهك، يخوض إضراباً عن الطعام، مكتفياً فقط بكأس ماء".
أوضحت كذلك أن زوجها المعتقل "لم يجد وسيلة ليعبر بها عن المظلمة الكبرى التي تم حشره فيها، إلا بالإضراب عن الطعام".
وقالت: "تحدث معي قليلاً في آخر زيارة لي، وأعلمني أنه قرر عدم قبول زيارات من العائلة، وحتى من المحامين، وأنه لن يذهب للمستشفى، وبعد ذلك فقد وعيه فسقط أرضاً".
ومنذ اعتقاله، جرى نقل عتيق إلى الإنعاش أكثر من 10 مرات منذ إيقافه، بحسب محاميه.
واستنكرت المرايحي عدم إعلامها من إدارة السجن أو قاضي التحقيق بنقل زوجها للإنعاش.
وختمت المرايحي حديثها بالقول: "زوجي يموت في ظل صمت السلطات".
وسبق أن أطلقت شخصيات سياسية وحقوقية مع عائلة الصحبي عتيق نداءً عاجلاً لأجل إنقاذ حياته، مؤكدين أنها "باتت في خطر كبير"، بسبب إضرابه عن الطعام لليوم 59 دون انقطاع.
ما هي قضيته؟
تعود أطوار الملف الذي أوقف على خلفيته الصحبي عتيق إلى عام 2016، بعد سرقة منزل وجدت في داخله أموال من العملة الصعبة (دولار ويورو) تقدر بـ 60 ألف دينار تونسي.
أكدت هيئة الدفاع المكونة من عدد كبير من المحامين أن كل التحقيقات تفيد بأن لا علاقة لعتيق بالقضية وفي المنزل، إلا أن السلطات تقول إنها حصلت على اعترافات أشخاص بتورطه.
في حين اعتبرت هيئة الدفاع أن ملف عتيق "سياسي بامتياز؛ لأنه معارض للانقلاب"، وفق قولها.
من جهتها، قالت محامية الدفاع فريدة العبيدي، في حديث خاص لـ"عربي بوست": "بأمعاء خاوية وجسم منهك، يخوض عتيق إضراباً عن الطعام في سبيل معركة الحرية والكرامة".
وأكدت المحامية العبيدي: "أثبتت التحقيقات وكل الأعمال الاستقرائية أن عتيق لا علاقة له بالمرة بأطراف ووقائع القضية" المتهم بها.
لفتت كذلك إلى أن "الصحبي عتيق موقوف خارج الإطار القانوني"، وأن "الإيقاف التحفظي استثناء، والحرية هي الأصل، بالتالي لا يوجد ما يوجب مواصلة إيقافه"، مشددة على أن "حياة عتيق في خطر".
وقالت: "لقد تم النيل من سمعته وسمعة عائلته بحملات تشويه باطلة"، متسائلة: "لمصلحة من يتم التنكيل بالدكتور الصحبي عتيق؟ كل الاتهامات باطلة، والدفاع دحض كل التهم، وقدمنا بالبراهين زيف الادعاءات ضد عتيق".
تضامن واسع في تونس
مع تدهور الحالة الصحية للصحبي عتيق، عبّرت أحزاب سياسية وشخصيات ومنظمات حقوقية في الداخل والخارج عن تضامنها الكامل مع النائب السابق، وطالبت السلطات بإطلاق سراحه على الفور.
منذ اعتقاله، لا تتوقف حركة "النهضة" عن المطالبة بإطلاق سراح الصحبي عتيق، و"الكفّ عن سياسة التشفي بحق معارضي سلطات الانقلاب".
واستنكرت الحركة بشدة "توظيف السلطة السياسية القائمة للقضاء لانتهاك حقوق الدكتور الصحبي عتيق، والتنكيل به بسبب آرائه السياسية، واعتقاله دون موجب قانوني، خاصة بعدما تبينت براءته من كل التهم الموجهة إليه" .
وحمّل الحزب "السلطة القائمة وقاضي التحقيق المتعهد بملف الصحبي عتيق، المسؤولية كاملةً عما يتهدّد حياته من خطر، جراء القرار التعسّفي الجائر، وعدم الإفراج عنه، خاصة بعد تلقيه لشهادة تقطع ببراءته، وقيام الشاكي بتغيير أقواله وإقراره بعدم دقة ما ورد عنه سابقاً من اتهام للصحبي عتيق في هذه القضية غريبة الأطوار"، وفق تعبير الحركة.
وقالت النهضة إنها ترفع "نداءً عاجلاً لكل الأحرار والوطنيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، للوقوف بحزم في وجه سياسة اضطهاد المعارضين تجنباً لأي منعرج خطير ينذر بسقوط ضحايا أبرياء لم يجدوا من قوة لرفع الظلم عنهم سوى خوض معركة البطون الخاوية، انتصاراً لكرامتهم وذوداً عن حريتهم المسلوبة".
بدوره، استعرض مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو/حزيران 2023، وضع الصحبي عتيق، كما طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه، وتوفير الرعاية اللازمة له في ظل التدهور الخطير الذي طرأ على صحته، خلال إضرابه المستمر عن الطعام.
منذ 11 فبراير/شباط 2023، تشهد تونس حملة توقيفات شملت سياسيين وإعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال، يصفها المعارضون بأنها "اعتقالات سياسية للشخصيات المعارضة لانقلاب سعيد"، الذي بدأه منذ تموز/يوليو 2021 بإجراءات استثنائية حل بموجبها البرلمان والحكومة ووضع دستوراً جديداً وعمل على انتخابات عامة لم تلق اعترافاً من غالبية القوى السياسية في البلاد، ووجهت لها انتقادات خارجية.