بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السيطرة على مجموعة فاغنر، بعد فشل التمرد الذي شنته المجموعة قبل نحو أسبوع، إذ ستكون محاولة الاستيلاء على زمام شركات المجموعة بمثابة اختبار لسلطة بوتين، بحسب ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، الأحد 2 يوليو/تموز 2023 عن مسؤولين غربيين.
المسؤولون أوضحوا أن الرئيس الروسي يسعى للسيطرة على أكثر من 100 شركة تابعة لمجموعة فاغنر، وإن الأجهزة الأمنية الروسية داهمت مؤسسات تابعة للمجموعة، مشيرين إلى أن قائد فاغنر يفغيني يريغوجين نقل بعض ممتلكاته لموظفيه في الأسابيع التي سبقت التمرد، وهو ما قد يعقّد الأمر على الكرملين.
كما نقلت الصحيفة الأمريكية، عن مسؤولين غربيين، أن بريغوجين بنى واحدة من أكثر الهياكل المؤسسية تعقيداً وغير الخاضعة للمساءلة، مضيفين أن العديد من الصفقات التي أبرمتها فاغنر مع حكومات إفريقية كانت غير رسمية، وتعتمد على التهريب.
وفي وقت سابق، قالت وزارة الخارجية الروسية إن على زعماء الدول الإفريقية أن يقرروا بأنفسهم إن كانوا يريدون مواصلة العمل مع مجموعة فاغنر العسكرية، وذلك مع تصاعد نبرة الحديث عن مستقبل شركة فاغنر العسكرية الروسية وأنشطتها في مناطق متفرقة من العالم.
إذ قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) إن الدولة الروسية "لا علاقة لها" بنشاط مجموعة فاغنر في الدول الإفريقية، لافتاً إلى أن فاغنر "لديها نشاط مستقل في إفريقيا لا علاقة للدولة الروسية به"، وذلك رغم كشف الرئيس فلاديمير بوتين -الثلاثاء- أن فاغنر كانت تتلقى تمويلها الكامل من الدولة الروسية.
إلى ذلك، أفاد وزير الخارجية سيرغي لافروف بأن فاغنر "ستواصل عملها في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي، رغم التمرد الذي قاده رئيس المجموعة يفغيني بريغوجين".
فاغنر والشرق الأوسط
في السياق، نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أمريكيين في وقت سابق، أن واشنطن تدرس احتمال تأثير تمرّد فاغنر على عمليات المجموعة في الشرق الأوسط وإفريقيا.
بينما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، نقلاً عن مصادر دبلوماسية واستخباراتية، أن الكرملين يتجه للسيطرة على كامل عمليات مجموعة فاغنر في العالم.
كما نقلت وول ستريت عن مصادر لم تكشف عنها أن موسكو أبلغت رئيس النظام السوري بشار الأسد أن قوات فاغنر في سوريا لن تعمل هناك بشكل مستقل بعد الآن، مضيفة أن مقاتلي فاغنر في سوريا امتثلوا للأوامر بالتوجه إلى القاعدة الروسية في اللاذقية.
وتنتشر أعداد من قوات فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى منذ عام 2017 لحراسة مناجم الألماس والذهب، ويتوزع وجودها بين مدغشقر وموزمبيق. وقد دعيت إلى مالي من قبل الحكومة لتوفير الأمن في الدولة ضد الجماعات المسلحة.
إمبراطورية عالمية
وتدر شركات الواجهة التابعة لفاغنر في إفريقيا مئات الملايين من الدولارات سنوياً، لتمثل بذلك مصدر تمويل أساسياً يحافظ على نفوذ روسيا في القارة وتمويل عملياتها في أوكرانيا، بحسب المسؤولين الغربيين.
وتشمل مصادر دخل المجموعة تصدير الذهب السوداني إلى روسيا، وكذلك تصدير الألماس من جمهورية إفريقيا الوسطى إلى الإمارات، بالإضافة إلى تصدير الخشب إلى باكستان، بحسب المسؤولين.
بينما ثبّت مرتزقة فاغنر أقدامهم في مالي وسوريا وجمهورية إفريقيا الوسطى. وعرضت المجموعة كذلك المساعدة في قمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة بفنزويلا والسودان. وخطط شركاء بريغوجين رحلة جوية إلى هايتي أيضاً في أواخر فبراير/شباط، من أجل عرض خدماتهم على الحكومة هناك، بحسب الوثائق العسكرية الأمريكية المسربة على منصة ديسكورد.
ويعتمد مصير عمليات فاغنر الآن على نجاح الكرملين في تهميش بريغوجين، مع الحفاظ في الوقت نفسه على الإمبراطورية التي بناها داخل ثلاث قارات. وقال بعض مسؤولي الأمن القومي الذين يقيمون الإمكانات المحتملة إن واشنطن قد تعثر على مساحة شاغرة، ويمكنها استغلالها لاسترداد نفوذها داخل قارة شهدت نشاطاً من جانب روسيا والصين مؤخراً.
وظهرت المجموعة أول مرة عام 2014 أثناء ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم، وقد نفذت المجموعة حينها هجمات في أوكرانيا، وكان الكرملين وقتئذ بحاجة إلى من يخوض عنه الحرب لتخفيف الضغط الدولي عليه.
شاركت فاغنر بعمليات قتالية في مناطق نزاعات مختلفة، في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، واتهمت بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب في المناطق التي وجدت فيها، إضافة لقيامها بعمليات اغتصاب في جمهورية إفريقيا الوسطى.