فككت الاستخبارات التركية خلية تجسس جديدة تابعة للموساد الإسرائيلي، ضمت عدداً من الأتراك والعرب، كانت تستهدف عدداً من الأجانب الذين يقيمون في تركيا، وتمكنت من جمع معلومات استخباراتية عنهم وتعقبتهم لفترة من الزمن، كما صورتهم في لقاءات، بتوجيه من جهاز الاستخبارات التابع للاحتلال الإسرائيلي.
صحيفة Sabah التركية كشفت، الإثنين 3 يوليو/تموز 2023، عن تفاصيل كشف الاستخبارات التركية لخلية التجسس التي عملت لصالح "الموساد"، وأشارت إلى أن عناصر من وحدة "مكافحة التجسس" التابعة للاستخبارات التركية المعنية بدول الشرق الأوسط، هم الذين تولوا مهمة الكشف عن خلية التجسس، التي مارست عملها بتوجيه عن بُعد عبر شبكة الإنترنت.
جمعت الخلية معلومات عن الأشخاص الأجانب الذين استهدفتهم، وتعقبت مركباتهم باستخدام أجهزة تحديد الموقع "جي بي إس" GPS، كما راقبت أجهزة الاتصال اللاسلكي "الواي فاي" الخاصة بهم، واخترقت أرقامها السرية، وحددت عناوين إقامتهم.
كشفت الاستخبارات التركية أن خلية "الموساد" اخترقت مكتب هشام يونس يحيى قفيشة، مالك شركة "تريند جيو" Trend GYO في منطقة كاغدخانة، وأن اثنين من جواسيس خلية "الموساد" واسمهما محمد فيلي وعبد الله فلاحة، كانا وراء التخطيط لسرقة هاتف يستخدمه قفيشة، وسرقة جهاز كمبيوتر ووثائق من مسكنه بمنطقة باشاك شهير.
تعقب فيلي وفلاحة أيضاً صحفياً مصرياً معارضاً في إسطنبول، وطبيباً مصرياً يعمل بمركزٍ طبي في منطقة الفاتح، وموظفاً مصرياً في مكتب صرافة يعمل في أكسراي، وتجسَّسا على جمعية تُدعى "بياز إيلر" (الأيادي البيضاء).
كما توصلت الاستخبارات التركية كذلك إلى أن خلية التجسس تعقبت سليمان إغبارية [أحد قيادات الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني] الحامل للجنسية الإسرائيلية، أثناء رحلته من إسرائيل إلى تركيا، وكُلفوا بمراقبة جميع اللقاءات التي يعقدها في إسطنبول.
إدارة الخلية من الخارج
المهمة التي قادتها الاستخبارات التركية توصلت إلى أن جميع الاتصالات مع الجواسيس في تركيا قد أجريت من الخارج عبر مئات من خطوط الإنترنت المؤقتة، والمسجلة بهويات مزيفة لأشخاص من إسبانيا وإنجلترا وألمانيا والسويد وماليزيا وإندونيسيا وبلجيكا.
أحد قادة الخلية -يحمل اسماً رمزياً مزيفاً هو شريف عليان، أنشأ عدة صفحات إلكترونية (منها موقع najarland.com، وموقع almeshar.com ، وموقع nasrin-news.com، وموقع hresource.co.uk) للإيقاع بفلسطيني يُدعى "خالد نجم" وجذب انتباهه، ثم التواصل معه عبر خط تليفوني ألماني.
تُشير الصحيفة التركية إلى أن هواتف الشخص المستهدف تعرضت لاختراق بمجرد نقره على روابط المواقع الإلكترونية المفخخة.
أضافت الصحيفة أن التحقيقات خلصت إلى أن بريانشي باتيل كولهاري المولود في 8 أكتوبر/تشرين الأول 1999، وهو مدير شركة برامج للتجسس التي يقع مقرها في تل أبيب، قدم تدريباً سيبرانياً عن بُعد، وخدمات الدعم الفني لعملاء التجسس التابعين لإسرائيل.
عمل كولهاري مع "الموساد"، وكان على اتصال دائم بالجواسيس في إسطنبول، وأشرف على تحديد الوسائل اللازمة لاختراق هواتف الأشخاص المستهدفين ببرامج التجسس، وإعداد روابط الأخبار التي تُخترق حسابات المستهدفين بالنقر عليها.
مجندون عرب بالخلية
كذلك كشفت الاستخبارات التركية أن خلية التجسس الإسرائيلية في إسطنبول، ضمت جواسيس من أصول عربية وقد أُرسل معظمهم إلى لبنان وسوريا لجمع المعلومات الاستخبارية، وتحديد مواقع للاستهداف بالطائرات المسيَّرة.
أنشئت خطوط بعناوين مكاتب تجارية مختلفة في ماليزيا وإندونيسيا والسويد للتواصل معهم، لكن الواقع أن جميع العمليات كانت موجهة من تل أبيب، وفقاً للصحيفة التركية.
تبدأ المهام الموكلة إلى العملاء بتصوير الأماكن السياحية المعروفة والمسموح بتصويرها قانونياً -مثل المساجد والكنائس والبازار الكبير والبازار المصري في إسطنبول- وهي ملاحقات وهمية لاختبار مهارة العملاء الميدانيين والتزامهم، ثم نقلهم بناء على أدائهم فيها إلى المستوى التالي.
تدريب العملاء على 5 مراحل
يتكون تدريب العملاء من 5 مراحل مختلفة، ويجري الإشراف عليه عن بُعد خطوة بخطوة، وقد أرسل العملاء الذين اجتازوا المراحل الخمس إلى دول أجنبية، ودُربوا للعمل جواسيس محترفين.
في هذا الصدد، توصلت الاستخبارات التركية إلى أن بعض اللبنانيين والسوريين الذين جندهم الموساد في إسطنبول أُرسلوا إلى منطقة "حارة حريك" في بيروت لجمع المعلومات الاستخبارية والتجسس.
شملت أنشطتهم عمليات تجسس خارج تركيا، منها الحصول على الإحداثيات الدقيقة لمبنى تابع لـ"حزب الله" اللبناني، وتحديد الشخصيات العسكرية والسياسية رفيعة المستوى التابعة للحزب في الطابق الثالث من المبنى المستهدف.
كذلك كشفت الاستخبارات عن عميل تابع لـ"الموساد" يقيم في إسرائيل ويُعرف بالاسم الرمزي "عبد الله قاسم"، وهو أحد المشرفين على 9 خلايا تجسس مختلفة، ويُعرف نفسه بأنه عربي أردني يعيش في السويد، ويتواصل مع جواسيس الموساد عبر الإنترنت.
تُشير صحيفة "صباح" إلى أن قاسم كلف زيد سعد الدين بمراقبة ضاحية قدسيا المهمة في دمشق، والتقاط الصور التفصيلية للمنطقة وتحليلها.
كذلك أرسل الموساد الإسرائيلي عملاءه -ومنهم أتراك- إلى صربيا في الخطوة الأولى، وبعدها إلى دبي، ثم إلى العاصمة التايلاندية بانكوك في الخطوة الثالثة، وقد اعتمدوا في ذلك على أساليب الإخفاء الاستخباراتية المكونة من ثلاث خطوات.
تقول الصحيفة إن "السمة المشتركة للدول الثلاث أنها لا تطلب تأشيرات دخول للمواطنين الأتراك، وبذلك آلت رحلة الجواسيس الذين جُندوا في إسطنبول إلى التدريب الاستخباراتي في بانكوك".
أنشأ "الموساد" مركزاً سرياً لتدريب العملاء في تايلاند، وهناك تدرب "أوكان البيرق"، أحد الجواسيس الهاربين، على كتابة تقارير التجسس، وأنشطة التعقب، والهروب من الاستخبارات التركية وغيرها من وحدات مكافحة التجسس، وتوثيق الصور، والمراقبة والتحليل الاستخباراتي، وتركيب أجهزة "جي بي إس" على المركبات لمراقبتها بالأقمار الاصطناعية، علاوة على التدريبات على أساليب التجسس واستخدام أدواتها وسبل تحركاتها.
تبين أيضاً لفرق مكافحة التجسس التركية أن "الموساد" سعى إلى التقدم بخطواته في أنشطة التجسس بتركيا، وأنه قد طور أساليب معقدة للغاية لتفادي الوقوع في قبضة الاستخبارات التركية، وتنفيذ بعض العمليات في إسطنبول.