كشفت مصادر ليبية خاصة لـ"عربي بوست"، عن تحركات مصرية جديدة في الملف الليبي، تركزت في مدينة بنغازي، التي شهدت زيارات لمسؤولين مصريين "دعماً لرئيس مجلس النواب الليبي، وتعكس رفضا في شرق ليبيا ومصر الإطاحة بعقيلة صالح".
أفادت المصادر بأن التحركات المصرية الأخيرة، ساهمت في إنهاء القطيعة بين مجلس النواب وقوات حفتر المستمرة منذ نحو عام، ودفعت باتجاه تثبيت عقيلة صالح على رأس البرلمان، وأوقفت محاولات حفتر الإطاحة به بالاتفاق مع حكومة عبد المجيد الدبيبة.
أوضحت أيضا أن رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية عباس كامل، كان قد استبق زيارة رئيس مجلس النواب المصري، حنفي جبالي، محملاً بموقف جديد متعلق بمحاولات للإطاحة برئيس البرلمان الليبي، وتؤكد رفض شرق ليبيا ومصر الإطاحة بعقيلة صالح.
زيارة عباس كامل تمت في مطار بنينا في بنغازي مطلع يونيو/حزيران 2023، وحملت مطالب وتوصيات مصرية خلال الاجتماعات واللقاءات التي أجراها خلال الزيارة، إذ التقى كامل، بحسب المصادر ذاتها، باللواء المتقاعد خليفة حفتر، القائد العام لقوات الشرق الليبي، وكذلك بعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي.
وقف حملة الإطاحة بعقيلة صالح
كشفت المصادر عن أن كامل طلب "تجميد جميع الاتفاقات التي تمت بين صدام نجل خليفة حفتر، وإبراهيم ابن عم رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد دبيبة، المتعلقة بالإطاحة بصالح من رئاسة مجلس النواب".
بهذا الإطار، أوضحت المصادر أن حفتر والدبيبة كانا، خلال الفترة الماضية، يشهدان تقارباً في وجهات النظر، لا سيما فيما يتعلق بموقفهما من عقيلة صالح الذي على قطيعة مع حفتر منذ نحو عام كامل، بسبب مواقف مختلفة متعلقة بالسلطة التنفيذية والانتخابات.
قال مصدر لـ"عربي بوست"، معلقاً على ذلك، إن عودة التقارب بين حفتر وعقيلة صالح، يعني أن المباحثات بين نجل حفتر وابن عم الدبيبة لم تنجح.
تابع بأن "السيد كامل أكد على أهمية إعادة الاستقرار السياسي في ليبيا بالنسبة لمصر، وضرورة تنفيذ جميع المسارات السياسية المتفق عليها في إطار الحوار والتفاوض".
بالإضافة إلى ذلك، طلب كامل أيضاً "وقف عمل نجل خليفة حفتر الثاني، بلقاسم، عن ممارسة العمل السياسي، في ضوء مشاركته في حملة الإطاحة برئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، مؤخراً"، بحسب المصادر ذاتها.
أضاف أيضاً أن زيارة رئيس مجلس النواب المصري إلى بنغازي بعد زيارة مشابهة لعباس كامل، تأتي تأكيداً على رفض شرق ليبيا ومصر الإطاحة بعقيلة صالح بل تثبيتا له، وأنه معترف به من القاهرة على رأس المؤسسة البرلمانية في ليبيا.
حفتر ومصر
في سياق متصل، أكدت المصادر، مفضلة عدم الكشف عن هويتها، أن ضغوط مصر ساهمت في عودة العلاقات بين عقيلة صالح وحفتر بعد محاولات من أبنائه إقصاء الأول من مجلس النواب، الذي يعد أحد أهم حلفاء مصر في ليبيا.
ورأت في استجابة حفتر، محاولة منه لإعادة علاقته بمصر، لا سيما أنها تدعم تحقيق إمكانية ترشحه لانتخابات الرئاسة في حال عقدها.
بحسب المصادر، تحاول مصر من خلال ضغوطها، أن تحقق توافقاً بين حفتر وعقيلة على مسار الأخير المتعلق بالانتخابات، وتشكيل حكومة مؤقتة تشرف على الانتخابات، وهو ما يؤيده حفتر ويرفضه الدبيبة، الذي شدد مراراً على أنه لن يسلم الحكومة إلا إلى حكومة منتخبة.
اللواء عباس كامل، سبق أن التقى كذلك بالدبيبة، في العاصمة الإيطالية روما، مطلع يونيو/حزيران 2023، خلال زيارة رئيس حكومة الوحدة لإيطاليا، ضمن ترتيبات من جانب روما، للوجود بشكل أكبر على صعيد محادثات إيجاد مخرج من الأزمة الليبية، ودعم جهود إجراء الانتخابات الرئاسية هناك، في أقرب وقت ممكن.
تبع ذلك زيارة وفد برلماني مصري يقوده الجبالي، رئيس المجلس، الذي التقى نظيره عقيلة صالح، وألقى كلمة في البرلمان الليبي، داعياً "الأطراف المعنية بالأزمة الليبية كافة إلى تغليب المصلحة الوطنية، ودعم جهود استكمال المؤسسات الوطنية في البلاد لإعادة الاستقرار ووضع البلاد على مسار التنمية والبناء".
ووقّع الجبالي وعقيلة صالح بروتوكول تعاون بين المجلسين، "توطيداً للعلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزيزاً للتعاون البرلماني".
شدد جبالي أيضاً على "مواصلة الدعم المصري لسيادة واستقرار ووحدة ليبيا ومسار الحل السياسي، انطلاقاً من ثوابت راسخة"، مشيراً إلى "حق الشعب الليبي في الحفاظ على هويته الوطنية ووحدة أراضيه، بعيداً عن الأيديولوجية أو القبلية أو المناطقية التي تدفع إلى الانقسام".
مصر والمسار الدستوري الليبي
يشار إلى أن مصر تستضيف اجتماعات المسار الدستوري الليبي في القاهرة، التي تُوِّجت بالتوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة في ليبيا، حول القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات.
يأتي ذلك في حين أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، الثلاثاء 27 يونيو/حزيران، أن البلاد وصلت إلى "مرحلة حاسمة" على طريق الانتخابات، وإن انتهاء لجنة 6+6 من إعداد مشاريع قوانين الانتخابات "فرصة لا يجدر تفويتها".
شدد أيضاً على أن الوضع الراهن في ليبيا "لم يعد محتملاً"، مؤكداً التزامه بممارسة دوره في "تسهيل الحوار بين جميع الأطراف".
وقال: "أدعو القادة الليبيين إلى التحلي بالحكمة وروح التوافق والبصيرة السياسية، من أجل التوصل إلى قرارات يقبلها الجميع بشأن الجوانب الخلافية التي تعتري تلك القوانين".
كذلك حذّر باتيلي من أن اتخاذ "القرارات المتسرعة وغير الشاملة" يمكن أن يعمق الأزمة القائمة، ويتسبب في دورة جديدة من العنف، داعياً لتجنب ذلك.
يذكر أن لجنة "6+6" المُشكلة من مجلسي النواب والأعلى للدولة في ليبيا، توصلت مؤخراً إلى قوانين انتخابية أحدثت بعض نقاطها جدلاً في البلاد ومطالبات بتعديلها، بينما تصر اللجنة على أن "قوانينها نهائية ونافذة".
يأتي ذلك بالتوازي مع رعاية الأمم المتحدة، عبر بعثتها لدى ليبيا، حواراً سياسياً بهدف إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل نهاية 2023، لحل أزمة الصراع على السلطة منذ مطلع 2022، بين حكومة كلّفها مجلس النواب يقودها أسامة حماد، بعد سحبه الثقة عن رئيسها فتحي باشاغا، وحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً (حكومة الوحدة في طرابلس)، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة "إلا إلى حكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب".
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.