أقرَّت كوريا الشمالية قانوناً جديداً يُعاقب بالإعدام من يستخدمون لهجة كوريا الجنوبية "الخانعة" وتعبيراتها. وتسعى السلطات بهذا القانون المشدد إلى القضاء على التأثير المتزايد لكوريا الجنوبية في اللغة التي تستخدمها جارتها الشمالية، خاصة في ظل انتشار المسلسلات الكورية الجنوبية خلال السنوات الأخيرة.
صحيفة The Times البريطانية قالت في تقرير لها الخميس 29 يونيو/حزيران 2023، إن سلطات بيونغ يانغ بدأت في مايو/أيار بتطبيق قانون "حماية اللغة الثقافية"، والذي يهدف إلى "تنقية" اللهجة الكورية الشمالية من الألفاظ والتعبيرات الدخيلة عليها من جارتها.
يحذر القانون من أن "الدولة ستعامل أي شخص يقلد أو ينشر لغة (الدمى) معاملة القمامة المدنسة بثقافة الدمى، ومعاملة المجرمين المدانين"؛ إذ ترى بيونغ يانغ أن كوريا الجنوبية دولة غير شرعية وليست إلا دمية للولايات المتحدة الإمبريالية.
يضيف التشريع: "أي شخص [يخالف القانون]، مهما صغر شأن المخالفة، سيواجه عقوبات قانونية شديدة، تصل إلى عقوبة الإعدام". كما يحظر القانون استخدام الكلمات المصاغة حديثاً التي لم توافق عليها السلطات المعنية؛ والمفردات اليابانية؛ والكلمات "التي يصعب فهمها" و"الاختصارات غير الأخلاقية".
مع ذلك، فإنه يركز بالأساس على هذه الجريمة الجديدة: "استخدام طريقة الدمى في الكلام". لكن على الرغم من الرقابة الصارمة والدعاية المهيمنة على معيشة الناس في كوريا الشمالية، يتزايد تعرُّض شعبها للثقافة الكورية الجنوبية.
تهريب المسلسلات إلى كوريا الشمالية
إذ يجلب المهربون والناشطون الأفلام الكورية الجنوبية والمسلسلات التلفزيونية والبرامج الجديدة المخزنة في بطاقات ذاكرة الكمبيوتر الصغيرة، ثم يشاهدونها على أجهزة الكمبيوتر الشخصية. وصارت الهواتف المحمولة وسيلة حديثة لاستقبال المحتوى الأجنبي الممنوع ونشره في كوريا الشمالية.
فيما روَّجت شعبية الأعمال الدرامية في كوريا الجنوبية أنماطاً جديدة من الكلام. وكانت اللغة المستخدمة في الكورية الشمالية قد تباعدت عن نظيرتها في كوريا الجنوبية منذ انقسام الكوريتين قبل 75 عاماً، لا سيما أن الأخيرة صارت تتناثر فيها الكلمات المستعارة من اللغة الإنجليزية والألفاظ المستحدثة.
يقول بيتر وارد، الباحث البريطاني المتخصص في شؤون كوريا الشمالية، إن القانون يُدين أي شخص ينقاد لـ"الإذعان الخسيس" للغة الكورية الجنوبية، والألفاظ والتهجئات وحتى الخطوط المستعملة فيها. ويُذكر أن نشر الكتب الكورية الجنوبية، في نسخ مادية أو إلكترونية، جريمة جالبة للعقاب أيضاً.
بينما قال موقع The Daily NK، الذي يستمد أخباره من التواصل مع كوريين شماليين داخل البلاد، إن سلطات بيونغ يانغ اعتقلت مراهقين من مدينة هايسان يتحدثان بالأسلوب الكوري الجنوبي في مارس/آذار، وقد "تعرضا للتشهير"، وحُكم عليهما بالتأهيل سنتين في مؤسسة الأحداث.
توجب المادة 30 من القانون على الشركات والمؤسسات الحكومية والأفراد إزالةَ "البرامج والتطبيقات الإلكترونية التي تستعمل لغة الدمى (الكورية الجنوبية)" من الهواتف وأجهزة الكمبيوتر.
كتب وارد، الباحث البارز في جامعة كوكمين في سيول، على موقع NK Pro الإلكتروني، إن أولياء الأمور معرضون للتغريم إذا استخدم أطفالهم تعابير كورية جنوبية، و"الأمر مشابه لسعي البريطانيين إلى منع الإنجليزية الأمريكية من التأثير في لغتهم بمعاقبة الأفراد الذين يستعملون حرف Z بدلاً من S، أو استعمال استعارات مستمدة من لعبة البيسبول" ذات الشعبية في الولايات المتحدة، لكن "بعقوبات مشددة".
في مقال نُشر بصحيفة Workers الحكومية الأسبوع الماضي، قال كاتب المقال: "يجب على جميع النساء اللواتي لديهن أطفال أن يقدمن الدعم لنمو أطفالهن اللغوي بإخلاص وأن يكن معلمات صارمات لهن، وأن يوجهن أطفالهن منذ صغرهم إلى تنمية السمات الفريدة والفذَّة للغتنا".