راقب السودانيون في الخارج تدهور الأوضاع ببلادهم في أول أيام عيد الأضحى، الأربعاء 28 يونيو/حزيران 2023، حيث شهدت العاصمة الخرطوم اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع رغم إعلان هدنة من الطرفين.
حيث عكس السنوات السابقة، لم يتمكن السوداني حسن ياسين الرضي من إرسال الأموال إلى عائلته في السودان، الذي تمزقه الحرب، لشراء الأضحية في العيد.
حاول الاتصال بالعائلة والأقارب عبر الهاتف لكنه فشل بعد صلاة عيد الأضحى في العاصمة العراقية بغداد، حيث يعيش منذ سنوات ويكسب قُوته من بيع العصير في سوق مزدحمة.
قال ياسين الرضي إنه حتى عندما يتحدث معهم لا يفهم كل شيء، لأن الاتصال ضعيف وغالباً ما تنقطع المكالمة، في إشارة إلى المرات القليلة التي تحدثوا فيها منذ اندلاع العنف بالخرطوم في وقت سابق من هذا العام.
وأضاف: "حالياً نشاهد الأحداث… التفاهم (التواصل) معاهم (مع الأسرة) ضعيف.. الشبكة ضعيفة الاتصال شوية ذبذبة".
وقال سوداني آخر يدعى عبد الباقي عثمان عبد الباقي، في لبنان، إنه يشعر بالقلق على العائلة وأوضاعها وممتلكاتها ومنزلها.
أوضح أنه لا يشعر بطعم العيد هذا العام، وليس لديه كذلك القدرة مادياً ونفسياً على الاحتفال، لأنه يشعر بالقلق على الناس في السودان.
وأضاف: "الواحد بيكون قلق على أسرته، قلق على وضعه، على ممتلكاته، على بيته. في ناس ضيّعت حصاد عمرها… في ناس اشتغلوا لسنوات.. في ثانية اتدمر كل شيء واتنهب كل شيء".
ونزح ما يقرب من 2.8 مليون شخص بسبب الاشتباكات، منهم ما يزيد على 2.15 مليون داخلياً، في حين فر ما يقرب من 650 ألفاً إلى دول مجاورة، وفقاً لتقديرات نشرتها المنظمة الدولية للهجرة يوم الثلاثاء 27 يونيو/حزيران.
وقالت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إنها تتوقع أن يحوّل الصراع أكثر من مليون شخص إلى لاجئين في غضون الأشهر الستة المقبلة.
اشتباكات أول أيام العيد
واندلعت اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الأربعاء 28 يونيو/حزيران 2023، رغم إعلان هدنة من الطرفين خلال اليوم، حيث تجددت اشتباكات عنيفة جنوب العاصمة الخرطوم بأسلحة ثقيلة وخفيفة.
وكالة الأناضول نقلت عن شهود عيان، قولهم إن الطيران الحربي نفذ ضربات جوية على أهداف متفرقة في الخرطوم، بالتزامن مع سماع دوي مضادات أرضية دون أن تتضح طبيعة هذه الأهداف.
كما تصاعدت ألسنة اللهب والدخان في سماء المناطق المستهدفة، فيما يواصل الطيران الحربي التحليق بكثافة في سماء مدينة بحري، شمال الخرطوم، حسب الشهود. ولم يصدر تعليق من الجيش السوداني أو "الدعم السريع" على هذه الاشتباكات.
يأتي ذلك، فيما أعلن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، مساء الثلاثاء 27 يونيو/حزيران، عن وقف إطلاق النار من جانب واحد في أول أيام عيد الأضحى المبارك.
كما أنه مساء الإثنين 26 يونيو/حزيران، أعلن قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عن "هدنة من جانب واحد بمناسبة عيد الأضحى، تستمر على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء".
لم تصمد اتفاقات وإعلانات وقف إطلاق النار المتعددة السابقة، منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان، ومنها اتفاقات توسطت فيها السعودية والولايات المتحدة خلال محادثات في جدة، جرى تعليقها الأسبوع الماضي.
فيما يتبادل الطرفان اتهامات ببدء القتال أولاً، ثم ارتكاب خروقات خلال سلسلة هدنات سابقة لم تفلح في وضع نهاية للاشتباكات المستمرة منذ 15 أبريل/نيسان، والتي خلّفت قتلى وجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء.
فقد تسبب الصراع في دمار ونهب واسع النطاق في الخرطوم، وأثار اضطرابات بأنحاء أخرى من السودان، لا سيما دارفور في غرب البلاد؛ حيث انتشرت الهجمات والعنف العرقي.