واجه المهاجرون الناجون من مركب اليونان الغارق الذي خلّف ما يُقدَّر بنحو 500 شخص في عداد المفقودين، أوضاعاً غير محتلمة في اليونان أثناء وبعد وصولهم، إذ يحتجزون حالياً في منشأة شبيهة بالسجن، مع تقييد شديد للحركة لهم، وفق تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني، السبت 24 يونيو/حزيران 2023.
التقرير أشار إلى أن الناجين الذين بلغ عددهم 104 أشخاص وجميعهم رجال- إذ لم ينجُ من الحطام أي امرأة أو طفل- نقلوا إلى كالاماتا، وهي مدينة في شبه جزيرة بيلوبونيز، حيث احتُجِزوا في مستودع تخزين لمدة يومين إلى ثلاثة أيام قبل نقلهم إلى منشأة لتسجيل اللجوء في مالاكاسا شمالي أثينا.
انقلبت سفينة الصيد التي كانت تحمل نحو 750 شخصاً وغرقت أمام خفر السواحل اليوناني، الأسبوع الماضي، في أعقاب محاولة فاشلة من خفر السواحل لسحب السفينة.
ونقل الموقع البريطاني عن إيليني سباثانا، المحامية المتطوعة في منظمة Refugee Support Aegean، وهي منظمة تقدم المشورة القانونية للناجين من حطام السفينة "شهدنا استقبالاً لا يُحتمَل لأشخاص في شدة الضعف في كالاماتا".
كان الناجون ينامون على مراتب على أرضية المستودع، والمنطقة المحيطة به مُسيَّجة. وأظهر مقطع فيديو نُشِر على تويتر مراهقاً سورياً يحاول معانقة شقيقه من خلال القضبان.
وبحسب سباثانا، لم تبذل السلطات جهوداً منسقة في الأيام القليلة الأولى لتسهيل الاتصال بأسر الناجين، رغم أنَّ الصليب الأحمر اليوناني كان يوفر بعض الوصول إلى الهواتف المحمولة.
تجربة خانقة
وفي يومي 16 و17 يونيو/حزيران، نُقِل الناجون إلى مرفق تسجيل في مالاكاسا، حيث لم تتحسن الظروف كثيراً عن تلك الموجودة في كالاماتا، وفقاً للمحامية المتطوعة سباثانا.
ووُضِع الناجون في حاويات شحن مشتركة، في منشأة محاطة بسياج، مع تقييد شديد للحركة.
كان للظروف الشبيهة بالسجون وقع الصدمة على الناجين.
وتابعت سباثانا: "شهدنا أناساً مدمرين [وفي] صدمة، لم يتمكنوا حتى من استيعاب مكان وجودهم، لم أستطع فهم سبب وضعهم في مركز مُغلَق، بالطبع هذه الظروف ليست مناسبة لأشخاص نجوا للتو من غرق سفينة".
كما أضافت: "يتعرض هؤلاء الأشخاص للكبح، بعد هذه التجربة الخانقة، حيث فقد جميعهم أصدقاء أو أقرباء لا يمكنهم حتى تصور ما حدث".
وبحسب سباثانا، لم تلبِّ السلطات بعض الاحتياجات الأساسية للناجين في المنشأة، حيث أفاد البعض أنَّ طلباتهم للحصول على ملابس إضافية للتدفئة ليلاً قوبلت بالرفض.
وتقدم منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية المساعدة الطبية والنفسية الطارئة في المرفق.
إذ قالت رئيسة بعثة منظمة أطباء بلا حدود، سونيا باليرون، لموقع ميدل إيست آي "لقد رأينا الكثير من المعاناة، واتضح للفريق الطبي أنَّ جميع الناجين معرضون لخطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة".
وأبلغ الفريق الطبي عن علاج حروق كيميائية، وإصابات ناتجة عن التعرض للشمس ومياه البحر، وكذلك صدمة نقص السكر في الدم (تأثير انخفاض نسبة السكر في الدم)؛ بسبب حرمان الأشخاص على متن القارب من الطعام لمدة تصل إلى 6 أيام.
خيار سياسي
بالنسبة إلى سباثانا، فإنَّ الظروف التي عاشها الناجون من الحطام عند وصولهم إلى كالاماتا ومالاكاسا ليست مصادفة، بل هي "خيار سياسي".
وقالت سباثانا: "لدينا هؤلاء الناجون المُستضعَفون، وليس لدينا خيار إيوائهم في ظروف كريمة ومناسبة. لا أعتقد أنه إذا كان ركاب حطام السفينة من السائحين فسيعاملونهم بهذه الطريقة، لن يضعوهم في مستودع بالتأكيد".