يتوقع أن يعتذر الملك الهولندي عن تجارة العبودية والاستعمار قديماً، إذ يُظهِر بحث رسمي أنَّ العائلة الملكية أورانج-ناساو كسبت ما يعادل بالقيمية الحالية 1 مليار يورو من أموال حملات الغزو العسكري والاستعمار التجاري، بحسب صحيفة The Times البريطانية، الأحد 18 يونيو/حزيران 2023.
الصحيفة أشارت إلى أن أمراء أورانج-ناساو، بمن فيهم ويليام الثالث الذي كان أيضاً ملك إنجلترا، أسهموا بدور مهم في وضع سياسة السرقة والاستغلال والعبودية والعمل القسري في آسيا ومنطقة البحر الكاريبي.
اعتذار رسمي
وسيُقدِّم ويليم ألكساندر، الملك الحالي، اعتذاراً رسمياً عن يوم التحرر، المعروف أيضاً باسم "كيتي كوتي"، وهو الاحتفال السنوي الهولندي الذي سيصادف الذكرى الـ150 لانتهاء العبودية في 1 يوليو/تموز.
وأُجرِيَت الدراسة الجديدة، التي تحمل عنوان "الدولة والعبودية"، بتكليف من الحكومة وقُدِّمَت إلى نواب البرلمان الأسبوع الماضي.
إذ قال وزير الشؤون الداخلية، هانكي بروينز سلوت، إنَّ النتائج قدمت "صورة تصادمية ومؤلمة للغاية" عن التورط العميق للدولة الهولندية قديماً في "نطاق غير مسبوق من تجارة الرقيق والرق". وأضافت: "كان يجب أن تُروَى هذه القصة في وقت سابق".
وتأتي الدراسة بعدما أعلن الملك تشارلز في أبريل/نيسان أنَّ قصر باكنغهام يتعاون مع دراسة لاستكشاف الروابط الملكية بتجارة الرقيق في القرنين السابع عشر والثامن عشر. وأسس أمراء أورانج-ناساو ملكية دستورية في بريطانيا في الثورة المجيدة عام 1688.
وكانت هولندا واحدة من آخر الدول التي ألغت العبودية الاستعمارية في عام 1863 بعد أن غذت الثروة المنهوبة من المستعمرات "العصر الذهبي" الهولندي.
ووضع الاستعمار والعبودية أمستردام في قلب النظام الاقتصادي العالمي؛ مما أدى إلى إنشاء أول بورصة حديثة وشركة متعددة الجنسيات، هي شركة الهند الشرقية الهولندية. واعتذرت الحكومة الهولندية العام الماضي عن العبودية.
مراجعة النفس
في السياق، قالت إستر كابتن، المؤرخة التي عملت على الدراسة، إنَّ الارتباط الواضح للدولة والبيت الملكي مع الاستعمار في جزر الهند الشرقية الهولندية، وسورينام، وجزر الكاريبي، يستدعي مراجعة النفس على الصعيد الوطني.
وأخبرت إستر إذاعة NPO Radio 1: "هذا يدل على أنَّ الوقت قد حان للتحلي بالشجاعة ومعرفة ما إذا كان بإمكاننا مراجعة تلك الصورة الذاتية عن هولندا بأنها دولة تجارية متسامحة وديمقراطية".
وتشير الدراسة إلى أنَّ ويليام الثالث، الذي حكم إنجلترا وأيرلندا واسكتلندا من عام 1689 حتى وفاته عام 1702، وأحفاده هم من وضع الأساس العسكري والتجاري للعبودية الاستعمارية.
بصفتهم "كبار القضاة الحاكمين"، أشرف أمراء أورانج-ناساو على المجلس التشريعي الهولندي، الذي عُرِف آنذاك باسم "مجلس طبقات الأمة"، وقادوا الجيش، وأسهموا بدور رئيسي في إنشاء الشركتين اللتين تقفان وراء العبودية، شركة الهند الشرقية وشركة الهند الغربية.
فيما أخبر ريموند شوتز، أحد المؤرخين الذين عملوا على الدراسة، صحيفة Algemeen Dagblad: "إنَّ دعم مجلس طبقات الأمة وسياسة القوة التي يتبعها كبير القضاة الحاكمين جعلت سياسة التجارة الخارجية العدوانية ممكنة".
ويُقدِّر شوتز أنَّ ويليام الثالث وخلفاءه "كسبوا 3.04 مليون غيلدر في الأرباح الاستعمارية" بما في ذلك الأموال من تجارة الأفيون. وقال شوتز: "بالقيم الحالية، يعادل ذلك 545 مليون يورو". بالإضافة إلى ذلك، كسب الأمراء 502 مليون يورو من دورهم العسكري في الغزو والقمع في آسيا ومنطقة البحر الكاريبي.
وفي العام الماضي، حددت قائمة أغنياء "Quote 500" الهولندية قيمة ثروة عائلة أورانج-ناساو الملكية بقيمة 1.2 مليار يورو.