تحول الطلاب في امتحان القبول بالجامعة بالصين هذا العام، إلى "أفكار شي جين بينغ"، وهي التسمية التي تُطلق على الأقوال المجمعة للرئيس الصيني، وذلك عبر أسئلة "غامضة" تدور حول أقول شي، ومناهضة الولايات المتحدة، بحسب ما نقلت صحيفة Financial Times البريطانية.
تشانغ وهو طالب من مقاطعة خنان بوسط الصين، واجه سؤالاً مقالياً غامضاً أثناء إجرائه امتحان القبول بالجامعة هذا الشهر: "إطفاء مصابيح الآخرين لن يجعلك أكثر إشراقاً".
يُذكر أن سؤال مقال اللغة الصينية في امتحان قبول الجامعات الصيني (الغاوكاو) المرهق، الذي يستمر يومين ويحدد أماكن الطلاب في الجامعات- وغالباً مسيراتهم المهنية- ازداد قومية في السنوات الأخيرة، وفق "فايننشيال تايمز".
"قيادة قلقة"
وفي الصين الحديثة، من الصعب تفادي الحديث عن شي، أقوى زعيم للبلاد منذ ماو تسي تونغ، وتأملاته الماركسية، لكن محاولة ترسيخ أفكار شي جين بينغ في نظام التعليم الصيني للتأثير على أشخاص في عمر تشكل الوعي السياسي وقد ينضمون مستقبلاً إلى الحزب الشيوعي يعكس صورة "لقيادة قلقة من تهديدات محيقة بسيطرتها وجيل من الشباب يزداد انفصالاً عن السياسة كل يوم".
يقول جان بيير كابيستان، الأستاذ الفخري في جامعة هونغ كونغ: "الحزب يمارس مزيداً من الضغوط على المجتمع والشباب. فالتهديدات الجيوسياسية والاقتصادية أقنعت قيادة الحزب بحاجتهم إلى قائد أقوى، أو رمز يلتف المجتمع حوله".
وفي امتحان قبول الجامعات، طُرح سؤال آخر على الطلاب عن مقولة شي: "زهرة تتفتح وحدها ليست ربيعاً، لكن مئة زهرة تتفتح مع بعضها تجعل الحديقة مليئة بالربيع". وأشار الامتحان إلى أن هذه النصوص مأخوذة "من خطابات الأمين العام شي جين بينغ، التي تعبر عن حقائق معروفة بكلمات بليغة".
ولم يواجه جميع الطلاب الذين تقدموا لامتحان القبول بالجامعة وعددهم حوالي 13 مليوناً هذا العام أسئلة واضحة عن أفكار شي جين بينغ. لكن كثيرين ممن فعلوا كانوا في مقاطعات نائية، مثل إقليم شينجيانغ الشمالي الغربي، الذي تواجه فيه السلطات اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية لاحتجازها أكثر من مليون إيغوري وآخرين من الأقليات العرقية المسلمة.
"الحلم الصيني"
وأحد المبادئ الأساسية في أيديولوجية شي يتمثل في تحقيق "الحلم الصيني بإحياء مجد الأمة الصينية"، والذي يفهمه كثير من المحللين بأنه إشارة إلى استبدال "الهيمنة" الأمريكية بنظام عالمي متعدد الأقطاب يكون فيه للصين تأثير عالمي كبير.
وقال كابيستان: "يسود شعور بانعدام الأمن بين القيادة الصينية وحتى جنون الارتياب. لهذا السبب نرى من جديد هذه المظاهر من عبادة الحاكم".
وهذه الرسالة فهمها تشانغ، الطالب في مقاطعة خنان، جيداً، فقدم شرحاً جيوسياسياً في امتحانه قد يجعل شي فخوراً به، وتوسع في الحديث عن أن "الهيمنة الأمريكية لا تساهم في السلام العالمي".
وكتب طالب آخر، يحمل أيضاً لقب تشانغ، عن بناء "الشباب لمجتمع بمستقبل مشترك للبشرية"، وهي عبارة يشتهر بها شي، ويعتبرها كثير من المحللين إشارة إلى نهاية التفوق الأمريكي.
التفكير خارج الصندوق
على أن بعض المعلمين قالوا إن الكثير من الطلاب لن يفهموا دلالات أسئلة الامتحان، لا سيما من يعيشون خارج مدن شنغهاي وبكين وقوانغتشو.
وقالت معلمة تُدعى "لي" في مقاطعة خنان ساعدت صفها في الاستعداد لامتحان القبول بالجامعة: "أدرّس لطلاب العلوم، وهم لا يدرسون السياسة ولا يشاهدون الكثير من الأخبار. وربما لن يفهموا الخلفية السياسية لهذه الأسئلة".
فيما قال جون بيرنز، الأستاذ الفخري في جامعة هونغ كونغ، إن هذه الامتحانات تثير تساؤلات عن أولويات القيادة الصينية في تعليم الجيل القادم، وأضاف: "هل يبحثون عن التوافق الأيديولوجي أم يبحثون عن الأصالة والتفكير خارج الصندوق؟".