كشف موقع Middle East Eye البريطاني في تقرير نشره الأحد 18 يونيو/حزيران 2023، أنه وخلال الأشهر القليلة الماضية، كثف لبنان ملاحقته للاجئين السوريين بهدف إعادتهم إلى بلدهم، في الوقت الذي تتنامى فيه المشاعر المعادية للاجئين في المجتمع اللبناني، وتشير التقديرات إلى أن لبنان يستضيف حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري، منهم حوالي 805 آلاف لاجئ مسجل رسمياً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
لكن رغم تعهد الحكومة اللبنانية بقصر الترحيل على اللاجئين السوريين الذين دخلوا بصورة غير قانونية فقط، تُظهر أدلة موثقة أن عمليات الترحيل تطال اللاجئين المسجلين وغير المسجلين على السواء.
زيادة ملاحقات السوريين وترحيلهم في لبنان
قالت باولا باراشينا إستيبان، المتحدثة باسم المفوضية في لبنان، إنه تم تأكيد ما لا يقل عن 93 مداهمة بين أبريل/نيسان وأوائل مايو/أيار، وإن المفوضية تلقت تقارير عن محتجزين ومرحَّلين سوريين.
كذلك فقد قالت في رسالة بريد إلكتروني: "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تأخذ تقارير ترحيل اللاجئين السوريين على محمل الجد وتتابع هذا الأمر مع الجهات المعنية". وأضافت أن المفوضية تدعو إلى احترام مبادئ القانون الدولي وحماية اللاجئين في لبنان، التي من بينها منع إعادتهم قسراً.
اعتقال المئات من السوريين في لبنان
في حين قال عامل في منظمة إنسانية أجرى معه موقع Middle East Eye مقابلة، وفضل عدم الكشف عن اسمه، لأنه غير مخول بالتحدث مع الصحافة، إنه تم اعتقال 2137 شخصاً على الأقل في المداهمات الأخيرة وعند حواجز التفتيش. وهذا فضلاً عن 1473 عملية ترحيل من لبنان إلى سوريا في الأشهر القليلة الماضية.
وكشف المصدر أيضاً أن الأمن العام اللبناني هو من يفترض أن ينفذ عمليات الترحيل، إلا أن الجيش اللبناني هو من يديرها. وقال: "المفوضية على علم بالعدد المتنامي لعمليات الترحيل الجماعي السريعة وتقارير الفصل بين أفراد العائلة الواحدة، مثل فصل القاصرين عن عائلاتهم، وهي تقدم المشورة والدعم لأفراد أسر اللاجئين المرحلين كلما أمكن وتناقش هذه المشكلة مع السلطات أيضاً".
إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم
فيما أثار قرار لبنان بإعادة اللاجئين السوريين "على أساس طوعي" عام 2022 مخاوف بين المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية، لأن هذه العودة الطوعية تحولت إلى عمليات ترحيل.
إذ تقول هذه المنظمات إن سوريا ليست آمنة لعودة اللاجئين، وإن لبنان ينتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي يحظر إعادة الأفراد إلى بلد قد يواجهون فيه تعذيباً أو معاملة قاسية أو غير ذلك من أشكال الأذى.
يقول فاضل الفقيه، المدير التنفيذي للمركز اللبناني لحقوق الإنسان، لموقع Middle East Eye إن الجيش اللبناني اعتقل ورحّل لاجئين إلى سوريا دون إشراف قضائي وبإجراءات غير رسمية. وقال: "من منظور قانوني، لا نرى أن لبنان يطبق اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقع عليها، وهذا الترحيل ينتهك المادة الثالثة من الاتفاقية".
وأوضح الفقيه أن بعض اللاجئين المرحلين عادوا إلى عائلاتهم سالمين، فيما تم تجنيد آخرين في الجيش السوري. وأكد أنه توجد حالات تعرض فيها أفراد للتعذيب وسوء المعاملة وقال إن "الأمر يعتمد على وضعهم في سوريا وحجم الرشوة التي سيمنحها اللاجئون للسلطات".
من جانبها، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي مجموعة مراقبة مستقلة مقرها المملكة المتحدة، لموقع Middle East Eye إنها وثقت عمليات ترحيل نشطاء ومنشقين تلاحقهم قوات الأمن السورية.
فيما سلطت الشبكة الضوء على اعتقال واحتجاز نقيب سابق في الجيش السوري في بيروت، وهو الآن منشق، ووثقت أوامر ترحيل تسعة لاجئين سوريين احتجزهم الأمن العام اللبناني.
خيارات قليلة أمام السوريين في لبنان
لا تتوفر أمام اللاجئين السوريين في لبنان خيارات كثيرة ليتمكنوا من البقاء في البلاد وتجنب الترحيل، رغم تدهور ظروفهم المعيشية بسبب الأزمة الاقتصادية في لبنان والسياسات التقييدية بحقهم.
وقد يتوفر للاجئين المسجلين مرور أسهل نسبياً إلى الإقامة القانونية في لبنان، لكن غير المسجلين لدى المفوضية يواجهون تعقيدات أكبر، وقد يحتاجون إلى إيجاد من يكفلهم أو تأمين وظيفة ليتمكنوا من البقاء.
لكن اللاجئين السوريين في لبنان غالباً ما يتعرضون لمعاملة تمييزية عند محاولتهم تفادي الترحيل.
وهذا الخطاب المعادي للاجئين خلق توتراً بينهم وبين اللبنانيين، ويستغل بعض ملاك العقارات اللاجئين بإلزامهم بدفع إيجارات ضخمة بالدولار الأمريكي.
بل يطرد بعض أصحاب العقارات اللاجئين رغم دفعهم للإيجار بانتظام، وفي غياب عقود موقعة، يجد اللاجئون صعوبة في إثبات استئجارهم لهذه المنازل. وفضلاً عن ذلك، تشير تقارير غير مؤكدة إلى دفع اللاجئين رشاوى للسلطات المحلية للحصول على الوثائق اللازمة لبقائهم في لبنان.
وقال الفقيه لموقع Middle East Eye إن المفوضية لا تؤدي دورها في حماية اللاجئين في البلاد، وإنه بوسعها ممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة اللبنانية.