قالت صحيفة Washington Post، السبت 10 يونيو/حزيران 2023، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يواجه تنامياً في المخاطر السياسية المحيطة به، وذلك بعدما بدأ الجيش الأوكراني هجومه المضاد لطرد القوات الروسية من الأراضي التي استولت عليها في أوكرانيا، مستنداً بذلك إلى دعم عسكري كبير تقدمه دول حليفة.
الصحيفة نقلت عن مطلعين قولهم إن "أفراد النخبة الروسية يسود بينهم شعور بالتوتر من قوة الأسلحة الغربية الأوكرانية، التي قد تتسبب في قطع الجسر البري الذي أقامته موسكو بين جنوب شرقي أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، وبالتالي وقوع انتكاسات عسكرية ومعنوية كبيرة للكرملين".
فضلاً عن ذلك، يقول عدد من المنتمين للنخبة الروسية- تحدثوا شريطة عدم الكشف عن أسمائهم- إن الاقتتال الداخلي بين قادة الحرب الروس، وهجمات الطائرات المسيّرة على موسكو، وسلسلة التوغلات غير المسبوقة التي نفذتها تنظيمات عسكرية في المناطق الروسية المتاخمة لأوكرانيا، كلها أمور تثير تساؤلات عن مدى قدرة بوتين على السيطرة على الوضع.
واحد ممن تربطهم علاقات قوية بالدوائر الدبلوماسية الروسية نقلت عنه الصحيفة الأمريكية، القول: "هذه تحديات خطيرة للسلطات".
تضيف الصحيفة أن علامات هذا التوتر المتنامي ظهرت هذا الشهر حين أعلن العضو المؤثر في البرلمان الروسي، كُنستانتين زاتولين- المقرب من كبار الضباط في جهاز الأمن الفيدرالي، وكالة المخابرات الروسية- أن روسيا فشلت حتى الآن في جميع أهدافها الحربية وأن بعضها أصبح "بلا معنى".
تساءل زاتولين: "ما الأهداف التي أُعلن عنها في بداية العملية العسكرية الخاصة؟ جميعكم تذكرونها، اجتثاث النازية، ونزع السلاح، وتحييد أوكرانيا، وحماية سكان دونيتسك ولوغانسك. أي من هذه الأهداف حققناها اليوم؟ ولا واحد".
تزايد في القلق
من جانبها، قالت تاتيانا ستانوفايا، صاحبة مؤسسة R-Politik للتحليل السياسي، إن "المزاج العام سوداوي جداً بين النخبة الروسية، فهم لا يفهمون ما هي خطط بوتين ويشكون في أنه يتعامل مع الوضع بالطريقة الصحيحة، وهذا يحدث منذ فترة طويلة، لكن القلق يتزايد".
في السياق ذاته، قال الشخص الذي تربطه علاقات قوية بالدوائر الدبلوماسية الروسية والذي لا يزال على اتصال بمسؤولين حكوميين، إن الحالة المزاجية ازدادت سوداويةً الأسبوع الماضي، بعد ظهور مقترحات غربية لإبرام اتفاقيات أمنية طويلة الأجل مع أوكرانيا ستضمن تزويدها بالأسلحة لعدة سنوات كبديل لعضوية "الناتو" المباشرة.
أضاف المصدر ذاته: "هذا هو مصدر القلق الرئيسي للقيادة الروسية. إذا توافرت أسلحة حديثة للجيش الأوكراني، فعندئذ- حتى بدون عضوية رسمية- ستتحول أوكرانيا إلى تهديد وجودي لروسيا"، وقال أيضاً: "يبدو لي أن هذا حافز جديد لروسيا لتواصُل عمليتها العسكرية".
يرى المصدر أيضاً، أن "إشارات متواضعة" ظهرت وتدل على أن روسيا قد تكون مستعدة لتقديم بعض التنازلات، إذ طالبت مارغريتا سيمونيان، رئيسة قناة RT الروسية الدعائية الحكومية، هذا الشهر، بتجميد الحرب في الجبهات الأمامية الحالية وإجراء استفتاءات في الأراضي التي استولت عليها روسيا لمعرفة إن كان سكانها يرغبون في الانضمام إلى روسيا أو أوكرانيا.
سيمونيان قالت أيضاً "إنه لو لم يحدث ذلك، فمن المؤكد أن أوكرانيا ستستخدم الأسلحة بعيدة المدى التي تتلقاها من الحلفاء الغربيين لضرب الأراضي الروسية".
اعتبر المصدر القريب من الدوائر الدبلوماسية الروسية، أن "هذا بالفعل تعديل للموقف الروسي الرسمي"، لكن آخرين نبهوا إلى أن تصريحات سيمونيان لا تمثل أكثر من حيلة دعائية جديدة من الكرملين، لأن أي محاولة لتجميد القتال في الخطوط الحالية لن يكون هدفها إلا إكساب الجيش الروسي مزيداً من الوقت للهجوم من جديد.
تقول ستانوفايا إن "الجميع في الكرملين يدركون خطورة الهجوم الأوكراني المضاد. وتجميد القتال خطوة مناسبة جداً، لأن هذا بالضبط ما سيمنح بوتين الوقت الذي يحتاجه لتخسر أوكرانيا والدول الغربية حماستها العسكرية ووحدتها".
يُذكر أنه في 24 فبراير/شباط 2022، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، وتشترط موسكو لإنهائها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية، وهو ما تعده الأخيرة "تدخلاً" في سيادتها.