خفّضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، الجمعة 9 يونيو/حزيران 2023، تصنيف تونس من CCC+ إلى CCC-، وذلك بسبب تأخيرات في المفاوضات للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، وحالة عدم اليقين المرتبطة بقدرة البلاد على جمع التمويل الكافي لتلبية احتياجاتها المالية.
التصنيف الائتماني هو مؤشر مرتبط بمدى قدرة الدولة على سداد الديون المستحقة عليها سواء على المدى القصير أم المتوسط أم البعيد. وتوجد مؤسسات عالمية خاصة بالتصنيف الائتماني، وهذا التقسيم عبارة عن درجات أو تقديرات تشبه النظام المعمول به في تقييم طلاب الجامعات، أي ضعيف ومقبول وجيد وجيد جداً، ويُقصد بالتصنيف (CCC) (جدارة ائتمانية عالية المخاطر).
وكالة "فيتش" قالت في بيان إنّ "السيناريو الرئيسي لدينا يفترض التوصّل إلى اتّفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي بنهاية العام، لكنّ هذا أبعد بكثير ممّا كنّا نتوقّعه سابقاً، والمخاطر لا تزال مرتفعة"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
لكن في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي ترى فيتش أنه من الممكن أن تحصل تونس على تمويل خارجي بقيمة 2.5 مليار دولار في 2023 معظمها من الجزائر والبنك الإفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسيم بنك) وقروض المشروعات من الشركاء متعددي الأطراف وزيادة المنح المقدمة من الشركاء الثنائيين.
كذلك ذكرت "فيتش" أن ميزانية الحكومة تعتمد على تمويلات خارجية تزيد على 5 مليارات دولار لن يُفرَج عنها، في غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
كانت بيانات البنك المركزي في تونس، قد كشفت الأسبوع الفائت، أن احتياطيات النقد الأجنبي لدى تونس انخفضت إلى 21 مليار دينار (6.78 مليار دولار)، وهو ما يكفي لتغطية الواردات لمدة 91 يوماً فحسب، مقارنة مع 123 يوماً في الفترة نفسها قبل عام.
وتونس بلد مثقل بالديون بحوالي 80% من ناتجها المحلي الإجمالي، وتخوض مفاوضات صعبة بشأن قرض جديد من صندوق النقد الدولي منذ ما يقرب من عامين، لكن المفاوضات متعثرة، رغم اتفاق مبدئي أبرم في أكتوبر/تشرين الأول 2022.
الرئيس التونسي قيس سعيد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ 2021، يرفض برنامج الإصلاح الذي ينص على إعادة هيكلة أكثر من 100 شركة عمومية تونسية مثقلة بالديون، ورفع الدعم الحكومي على بعض المواد الأساسية، واعتبر هذه المطالب بمثابة "إملاءات".
يأتي هذا فيما من المقرر أن تتوجه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إلى تونس، الأحد 11 يونيو/حزيران 2023، مع قادة إيطاليا وهولندا لإجراء محادثات مع الرئيس سعيد، تتمحور حول قضية الهجرة والاقتصاد.
المتحدث باسم دير لايين، إريك مامر، قال إن "اتفاقية تعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة والهجرة ستكون في محور المناقشات".
كانت ميلوني قد زارت الثلاثاء الفائت تونس، وركزت محادثاتها مع سعيد على قضية الهجرة والوضع الاقتصادي في البلاد، إذ يغادر عدد كبير من المهاجرين تونس للوصول إلى إيطاليا التي تشكل بوابة للاتحاد الأوروبي.
كذلك دعت ميلوني فيما يتعلق بقضية الهجرة غير القانونية، "على المستوى الأوروبي إلى نهج ملموس لزيادة الدعم لتونس في مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير القانونية وإلى برنامج يشمل كل التمويلات" بما في ذلك مساعدة على ترحيل المهاجرين.
شددت ميلوني أيضاً على أن "استقرار الوضع السياسي والأمني وتقدم الديمقراطية في تونس" أمر "لا غنى عنه".
يُذكر أن تونس تعاني أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات جائحة كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية المتواصلة منذ 24 فبراير/شباط 2022.
في 2010، بلغ إجمالي الدين العام التونسي حوالي 16 مليار دولار، أو ما يعادل 55% من إجمالي الناتج المحلي، ليرتفع إلى 20.6 مليار دولار في 2017، ثم 29 ملياراً في 2020، وليصل إلى 35 مليار دولار بنهاية 2022.