أنهى رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية زيارته للقاهرة بعد اجتماعات استمرت 3 أيام مع مسؤولين حكوميين في مصر، في زيارة وصفت بـ"الاستثنائية"، فقد تضمن الوفد الوزاري الفلسطيني 10 وزراء وعدداً كبيراً من رجال الأعمال، في حين تحدثت مصادر لـ"عربي بوست" بأنه نتج عن اجتماعات حماس والسلطة في مصر عن غزة وعود بتسهيلات تجارية واقتصادية للقطاع.
تضمن جدول أعمال الزيارة لقاء عقد بين اشتية ونظيره مصطفى مدبولي في مقر الحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة في القاهرة، كما أنه عقد لقاء مع مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل، في حين كانت غزة في صلب النقاشات التي جرت بين اشتية والمسؤولين المصريين، بحسب المصادر.
بالتزامن مع مغادرة اشتية للقاهرة الخميس 1 من يونيو/حزيران 2023، غادر وفد حكومي من قطاع غزة برئاسة عصام الدعاليس رئيس لجنة متابعة العمل الحكومي التي تديرها حماس، لاستعراض المناقشات والمداولات التي تم التوافق عليها بين الحكومة المصرية والسلطة الفلسطينية، وتحديداً تلك المتعلقة بقطاع غزة.
قال مصدر حكومي في السلطة الفلسطينية كان ضمن الوفد الوزاري الذي شارك في هذه الاجتماعات لـ"عربي بوست"، إن اشتية ومدبولي ناقشا 10 قضايا أساسية تتعلق بترتيبات اقتصادية جديدة تخص قطاع غزة خلال المرحلة القادمة.
تطوير حقول الغاز لحل أزمة الكهرباء
أبرز هذه الملفات وفقاً للمصدر "إعفاء السلطة الفلسطينية من تحمل أعباء فاتورة الكهرباء لقطاع غزة التي تبلغ 9 ملايين دولار شهرياً تدفع للجانب الإسرائيلي، مقابل ذلك ستشرع مصر بربط القطاع بخط الكهرباء العريش- رفح، لزيادة كمية الكهرباء بواقع 30 ميغاواط في المرحلة الأولى، لتصل لـ100 ميغاواط خلال العامين القادمين، بما يساهم في التخفيف من الأزمات التي يعاني منها القطاع جراء أزمة الانقطاع المستمر للكهرباء".
تضمنت النقاشات أيضاً "تطوير محطة الكهرباء في غزة لتعمل بالغاز الطبيعي بدلاً من السولار لزيادة كفاءة أدائها التشغيلي عبر تشغيل 4 توربينات ستكون قادرة على توليد 200 ميغاواط، بدلاً من 50 ميغاواط في الوقت الراهن".
ستكون الدولة المصرية مشرفة على هذا المشروع بموافقة السلطة الفلسطينية، وفق معلومات المصادر، التي أوضحت كذلك أن التكاليف التشغيلية للمشروع سيتم تحصيلها من الإيرادات التي ستتم جبايتها من تطوير حقل الغاز الطبيعي قبالة سواحل غزة "مارين1″، على أن تحصل السلطة على كميات مماثلة من الغاز الطبيعي من هذا الحقل لتشغيل محطة جنين للكهرباء، بالإضافة لتحصيلها إيرادات ضريبية وجمركية من خلال بيع الغاز في السوق المحلي بالشراكة مع مصر.
الاتفاق على رزمة مشاريع للبنى التحتية
وفقاً للمصدر، تقدمت مصر بطلب رسمي لدخول شركات الاتصال الخلوي لتعمل في قطاع غزة بتقنية "4G"، وتم وضع جدول زمني لهذا المشروع الذي من المقرر أن تبدأ خطواته الأولى مطلع العام 2024.
ناقش الطرفان في اجتماعات حماس والسلطة في مصر عن غزة قضايا الإعمار أيضاً، إذ وضع مدبولي نظيره اشتية في صورة المشاريع التي تشرف عليها مصر لإعادة إعمار قطاع غزة ضمن منحة المليار دولار التي أعلن عنها الرئيس السيسي في مايو/أيار 2021 بعد معركة سيف القدس، التي تتضمن بناء 3500 وحدة سكنية من المقرر تسليمها للسلطة الفلسطينية نهاية العام الجاري، سيتم تسليمها للمتضررين من الحرب الذين هدمت منازلهم.
على هامش هذه الزيارة، تم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون لتبادل الخبرات في مجالات الصحة والتعليم العالي والزراعة والصناعة، فيما كشف أمين عام مجلس الوزراء أمجد غانم في تصريحات لوكالة "وفا" الرسمية عن زيارة مرتقبة لرؤساء الجامعات المصرية للأراضي الفلسطينية خلال الأسابيع القادمة.
تسهيلات مصرية جديدة لقطاع غزة
فور انتهاء زيارة اشتية للقاهرة، غادر وفد من لجنة متابعة العمل الحكومي في قطاع غزة الخميس 1 من يونيو/حزيران 2023، متوجهاً للقاهرة برئاسة عصام الدعاليس رافقه وكلاء ومديرو عموم من حكومة غزة التي تديرها حماس لإجراء لقاءات موسعة مع المخابرات المصرية.
أشار مصدر حكومي من غزة لـ"عربي بوست"، إلى أن أجندة الزيارة التي يجريها الدعاليس تتضمن قضايا تطوير المنطقة التجارية بين غزة ومصر، حيث تتطلع الحكومة لزيادة التبادل التجاري بواقع 1000 شاحنة أسبوعياً بدلاً من 500 شاحنة، وهذا من شأنه أن يضاعف الإيرادات المالية لحكومة غزة بواقع 2 مليون دولار شهرياً، ستساهم لحد كبير في زيادة نسبة صرف الرواتب للموظفين من 60% إلى 80% حال تحقيق ذلك.
تابع المصدر أن حكومة غزة تلقت وعوداً بتخفيض تكاليف نقل البضائع من السويس للقطاع التي تبلغ حالياً 1400 دولار لكل شاحنة، لتصبح السلع الواردة من مصر منافسة للسلع الإسرائيلية، كما سيجري مناقشة رفع الحظر عن إدخال المواد الغذائية الأساسية كالقمح والبقوليات التي حظرت مصر تصديرها كإحدى نتائج الحرب الروسية- الأوكرانية للحفاظ على مخزونها الاستراتيجي.
وقال إن على أجندة الدعاليس بعض المطالب التي تهم القطاع الخاص، منها السماح بإدخال المركبات والسيارات نظراً للطلب المتزايد عليها في السوق المحلي والذي ضاعف من أسعارها بسبب نقص المعروض، بالإضافة لتقديمه قائمة بالسلع "مزدوجة الاستخدام" التي يحظر الجانب الإسرائيلي إدخالها لغزة لتكون مصر مورداً لها وتحديداً قطع غيار السيارات والدراجات النارية والمستهلكات الطبية.
تفقد الدعاليس قبل مغادرته غزة المنطقة الحدودية بين مصر والقطاع، التي تضم بوابة معبر رفح التي من خلالها يتم نقل الأفراد والبضائع بين الجانبين. ويعول الكثيرون من أهالي القطاع أن تثمر هذه الزيارة في إزالة قيود السفر التي تضعها الدولة المصرية على كثير من سكان القطاع لاعتبارات تصفها الدولة المصرية بالأمنية.
الهدف والتوقيت
يأتي هذا الحراك المصري الجديد في الساحة الفلسطينية بعد أسبوعين فقط على انقضاء العملية العسكرية الإسرائيلية في القطاع التي أسفرت عن اغتيال إسرائيل لقادة الجهاز العسكري من الصف الأول في سرايا القدس.
تشير العديد من القراءات السياسية إلى رغبة إسرائيل بتهدئة جبهة غزة، من خلال تقديم مصر لوعود وتسهيلات اقتصادية وتجارية، لتحييد القطاع عن أي مواجهة عسكرية قد تبادر بها إسرائيل في إحدى الجبهات سواء في لبنان أو سوريا أو إيران.
في سياق متصل، تنظر مصادر لهذا الدور المصري المتزايد في ساحة غزة، على أنه متوافق مع الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على ربط القطاع بمصر والانحلال تدريجياً من التزاماته كدولة احتلال.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.