أثار قرار الأردن بالسماح للفرع المحلي لحزب البعث باستئناف نشاطه السياسي في البلاد غضبَ سياسيين ونشطاء في العراق المجاور، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني الأحد 28 مايو/أيار 2023، بينما كانت السلطات العراقية قد حظرت حزب البعث الاشتراكي بعد الغزو العراقي والإطاحة بحكم صدام حسين.
الغضب العراقي يأتي بعد أن وافقت "الهيئة المستقلة للانتخاب" في الأردن، في 14 مايو/أيار، على ترخيص المشاركة السياسية لـ27 حزباً سياسياً، منها حزب البعث العربي الاشتراكي، الفرع الأردني للحركة القومية العربية المرتبطة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
"عمل عدائي واستفزازي"
حيث وصف حزب الدعوة الإسلامية العراقي -أحد أشد الأحزاب المعارضة لحزب البعث والذي ينتمي إليه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني- الخطوة الأردنية بأنها "عمل عدائي واستفزازي".
قال الحزب في بيان إن "العراقيين فوجئوا وانتابتهم الصدمة والغضب العارم من خبر إجازة الحكومة الأردنية لحزب (البعث الصدَّامي) ممارسة النشاط السياسي". وأبدى عراقيون غضبهم من الأردن على مواقع التواصل الاجتماعي، كما نُظمت مظاهرة صغيرة في بغداد الأحد 28 مايو/أيار تنديداً بالقرار.
فيما طالبت "لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين" في البرلمان العراقي، وزارة الخارجية العراقية باستدعاء السفير الأردني لدى بغداد وتسليمه مذكرة احتجاج على خلفية إجازة عمّان لحزب البعث بممارسة نشاطه السياسي في الأردن.
إذ قال رئيس اللجنة حسن سالم في بيان: "نحن لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين النيابية التي تمثل صوت الشارع والشعب، وبالخصوص الشرائح المضحية التي قدمت الدماء والتضحيات من أجل الحرية والخلاص من الظلم والدكتاتورية، تعلن احتجاجها واستنكارها إزاء إجازة المملكة لحزب البعث".
الأردن يرد على الانتقادات
من جهته، ردّ الأردن على الانتقادات العراقية، وأوضح الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن محمد خير الرواشدة لموقع "العربية" أن "حزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب أردني ناشط على الساحة السياسية منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، وقد استطاع الحزب توفيق أوضاعه بموجب قانون الأحزاب النافذ".
كما أضاف الرواشدة أنه، وبعيداً عما جرى تداوله من آراء، فإن "الحزب يعمل داخل حدود المملكة الأردنية، وبرنامجه وأهدافه وشعاراته تستهدف عناوين اللحظة السياسية في البلاد"، مضيفاً أنه "لا يسمح لأي حزب أردني بالعمل خارج حدود المملكة أو أن يتلقى دعماً أو توجيهاً من الخارج".
بينما أكد المسؤول الأردني أن "حزب البعث الاشتراكي مرخص كحزب أردني، ونشاطه يجب أن يلتزم بأحكام القانون وتقاليد العمل الحزبي محلياً والتي تتجسد في التعبير عن قواعده وتمثيلها".
يُذكر أن البرلمان العراقي صوَّت بتأييد الأغلبية الساحقة في عام 2016 على إقرار حظر رسمي لأي نشاط سياسي لحزب البعث بالبلاد. وكانت سلطة الائتلاف المؤقتة -التي تولت السلطة في العراق بعد الاحتلال الأمريكي وإطاحة صدام حسين من السلطة- قد حظرت الحزب في عام 2003.
وصل حزب البعث إلى السلطة عام 1968 بعد انقلاب قاده صدام، الذي كان مساعد الأمين العام للحزب في ذلك الوقت.
ذكرى حزب البعث وصدام لدى الأردنيين
إذا كان الحزب وزعيمه السابق لا يزالان مكروهين بين كثير من الناس في جميع أنحاء العراق، فإن ذكرى صدام حسين مرتبطة في الأردن بدعمه للقضية الفلسطينية، والقومية العربية، ومقاومته للتدخل الغربي في الشرق الأوسط.
على الرغم مما لصدام حسين من سجل طويل في انتهاكات حقوق الإنسان، فإن كثيراً من الأردنيين يتذكرون باعتزاز الزعيم البعثي الراحل، الذي أُعدم في عام 2006 بعد الاحتلال الأمريكي للعراق.
حسب موقع "ميدل إيست آي"، لا تزال صور صدام حسين تنتشر في جميع أنحاء العاصمة الأردنية عمان، فتجدها على ملصقات السيارات وأغطية الهواتف المحمولة، وحتى أقنعة الوجه التي كانت تُستعمل للوقاية من فيروس كورونا.
من الأسباب الأخرى لاحترام الأردنيين لذكرى صدام حسين، الدعمُ الاقتصادي السخي الذي قدمه العراق للأردن خلال عهده، والذي كان يتضمن إمدادات النفط بأسعار مدعومة أو بدون تكلفة تقريباً.
مثل معظم الدول العربية، فإن الأردن ساند العراق خلال حربه على إيران طوال الثمانينيات، لكنه دعم صدام حسين أيضاً بعد غزو الكويت في عام 1990، وهو أمر نادر بين الدول العربية، التي عارض معظمها الهجوم العراقي على الكويت، وانضمت إلى التحالف الأمريكي الذي أخرج القوات العراقية من البلاد.
بعد أن اتخذ العاهل الأردني الراحل (الملك حسين بن طلال) موقف الحياد في البداية، قال إن التدخل الأمريكي في عام 1990 كان "تدخلاً ضد كل العرب وجميع المسلمين وليس ضد العراق وحده".
لكن في العقد التالي، توترت العلاقات بين الدولتين العربيتين، إذ فتح الأردن البابَ أمام إنشاء عدد كبير من قواعد القوات الخاصة الأمريكية على أراضيه خلال المدة التي سبقت الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003.