دعت منظمة "أطباء بلا حدود" السلطات اليونانية إلى التحقيق في التقارير عن حالات العنف، والترحيل القسري، والإبعاد بالقوة، والحرمان من الغذاء والمساعدات الأساسية التي يواجهها اللاجئون على جزيرة ليسبوس، بحسب موقع Middle East Eye البريطاني.
إذ أفادت المنظمة الأهلية بأن اللاجئين الواصلين حديثاً قد عانوا من هجمات مزعومة على يد جماعات مقنعة مجهولة الهوية، بعد أن كسبت تلك الجماعات ثقتهم من خلال التنكر كأطباء. وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أبلغت أطباء بلا حدود عن عثورها على مجموعة من اللاجئين الجرحى والمقيدين بإحكام، بعد أن تعرضوا لذلك على يد عصابة مقنعة.
وكتب حساب MSF Sea التابع للمنظمة على تويتر: "هذه ممارسة صادمة وتلاعب مرفوض بالمساعدة الإنسانية. ويجب أن يتوقف ذلك".
كما أبلغت المنظمة الأهلية عن مواجهتها صعوبة متزايدة في تحديد مواقع الأشخاص الذين يحتاجون رعاية طبية عاجلة. وأوضحت أنها عجزت عن العثور على 940 شخصاً في المواقع المبلغ عنها منذ يونيو/حزيران عام 2022، ولهذا افترضت أنهم قد أُعيدوا إلى البحر.
وواجهت الحكومة اليونانية اتهامات متكررة بتنفيذ عمليات ترحيل قسري غير قانونية، لكن السلطات نفت ذلك السلوك مراراً. ومع ذلك، يبدو أن السلطات اليونانية رفعت وتيرة عمليات الطرد غير القانوني، بحسب ما كشفه تقرير "نيويورك تايمز" الأمريكية عن اللقطات المروعة لخفر السواحل اليوناني وهو يجمع 12 مهاجراً -بينهم أطفال- قبل أن يضعوهم في طوف قابل للنفخ ويتركوهم لتجرفهم أمواج البحر المتوسط.
إذ أفاد دوتشيو ستاديريني، رئيس بعثة أطباء بلا حدود في اليونان والبلقان، بأن المنظمة تلقت تقريراً بحاجة 103 من المهاجرين لرعاية طبية في يوم نشر الصحيفة الأمريكية لتقريرها.
وأردف في حديثه إلى موقع ميدل إيست آي البريطاني: "عثرنا على 91 منهم فقط. وحقيقة إبلاغ "نيويورك تايمز" عن ترحيل 12 مهاجراً قسرياً تشير إلى احتمالية أن يكون هؤلاء المهاجرون هم الذين لم نعثر عليهم".
في حالة تلبُّس
لم يكن تقرير الصحيفة الأمريكية مفاجئاً بالنسبة لمارو، المتطوع في خط Alarm Phone الساخن لمساعدة اللاجئين في البحر المتوسط. إذ سمع مارو العديد من القصص المشابهة.
وصرَّح مارو للموقع البريطاني قائلاً: "لكنها أول مرة نشاهد فيها مقطع فيديو يوثق الترحيل القسري خطوةً بخطوة. لقد شاهدنا صوراً من قبل.. لكنها أول مرة نشاهد فيديو لخفر السواحل في حالة تلبُّس".
ومع ذلك، شكك مارو في الدعوات المطالبة بفتح تحقيق تقوده أثينا.
حيث قال مارو: "من الواضح للغاية أن هيئة التحقيق ستخضع لتأثير الحكومة. ويدعو الجميع إلى المزيد من التحقيقات. لكن ماذا عن اتخاذ إجراءات فعلية مثل خفض التمويل؟ يقدم الاتحاد الأوروبي المال إلى اليونان من أجل إدارة ملف الهجرة، لكن لا أحد يقترح فكرة خفض التمويل".
بينما أصدرت منظمة European Centre for Constitutional and Human rights تقريراً في عام 2022 يتحدث عن "السياسة الحكومية الممنهجة" التي تتبعها السلطات اليونانية للترحيل خارج نطاق القانون. في ما نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً في العام نفسه حول استخدام مهاجرين ملثمين كوكلاء، من أجل تنفيذ عمليات الترحيل غير القانونية على الحدود البرية اليونانية مع تركيا. كما أبلغ طالبو اللجوء الأفغان عن تعرضهم للاعتداء والسرقة، وإجبارهم على خلع ملابسهم بواسطة عصابات مقنعة.
أوضاع "قابلة للانفجار"
تشير التقارير إلى تدهورٍ كبير في الأوضاع داخل مخيمات ليسبوس. إذ ذكرت "أطباء بلا حدود" في 17 مايو/أيار، أن السلطات تحرم اللاجئين المعترف بهم من الطعام وتهددهم بالإجلاء.
وقال ستاديريني للموقع البريطاني: "الأوضاع في ليسبوس قابلة للانفجار بشدة، وليس لدى الناس أي خيار آخر".
ففي مخيم ميغالا ثيرما، الذي كان مخصصاً للحجر الصحي على الجزيرة مع ظهور جائحة كوفيد، سنجد أن الازدحام ونقص الأسرَّة يعرقل الوصول الطبي العاجل. فضلاً عن توزيع الطعام لمرةٍ واحدةٍ فقط يومياً.
وأوضح ستاديريني: "لا جديد في هذا الوضع، نحن نشهد تكراراً لمخيم موريا"، في إشارةٍ إلى مخيم ليسبوس الذي اشتهر بأوضاعه المزرية والمزدحمة، قبل أن تأكله النار في عام 2020. وأردف ستاديريني: "هذا هو الخوف. نحن نحول منظومة استقبال إلى منظومةٍ للاعتقال والطرد".