بينما تستعد كييف لهجوم مضاد طال انتظاره، يقول المسؤولون الأوكرانيون والمحللون المستقلون والمسؤولون العسكريون الأمريكيون، إنَّ الروس يزيدون من استخدامهم لقنابل تعود للحقبة السوفييتية، حسب ما نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية.
على الرغم من أنَّ قدرات هذه الأسلحة محدودة، أشارت هذه المصادر إلى أنَّ القنابل القديمة أثبتت صعوبة في اعتراضها أكثر من الصواريخ الأسرع والأحدث، التي صار الأوكرانيون بارعين في إسقاطها.
وتدور أكثر المعارك في هذه الحرب باستخدام الذخائر بعيدة المدى، من قذائف المدفعية إلى الصواريخ الباليستية. وفي الأسابيع القليلة الماضية، أطلق الروس موجة تلو الأخرى من الصواريخ والطائرات المُسيَّرة المتفجرة على مدن أوكرانية، وأسقطتها أوكرانيا كلها تقريباً.
اقرأ أيضاً
قنابل مختلفة!
لكن قنابل الطائرات مختلفة؛ فليس لديها أنظمة دفع مثل صواريخ كروز، ولا تبقى في الهواء تقريباً مثل الطائرات من دون طيار، وتُرفَع القنابل على متن الطائرات عالياً لمدة 70 ثانية فقط أو أقل، وتتبُعها أصعب بكثير على الدفاعات الجوية الأوكرانية. وقال المسؤولون الأوكرانيون إنها تظهر كنقاط صغيرة على شاشات الرادار، وتختفي بعد وقت قصير من إسقاطها، ثم تصطدم بالقرى.
فيما قال اللفتنانت كولونيل (مُقدم) دينيس سماجنيي، من سلاح الجو الأوكراني: "هذا هو تطور الحرب الجوية. لقد جربت روسيا في البداية صواريخ كروز، لكننا أسقطناها. ثم جربوا الطائرات من دون طيار، وأطلقنا النار عليها أيضاً. وهم يبحثون باستمرار عن حل لاستهدافنا، ونحن نبحث عن حل لاعتراضهم".
ووفقاً لمسؤولين أوكرانيين وأمريكيين، عدّلت روسيا بعض القنابل بأنظمة ملاحة عبر الأقمار الصناعية، وأجنحة لتوسيع مداها وتحويل هذه الأسلحة قديمة الطراز، التي تمتلك موسكو الآلاف منها، إلى قنبلة انزلاقية أكثر حداثة.
فيما قال مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية، تحدث للصحيفة الأمريكية، شريطة عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الموضوع، إنَّ روسيا تنشر هذه القنابل الانزلاقية من طائرات "سوخوي 34" و"سوخوي 35″، وهي أفضل طائراتهم الحربية. وبالنظر عن قرب إلى الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، حيث لا تصل الدفاعات الجوية الأوكرانية، تطلق الطائرات الحربية القنابل التي تنزلق لمسافة 20 ميلاً (32 كيلومتراً) أو أكثر، عابرة خط المواجهة ثم تضرب الأراضي الأوكرانية.
وهذه القنابل أصعب في الضرب من صواريخ كينزال، التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، والتي يزعم الأوكرانيون أنهم دمروها مؤخراً بأنظمة الدفاع الجوي الأمريكية باتريوت.
اقرأ أيضاً
قنابل روسيا أثبتت فاعليتها!
وأوضح إيان ويليامز، نائب مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث في واشنطن: "تتمتع صواريخ كينزال بوقت طيران أطول على ارتفاعات عالية؛ لذلك من السهل اكتشافها وتتبعها". ومن ناحية أخرى، لم تُصمَّم منظومة باتريوت الدفاعية الأمريكية لمواجهة القنابل الانزلاقية، على حد قوله.
ويستخدم المسؤولون الأوكرانيون تهديد هذه القنابل للمساعدة في تعزيز موقفهم من الحصول على طائرات "إف-16" الأمريكية، التي من المتوقع أن يقدمها الحلفاء بعدما عكست إدارة بايدن مسارها وسمحت بتدريب الطيارين الأوكرانيين على استخدامها.
وفي السياق ذاته، قال يوري إغنات، المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية: "محاولة اعتراض هذه القنابل ليست فعالة ولا منطقية حتى. السبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع والطريقة الوحيدة لإيقافه هي مهاجمة الطائرات التي تطلق هذه القنابل".
وتمتلك كل من روسيا وأوكرانيا دفاعات جوية قوية على الأراضي التي يسيطرون عليها؛ مما يجعل من الصعب على أي من الجانبين تنفيذ مهام قتالية. ويمتلك الطيارون الأوكرانيون أيضاً بضع عشرات من القنابل الانزلاقية التي قدمتها الولايات المتحدة، لكنهم واجهوا صعوبات في التعامل معها، وفقاً للوثائق التي يُزعَم أنَّ جاك تيكسيرا سرّبها، وهو ضابط الحرس الوطني الجوي الأمريكي المتورط في كشف واسع لمواد سرية. وذكرت الوثائق السرية أنَّ الروس اكتشفوا كيفية التشويش على أنظمة التوجيه؛ مما جعل عدة قنابل أوكرانية تخطئ في إصابة هدفها.