أثار خطاب المرشح الرئاسي للمعارضة في تركيا، كمال كليجدار أوغلو، المناهضُ للاجئين والمهاجرين، شرخاً بدأت تظهر ملامحه في صفوف المعارضة، وذلك قبل أيام من إجراء البلاد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، التي تشهد منافسة صعبة لكليجدار أوغلو أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
موقع Middle East Eye البريطاني، ذكر في تقرير الأربعاء 24 مايو/أيار 2023، أن عدداً من أعضاء تحالف "الأمة" الذي يقوده كليجدار أوغلو، استقالوا بعد أن جدّد السياسي البالغ 74 عاماً، تعهده بطرد جميع اللاجئين في حال انتخابه رئيساً، وذلك في محاولة منه لكسب دعم الناخبين القوميين.
كليجدار أوغلو لم يكتفِ بمهاجمة اللاجئين والمهاجرين، بل زعم أن أردوغان سمح لـ"10 ملايين" لاجئ بأن يدخلوا البلاد، في تضخيم كبير للتقديرات الرسمية التي تحصي أعداد اللاجئين في تركيا بنحو 4 ملايين شخص.
بحسب الموقع البريطاني، فإن مزاعم كليجدار أوغلو باحتمالية ارتفاع عدد المهاجرين "غير النظاميين" إلى 30 مليون شخص، كانت سبباً في إغضاب بعض حلفائه من يمين الوسط، مثل حزب "المستقبل" الذي يقوده رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، وحزب "الديمقراطية والتقدم"، الذي يقوده نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان.
كان يوم الإثنين 22 مايو/أيار 2023 قد شهد استقالة 11 مسؤولاً بارزاً من حزب "المستقبل" وبينهم بعض مؤسسي الحزب، وقالوا إن "سياسات داود أوغلو أصبحت بعيدةً عن توجهات أعضاء الحزب بصورةٍ متزايدة، كما هو حال سياسات كليجدار أوغلو المناهضة للاجئين".
لقّب الموقعون على بيان الاستقالة أنفسهم بـ"المسلمين الديمقراطيين"، قائلين: "ها نحن نعلنها أمام الرأي العام: لن نقف في صف من يدافعون عن مناهضة الهجرة بطريقة تسحق الكرامة الإنسانية. ولن نقف في صف خطابٍ يُهين اللاجئين الذين يحتمون ببلدنا، وليس لهم غرض آخر سوى العيش والنجاة في أمن وسلام".
من جانبها، أصدرت قيادة حزب "المستقبل" بياناً يوضح أن الموقعين على البيان لا يمثلون الحزب، لكن هناك مؤشرات على أن العديد من الأعضاء الحاليين ليسوا سعداء بتصريحات كليجدار أوغلو المناهضة للاجئين.
فمن جهته، قال خالد خوجة، السياسي التركي السوري وأحد مؤسسي حزب "المستقبل": "تمثل العنصرية تجسيداً آخر للاستبداد، وليست هي البديل. وعندما يصبون تركيز الدعاية الانتخابية على اللاجئين الذين يعيشون تحت وضع حمايةٍ مؤقتة داخل تركيا ليستهدفوهم؛ فهم لا يفعلون شيئاً سوى تغذية الضغينة والكراهية داخل المجتمع المُستقطب بالفعل".
أضاف خوجة أن "كل سياسي مطلع على الأمر يُدرك أن عودة اللاجئين السوريين، من أصحاب الحماية المؤقتة، ستكون مرهونة بتحقيق الاستقرار السياسي داخل سوريا. ولن يحدث ذلك إلا في إطار قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254".
من جانبه، قال النائب المنتخب حديثاً من حزب "الديمقراطية والتقدم" -الذي ترشح في قائمة حزب الشعب الجمهوري- مصطفى ينر أوغلو، إنه سيواصل دفاعه عن حقوق المهمشين، وقال إن "حرمة الكرامة الإنسانية أهم من كل السياسات. ولا يمكن التضحية بها لأي غرض وتحت أي ظرف".
بدوره، وجّه النائب السابق من حزب "الشعوب الديمقراطي" -الموالي للأكراد- إيرول كاتيرسي أوغلو، انتقادات حادة لتقارير أوردت احتمالية تعيين أوميت أوزداغ وزيراً للداخلية في حال فوز كليجدار أوغلو.
تساءل كاتيرسي أوغلو: "هل سيكون أوميت أوزداغ وزيراً للداخلية؟ أتمنى ألا يفعلوا ذلك الهراء! ستكون أخطر خطوةٍ يتخذها كليجدار أوغلو وسوف يخسر".
كان أوزداغ قد أعلن في وقت سابقٍ الأربعاء 24 مايو/أيار 2023، دعمه لحملة كليجدار أوغلو، قائلاً إنهما اتفقا على إرسال اللاجئين إلى بلادهم في غضون عام، وانتقد نائب رئيس "حزب المستقبل"، سليم تيمورسي، احتمالية منح الحقيبة الوزارية لأوزداغ، واصفاً الأمر بأنه مزحة.
تيمورسي قال: "التزم تحالف الأمة، الذي يمثل مشروع سلم اجتماعي، بحل مشكلة الهجرة وطالبي اللجوء. لكن بعض طرق تحقيق النصر ليست عادلة".
كذلك اعتبر أُفق أوراس، السياسي الليبرالي اليساري الذي كان مقرباً من حزب "الشعوب الديمقراطي" ذات يوم، أن كليجدار أوغلو يرتكب خطأ ضخماً بتحالفه مع أوزداغ، وقال إنه "في المستقبل سيصف المؤرخون هذا اليوم بأنه محاولة الانتحار الجماعي الكبرى في عالم السياسة".
من المقرر أن يصدر حزب "الشعوب الديمقراطي" بياناً نهائياً بشأن دعمه لكليجدار أوغلو، يوم الخميس 25 مايو/أيار 2023، لكنه صرّح بأن البروتوكول الذي وقعه كليجدار أوغلو مع أوزداغ يتضمن بعض المواد التي تتعارض مع مبادئ الديمقراطية العالمية.