وصفت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية، المعارضة التركية بأنها "يائسة"، وقالت إن المعارضة تعرضت لإحباط شديد بمجرد فرز أصوات الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي أُجريت يوم 14 مايو/أيار 2023، وهو الأمر الذي دفع للجوء إلى ورقة القومية، في محاولة لاستمالة الناخبين.
لفتت الصحيفة في تقريرها إلى أن أحد كبار مستشاري المرشح الرئاسي للمعارضة كمال كليجدار أوغلو، توقع فوزه بالجولة الأولى على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكن النتائج أثبتت عكس ذلك، إذ حصل أردوغان على 49.5% من الأصوات، مقابل حصول كليجدار أوغلو على 44.8%.
هذه النتائج أدت إلى إحباط شديد لدى المعارضة التركية، وقالت الصحيفة إن هذا الإحباط وصل لدرجة أن كليجدار أوغلو شعر بأنه مضطر لنشر مقطع فيديو يُثبت أنه لا يزال حاضراً، إذ ظهر في المقطع وهو يضرب الطاولة بقبضتيه، ويصرخ قائلاً: "أنا هنا".
الصحيفة البريطانية اعتبرت ظهور كليجدار أوغلو في مقطع الفيديو بمثابة بداية التحول الصادم لمرشح المعارضة، وقالت إن حملته تحولت "من حديث عن الربيع وصور أشجار الكرز وإشارات القلوب، إلى خطابات عدائية تتعهد بطرد ملايين المهاجرين".
أضافت "فايننشيال تايمز" أن هذه المحاولة اليائسة الأخيرة التي لجأ إليها كليجدار أوغلو تهدف إلى تغيير مسار الحملة قبل الجولة الثانية من التصويت، في 28 مايو/أيار 2023، ويتمثل التحدي الذي يواجهه في سد فجوة بالأصوات تبدو مستعصية أمام منافسة أردوغان.
كمال جان، الصحفي والكاتب التركي قال في تصريح أوردته الصحيفة، إن "كليجدار أوغلو بدأ حملته متعهداً بفتح أبواب الجنان، لكنه ينادي الآن بضرورة غلق أبواب الجحيم"، وأضاف أنه "حين يخفق الساسة في تركيا أو يحتاجون إلى نتائج سريعة يستخدمون بطاقة القومية".
تقرير الصحيفة لفت أيضاً إلى تخلي كليجدار أوغلو عن أية محاولات لإدارة حملة انتخابية إيجابية تناقش مشكلات، وبدلاً من ذلك اتجه نحو شن هجمات على الرئيس أردوغان، متهماً إياه "بأنه أخفق في حماية الحدود".
ففي رده على مزاعم أردوغان المتكررة بأن المعارضة متحالفة مع الإرهابيين، اتهم كليجدار أوغلو أردوغان بالشيء نفسه.
من جهته، قال عضو برلماني سابق في حزب الشعب الجمهوري الذي يتزعمه كليجدار أوغلو، إن تحول كليجدار أوغلو إلى اليمين "علامة على يأسه"، وسيؤدي إلى نتائج عكسية في نهاية المطاف.
أضاف النائب السابق للصحيفة- متحدثاً شريطة عدم ذكر اسمه- "عليه أن يظهر بمظهر القائد الواثق الثابت، الكثير من الناس سيصوتون له تكتيكياً، بمن فيهم الأكراد وغيرهم ممن يشعرون بأنهم ضحية جرّاء هذا الخطاب الجديد".
مهاجمة المعارضة التركية للاجئين
كان لافتاً مع بدء حملة كليجدار أوغلو للجولة الثانية، تصعيده الكبير ضد المهاجرين واللاجئين، خصوصاً السوريين منهم، إذ هاجمهم بطريقة لاذعة، وضخّم من أعدادهم في البلاد أضعاف الرقم المعلن عنه رسمياً، وحاول تخويف المجتمع التركي من وجود اللاجئين بينهم.
في هذا الصدد، قال ألب كوكر، المحلل في شركة JS Held الاستشارية، إن كليجدار أوغلو كان يستخدم دوماً هذه اللغة القاسية مع اللاجئين، لكن "ما تغير هو لهجته العنيفة في نقل رسائله".
أشار كوكر إلى أن هذا التحول قد يروق لقطاعات كبيرة من قاعدة حزب "الشعب الجمهوري"، رغم أنه قد يزعج بعض المؤيدين الليبراليين في المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة، وقد يؤدي أيضاً إلى نفور الناخبين الأكراد اليساريين، الذين دعموا أوغلو بأغلبية ساحقة بعد أن أيدت المعارضة الكردية ترشيحه.
من جانبها، ترى سيرين سيلفين كوركماز، مديرة "معهد إسطنبول للبحوث السياسية"، أن الطاقة التي حفزت تحالفاً كبيراً من الناخبين لدعم كليجدار أوغلو قد تبددت إلى حد كبير، حيث تجنَّب قادة الأحزاب الخمسة الأخرى في التحالف الصحافة والجمهور لأنه "لا أحد يريد أن يتحمل مسؤولية هذه الهزيمة".
أضافت كوركماز: "لو كان كليجدار أوغلو خرج ليلة الانتخابات وألقى خطاب نصر لتمكن من تنظيم خطابه، لكنه تحول إلى فشل ذريع، والآن من الضروري أن يكون من ضمن أهداف استراتيجية المعارضة تعزيز الروح المعنوية لقاعدة انتخابية محبطة".