تواجه الحكومة اليونانية إدانةً جديدة لسياساتها المتعلقة بالهجرة، قبل أيام من إجراء الانتخابات العامة، وذلك عقب انتشار مشاهد فيديو تُظهر عملية الطرد القسري لطالبي اللجوء الباحثين عن ملاذٍ في البلاد، بحسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
وقبل 48 ساعة من فتح صناديق الاقتراع، دخل رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس في الوضع الدفاعي بسبب التوثيق الصادم لعملية "الصد" غير القانونية، والتقط الصور ناشط نمساوي في لسبوس، الشهر الماضي، ثم نشرتها صحيفة New York Times الأمريكية يوم الجمعة، 19 مايو/أيار، بعد "التحقق من صحتها وتأكيدها" بواسطة الصحيفة.
اليونان تصد طالبي اللجوء بطريقة غير قانونية!
وقالت الصحيفة الأمريكية في بيانها: "يتحدث الصحفيون والنشطاء منذ سنوات عن مزاعم بأن السلطات اليونانية تصد المهاجرين عند حدود اليونان بطريقةٍ غير قانونية، لكن الأدلة الدامغة كانت متفرقة. وأنكرت الحكومة اليونانية إساءة معاملتها للمهاجرين مراراً، لكن هذا الفيديو قد يكون أكثر دليلٍ دامغ حتى الآن على انتهاكاتها للقانون الدولي ولقواعد الاتحاد الأوروبي، التي تحكم طريقة المعاملة الواجبة لطالبي اللجوء".
ويُمكن وصف المشاهد الملتقطة بأنها تمثل إدانة صادمة للسياسات التي تنفيها حكومة ميتسوتاكيس منذ وقتٍ طويل. ومن المحتمل أن يؤدي هذا الدليل إلى رد فعلٍ قوي من عواصم الاتحاد الأوروبي الأخرى، حيث أظهر مقطع الفيديو مجموعة من 12 طالب لجوء- بينهم أطفال ورضيع عمره 6 أشهر- وهم يتعرضون للطرد القسري على يد ضباط حرس السواحل اليوناني، وذلك في لسبوس، التي وصلوا إليها قادمين من تركيا.
وتُظهر المشاهد اللاجئين، الذين وُصفوا بأنهم من الصومال وإريتريا وإثيوبيا، أثناء اقتيادهم داخل شاحنة بيضاء "لا تحمل أي علامات"، نحو بقعةٍ نائية في الجزيرة المطلة على بحر إيجه، قبل إجبارهم على ركوب قارب مطاطي سريع بواسطة رجال يخفون وجوههم بالأقنعة. ونقلهم القارب إلى سفينة تابعة لحرس السواحل اليوناني، قبل أن تهجرهم السفينة في طوف نجاة وسط بحر إيجه، وظلت المياه تجرفهم هناك حتى أنقذهم خفر السواحل التركي.
وقالت نعيمة حسن عدن (27 عاماً)، الصومالية التي عاشت تلك المحنة مع رضيعها: "لم نكن نتوقع أننا سننجو في ذلك اليوم. وعندما وضعونا على متن الطوف المطاطي كانوا يفعلون ذلك دون إبداء أي رحمة"، بينما أفادت الصحيفة بأن تلك الواقعة جرت في يوم 11 أبريل/نيسان.
يُذكر أن الإعادة القسرية للاجئين هرباً من الحرب أو الاضطهاد تمثل انتهاكاً للقوانين التي تتبناها الدول الغربية المتحضرة، ومنها اتفاقية جنيف 1951 التي تنص على توفير الحماية القانونية للاجئين، والتي وقعت عليها اليونان كسائر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ولم يتضح بعد إلى أي مدى ستتأثر وضعية الحكومة بانتشار الفيديو، خاصةً مع دخول الحملة السابقة للانتخابات في يومها الأخير، لكن اليونانيين رحبوا بموقف الحزب الحاكم المتشدد من قضية الهجرة بشكل عام.
إذ قال الأستاذ يانيس تسيرباس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أثينا: "أثبت الجمهور اليوناني أنه ليس حساساً تجاه هذه القضية على الإطلاق، وربما يكون موقف الحكومة عدائياً، لكنه حقق نجاحاً كبيراً في الوقت ذاته".