ظهر الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني والقائد العام للقوات المسلحة، بين الجنود، لأول مرة منذ اندلاع الاشتباكات في السودان، في وقت تجددت فيه الاشتباكات العنيفة بالأسلحة الثقيلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، تزامناً مع استمرار المفاوضات بين الطرفين بوساطة أمريكية- سعودية في مدينة جدة، ومناقشة الوضع الإنساني بالبلاد.
إذ نشر الجيش السوداني، الأربعاء 17 مايو/أيار 2023، مقاطع فيديو وهو يتجول وسط جنوده في منطقة القيادة العامة للجيش، وسط الخرطوم.
كما أظهرت مقاطع فيديو نشرتها القوات المسلحة وحسابات سودانية على فيسبوك وتويتر البرهان وهو يقوم بجولة في منطقة مفتوحة بين عدد من أفراد القوات المسلحة، وفي مركز القوات البرية بالخرطوم، حاملاً السلاح، ويتبادل التحيات مع جنوده.
وكان البرهان قد توارى عن الأنظار خلال الأيام القليلة الماضية، حيث يعود آخر ظهور له إلى بداية مايو/أيار الجاري، عندما نشرت القوات المسلحة السودانية مقطع فيديو ظهر فيه خلال إشرافه على سير العمليات العسكرية في السودان مع تجدد القتال رغم الهدنة السادسة بين طرفي الصراع.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي، يشهد السودان اشتباكات عنيفة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، شملت العاصمة الخرطوم وعدة مدن شمالي وغربي البلاد، وأوقعت مئات القتلى والجرحى وتسببت بأزمة إنسانية حادة.
اشتباكات في العاصمة
يأتي ذلك بينما تزامن الظهور الأخير للبرهان مع تجدد الاقتتال في أحياء العاصمة وسقوط قذائف على المنطقة الصناعية القديمة في الخرطوم، ما تسبب في خسائر مادية جسيمة، بالإضافة إلى استمرار المفاوضات بين الطرفين بوساطة أمريكية سعودية في مدينة جدة، في وقت وصلت فيه طائرة قطرية تحمل على متنها 35 طناً من المساعدات الطبية إلى السودان.
إذ قال شهود عيان لوكالة الأناضول إن الاشتباكات تجددت الأربعاء في مدينتي بحري (شمالي الخرطوم) وأم درمان (غربيها) بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، مع استمرار تحليق الطيران الحربي لقصف تجمعات الدعم السريع.
ودخلت اشتباكات السودان شهرها الثاني في ظل معاناة إنسانية يفاقمها نقص الوقود والخبز والكهرباء وشح المياه، واستمرار حالة النزوح من مناطق القتال.
من جهته، قال مصدر عسكري في الجيش إن القوات المسلحة السودانية تمكنت الثلاثاء من إحباط هجمات لما سماها ميليشيا الدعم السريع من 3 اتجاهات مختلفة.
المصدر قال إن قوات الجيش تمكنت من استعادة السيطرة على بعض المناطق التي انسحبت منها الثلاثاء، ومن بينها قيادة القطاع الأوسط للقوات الجوية، وفرع الرياضة العسكرية بوسط الخرطوم.
في المقابل، قالت قوات الدعم السريع إن من وصفتها بقوات الانقلابيين وفلول النظام البائد حاولت فجر الثلاثاء مباغتة تجمعات قواتها في منطقة شمال بحري، لكن الدعم السريع تصدى للقوة المعتدية.
وبثت قوات الدعم السريع مقطع فيديو عبر تويتر، قالت إنه يظهر سيطرتها على قيادة قوات الدفاع الجوي في الخرطوم الليلة الماضية عقب معارك مع الجيش السوداني.
والثلاثاء، أعلنت نقابة أطباء السودان (غير حكومية) ارتفاع عدد القتلى إلى 822 مدنياً، منذ بدء الاشتباكات يوم 15 أبريل/نيسان الماضي.
مباحثات جدة
وحول المباحثات بين الطرفين، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن السفير جون غودفري ما زال في جدة لدعم المحادثات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، بشأن وقف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية.
والخميس الماضي، اتفق الجيش السوداني والدعم السريع على "إعلان جدة"، الذي يتضمن التزامات إنسانية تُنفذ فوراً، وجدولة لمحادثات مباشرة جديدة مستمرة في السعودية، على أمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
مساعدات قطرية
إنسانياً، أعلنت وزارة الخارجية القطرية وصول طائرة قطرية تحمل على متنها 35 طناً من المساعدات الطبية إلى السودان، تشمل أجهزة ومعدات، مقدمة من صندوق قطر للتنمية والهلال الأحمر القطري وقطر الخيرية.
الخارجية أشارت إلى إجلاء 255 شخصاً من حاملي الإقامة القطرية من مطار بورتسودان إلى الدوحة، ليصل مجموع من أُجلوا منذ بدء الأحداث إلى 1440 مقيماً.
وفي التداعيات الإنسانية أيضاً، أعلنت الأمم المتحدة أنها بحاجة إلى مليارين و560 مليون دولار، في إطار خطتها للاستجابة الإنسانية في السودان.
وفي مؤتمر صحفي عُقد الأربعاء في جنيف، أشار رؤوف مازو، نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، وراميش راجاسينغهام وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، إلى أنّ 220 ألف شخص أصبحوا لاجئين في مصر وتشاد وجنوب السودان، جراء الاقتتال المستمر في السودان منذ شهر.
وتوقعت الأمم المتحدة، الأربعاء، في مراجعة لخطتها من أجل البلاد أن "يبلغ عدد الفارين من السودان إلى مليون لاجئ هذا العام".
المنظمة الأممية أضافت أن نحو 25 مليون شخص يمثلون أكثر من نصف سكان السودان بحاجة للمساعدات الإنسانية، محذرةً من أن"الوضع في السودان يتحوّل إلى أزمة إقليمية بوتيرة سريعة".