سادت حالة من الصدمة والغضب في تركيا، بعد خروج أنصار حزب الشعب الجمهوري المعارض بتغريدات معادية ومهاجمة للمدن المتضررة من الزلزال المدمر، الذي ضرب تركيا قبل أشهر، وذلك بسبب حصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتحالف الشعب على نسبة عالية في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد في 14 مايو/أيار.
ومع بدء الكشف عن نتائج الانتخابات تقدم الرئيس التركي أردوغان بشكل كاسح في مدن الزلزال، وهو ما أثار غضب المعارضة، حيث قام مناصروها بمهاجمة المواطنين الأتراك في تغريدات أثارت صدمة بتركيا وجدلاً.
وشهدت مناطق الزلزال مشاركة واسعة في الانتخابات، وحسب بيانات رسمية من وكالة الأناضول التركية، حصد الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية أغلبية الأصوات في 11 ولاية منكوبة.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صور وفيديوهات الأتراك وهم يهاجمون المتضررين من الزلزال، "متمنين لهم الموت" بسبب اختيارهم أردوغان في رئاسيات تركيا، حيث كتبت إحدى المغرِّدات الموالية للمعارضة: "لا أحد يكلمني عن نقص الماء في هطاي أول أي مشاكل أخرى، عار عليكم دموعي التي سقطت بسببكم وتضامني المادي والمعنوي معكم، أتمنى لكم الموت".
هذه التغريدة وغيرها الكثير أثارت حالةً من الصدمة في تركيا، حيث عبَّر رواد تويتر عن غضبهم، مطالبين السلطات بالتدخل لوقف خطاب الكراهية، كما تفاعل رواد تويتر، ومشاهير تركيا بشكل واسع، معربين عن تضامنهم مع المتضررين من الزلزال المدمر، معتبرين أن هذه التغريدات هي اعتداء على حق التصويت الذي يكفله الدستور في تركيا.
وخرج الفنان التركي سنان البيراق في فيديو نشره على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي ليرد على الحملة التي شنّها مناصرو حزب الشعب الجمهوري على متضرري الزلزال؛ إذ قال في الفيديو: "أنا لم أشارك أي شيء بشأن الانتخابات، لم أرد أن أكون وسط الفوضى التي حدثت قبل الانتخابات، لكن بعد قراءة الرسائل الموجهة لمتضرري الزلزال بسبب أصواتهم لصالح تحالف الشعب أُصبت بالغثيان، أقول للناس الذين هاجموا المتضررين من الزلزال بالإهانات والكراهية أنتم حقاً مقززون، تهاجمون من لا يدعم "الديمقراطية" التي ترونها مناسبة لكم فقط".
فيما نشر المغرّد التركي "عريف" فيديو لمواطن من منطقة هطاي، المتضررة من الزلزال، والتي تحدث فيها عن مساعدات الدولة التركية للمنطقة، وعلق على الفيديو قائلاً: "كم عدد البقع السوداء لديك حزب الشعب الجمهوري "الليبرالي والديمقراطي"؟! العار عليكم".
بدوره قال النائب في البرلمان التركي رسول كرد، في تغريدة على تويتر: "أولئك الذين ينتقدون بشدة مدينتي أديامان على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب دعمهم لحزب العدالة والتنمية، أنا أدين عقليتكم الفاشية، أتمنى أن يكون لديكم نصيب من الإنسانية".
وكتب هاكان أورال تغريدة على تويتر جاء فيها: "أصوات الضحايا في منطقة الزلزال تتعرض للإذلال من قبل أصحاب العقلية المتكبرة، من أنتم؟! يجب أن تخجلوا! بينما كنتم أنتم تجادلون وتتفاوضون على الطاولة السداسية كالأطفال، لم يجد هؤلاء المواطنون سوى الدولة إلى جانبهم".
فيما كتب السياسي في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مجاهد بيرينجي تغريدة قال فيها: "نحن نرفض الأساليب الدنيئة التي يهين بها مواطنون المتضررين من الزلزال بسبب اختياراتهم في التصويت، يجب أن يعرف مواطنونا أن هذه الأفواه تنتمي إلى أقلية، أمتنا مع ضحايا الزلزال، نعلن أننا سنتابع قانونياً هذه المنشورات المسيئة على مواقع التواصل الاجتماعي".
نتائج انتخابات تركيا
ويأتي هذا بعد أن أعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تركيا، أحمد ينار، عن تنظيم جولة ثانية من انتخابات الرئاسة في البلاد، وذلك للمرة الأولى في تاريخها، بعدما لم يحقق أي من مرشحي الرئاسة النسبة الكافية للفوز.
بموجب ذلك، سيتوجه الأتراك مرة ثانية إلى صناديق الاقتراع، يوم 28 مايو/أيار الجاري، للاختيار بين أردوغان ومنافسه الأقرب له كمال كليجدار أوغلو، مرشح تحالف الأمة المعارض، وسط توقعات بأن تكون فرص أردوغان أكثر في الفوز، حيث حصل على 49.51% من الأصوات، فيما حصل كليجدار أوغلو على 44.88%.
يشار إلى أنه لأول مرة في تاريخ تركيا يضطر المترشحون للانتخابات الرئاسية إلى خوض جولة ثانية، لحسم اسم الرئيس الذي سيقود البلاد مطلع قرنها الثاني، ما يعكس ضراوة المنافسة السياسية وشراستها بين الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يحكم البلاد منذ عقدين، وكمال كليجدار أوغلو، المدعوم من تحالف الطاولة السداسية، ومن ورائهما حزب الشعوب الديمقراطي الداعم للأكراد.
وعبَّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن احترامه لقرار الهيئة العليا للانتخابات، الإثنين 15 مايو/أيار 2023، بخصوص ذهاب الانتخابات الرئاسية إلى جولة ثانية، بسبب عدم تمكن أي مرشح رئاسي من تحصيل نسبة 50% وصوتٍ.
وفي تغريدة مطوّلة نشرها أردوغان عبر حسابه في تويتر، مساء الإثنين، قال: "بصفتي سياسياً لم يعرف على الإطلاق أي قوة غير إرادة الشعب، ولم ينحرف عن الطريق الذي يرسمه الشعب"، معبّراً عن احترامه للنتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع.