كشفت مصادر لـ"عربي بوست" عن تباين في الموقف داخل عشيرة النائب الأردني عماد العدوان، بما يتعلق بالإجراءات التي تتخذها الدولة بعد تسليمه من الاحتلال الإسرائيلي، وتفاصيل متعلقة حول اعتقال السلطات 9 أشخاص للتحقيق معهم بقضية النائب، إلى جانب ترجيحات متعلقة بمدد الحبس المتوقعة له بعد محاكمته.
في داخل أوساط عشيرة العدوان تباينت المواقف حيال قضية عودة النائب الأردني بعد اعتقاله لنحو أسبوعين بتهمة تهريب أسلحة إلى الضفة الغربية، فقد أصدر تجمع أبناء قبيلة العدوان بيان "شكر ووفاء" إلى الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وعبروا عن شكرهم فيه على استعادة ابنهم النائب عماد العدوان، واصفين إياه بـ"أسير المحبسين، الغربة والسجن"، بعد أن بعثوا رسالة استجارة والتماس إلى الملك باستعادة ابنهم وتقديمه للمحاكمة في الأردن، نهاية أبريل/نيسان 2023.
لكنّ أوساطاً أخرى في العشيرة، التي هي الأقرب إلى فئة الشباب، لم تُبد ارتياحاً كبيراً بالإجراءات والتحركات الرسمية التي اتُّخذت في قضية النائب العدوان، وتتلخص وجهة نظرهم وفق ما رصده مراسل "عربي بوست" بأنّ النائب يعدّ بالنسبة لهم "بطلاً وطنياً يجب الاحتفاء به وليس محاكمته"، حتى لو قام بتجارة الأسلحة وتهريبيها لصالح المقاومة، في حال صحة تقرير الشاباك الإسرائيلي، بالتالي "لا يحق للحكومة والسلطات الأردنية معاقبته على ما فعله"، وفق تقديرهم.
مقايضات بين عشيرة العدوان والدولة الأردنية
تكشف مصادر خاصة داخل أوساط عشيرة النائب الأردني عماد العدوان لـ"عربي بوست"، أنّ وجهاء العشيرة التقليديين أبدوا موافقتهم على الإجراءات التي اتخذتها الدولة الأردنية تجاه قضية النائب الأردني، وأنّهم وجهوا شكراً خاصاً للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على الإجراءات التي قامت بها السلطات الأردنية، تجاه قضية النائب العدوان والتحركات التي قامت بها لأجل الإفراج عنه وإعادته من جديد للأردن، حيث عمد هؤلاء الوجهاء إلى عقد الوساطات بين الدولة والعشيرة.
تؤكدّ تلك المصادر أنّ الحكومة الأردنية اشترطت أنّه مقابل حالة التحركات التي قامت بها الدولة الأردنية تجاه قضية النائب العدوان، فإنّه في مقابل ذلك أن يمتنع أبناء عشيرة العدوان التي ينتمي إليها النائب الأردني عن إثارة أي ضجة أو شكوك حول المساعي الأردنية للإفراج عنه، وأنّه في حالة الموافقة على تلك المطالب التي اشترطتها السلطات الأردنية على عائلة النائب، فإنّه سيقابله على الفور إجراء تحركات ومحادثات مع الجانب الإسرائيلي.
إضافة إلى ذلك، فإنّ السلطات الأردنية أكدت لعشيرة النائب الأردني عماد العدوان أنّ النائب سيواجه خيار العقوبة والسجن داخل إسرائيل، ويتم محاكمته بتهمة تهريب السلاح وتزويد حركات مقاومة فلسطينية بالسلاح، ما يعني عقوبة يمكن أن تصل إلى 10 سنوات على الأقل من القضاء الإسرائيلي، في حال رفض العشيرة لهذه الاشتراطات الأساسية.
بحسب المصادر ذاتها، فقد تمت الموافقة من الدائرة المقربة من النائب عماد العدوان على هذه المطلب، أما المطلب الآخر فقد تمثل بعد تسلم النائب الأردني من إسرائيل أن يتم إجراء محاكمة بمحكمة أمن الدولة، وأن تضمن العشيرة موافقة أبنائها على إجراءات المحاكمة.
كما أنّ أي إجراءات يتم اتخاذها من السلطات الأردنية تجاه النائب عماد العدوان، اشترطت الدولة الأردنية أن "لا يتم التدخل في تلك الإجراءات المتخذة بحق النائب العدوان، ومنها سحب الحصانة وإسقاط عضويته من مجلس النواب، حيث تمت الموافقة على هذه المطالب أيضاً من الدائرة المقربة لعائلة النائب الأردني"، وفق المصادر التي تحدثت لـ"عربي بوست".
لكن أوساطاً أخرى داخل عشيرة النائب الأردني عماد العدوان لم تُبد ارتياحها لهذه المساعي والتحركات الأردنية تجاه قضية النائب المعتقل، بل شكلت بحسب تأكيدات الناطق باسم الحركة الفكرية الأردنية عمر النظامي، صدمة كبيرة لها، مشيراً إلى أنّه بمجرد وصول النائب إلى الأراضي الأردنية تم سحب الحصانة الدبلوماسية عنه، حتى قبل عرضه في جلسة على مجلس النواب الأردني.
يؤكدّ النظامي في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أنّ مقايضات سياسية تمت بين عشيرة النائب الأردني عماد العدوان وتحديداً الدائرة المقربة من النائب الأردني، والدولة، وتم التكتم عليها من وسائل الإعلام الأردنية، ولم يجر الحديث عن هذه الكواليس فيها حتى الآن، منوهاً إلى أنّ الدائرة المقربة من النائب تعهدت ألا يتم التدخل بأي إجراءات للدولة الأردنية تجاه النائب عماد العدوان، وحتى في إجراءات محاكمته.
يضيف أن الجانب الأردني الرسمي أبلغ الاحتلال الإسرائيلي بموافقة عشيرة النائب الأردني عماد العدوان على الإجراءات التي سيتم اتخاذها بحق النائب من السلطات الأردنية، التي يتمثل أبرزها في ضمان محاكمة النائب العدوان في الداخل الأردني، وإسقاط وتجميد عضويته في مجلس النواب ورفع الحصانة عنه.
يشير النظامي إلى أنّ سحب الحصانة من النائب العدوان "لا يعتبر إلى هذه اللحظة طرداً من مجلس النواب، فهو لا يزال حتى الآن بحسب القانون الأردني نائباً في مجلس النواب، لكن إذا ما تمت محاكمته لمدة تصل إلى عام، فهذا يعني إسقاط عضويته في مجلس النواب، وفصله تلقائياً من المجلس"، وفق قوله.
كانت جلسة خاصة قد عقدت على مستوى مجلس النواب، وذلك بطلب من نيابة محكمة أمن الدولة الأردني لسحب الحصانة النيابية عن النائب العدوان، بعد دخوله مباشرة إلى الأراضي الأردنية وتسليمه للسلطات الأردنية، وهذا ما أكدّه عضو مجلس النواب الأردني النائب موسى هنطش، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، مشيراً إلى أنّ مجلس النواب الأردني صوت بالأغلبية على رفع الحصانة عن النائب العدوان.
حرق مركز أمني
يؤكدّ هنطش أنّ المحاكمة من المفترض أن تُجرى خلال أيام، وأنّ زمن المحاكمة والبت في القضية لن يطول كثيراً، مشدداً على أنّ أوساطاً في الشارع الأردني عبّرت عن غضبها، وعدم رضاها عن الإجراءات الأخيرة، كاشفاً عن حالة غضب تعاني منها أوساط في عشيرة العدوان، بسبب عرض النائب على محكمة أمن الدولة وإسقاط الحصانة عنه، كاشفاً عن حالة اعتداء تمت اليوم على أحد المراكز الأمنية في منطقة الشونة الجنوبية، من قبل عدد من الأشخاص الغاضبين بسبب تلك الإجراءات المتخذة.
يشير النائب الأردني هنطش إلى أنّ "الدولة الأردنية بعد أن عمدت إلى حل المسألة على المستوى الخارجي، الذي تمثل بالمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، نظراً لحساسية القضية أمام الرأي العام الدولي، لكون النائب العدوان شخصية دبلوماسية يمثل الدولة الأردنية، حيث عمد الأردن إلى التعامل مع ملف اعتقال النائب بحساسية وحذر شديدين، لكن الأردن بعد عودة النائب الأردني إلى الأراضي الأردنية، فإنّه سيواجه على المستوى الداخلي قضية رأي عام داخلية، باعتبار أنّ الكثير من الأوساط الأردنية تنظر إلى شخصية النائب على أنّه بطل وطني يجب الاحتفاء به، واعتبار أنّ إسقاط حصانته الدبلوماسية ومحاكمته مسألة غير قانونية وشرعية".
كان رئيس محكمة أمن الدولة الأسبق فواز البقور، قد رجح الأحد 7 مايو/أيار 2023، أن يتم توجيه 3 تهم للنائب عماد العدوان، هي "تصدير أسلحة لاستخدامها بوجه غير مشروع، والإخلال بأمن ونظام الأردن، وتعكير صفو علاقات مع دولة أجنبية".
التحقيق مع 9 أشخاص بقضية العدوان
لكنّ مصادر مطلعة، طلبت عدم الكشف عن أسمائها لـ"عربي بوست"، أكدت أنّه جرى توقيف ما يقرب من 100 شخص جرى الاشتباه بهم بأنّهم على ارتباط في قضية النائب العدوان، لكن ثبت مؤخراً أنّه ليس لدى الأغلبية أي ارتباط به، لكنّ المصادر تلك أكدت التحفظ على 9 أشخاص والإبقاء عليهم رهن الاعتقال والتحقيق، بسبب التأكيد على صلتهم المباشرة بقضية النائب العدوان، منهم اثنان من عائلة العدوان، بالإضافة إلى النائب الأردني، وآخرون من مناطق وعشائر مختلفة.
تؤكد تلك المصادر ذاتها أنّه من المتوقع أن تصل عقوبة النائب الأردني الموقوف على ذمة قضية تهريب الأسلحة من 7 إلى 9 سنوات، مع إمكانية تخفيف العقوبة إلى 5 سنوات، لتخفيف الضغط في الأوساط العشائرية الأردنية، ولضمان عدم إثارة الرأي العام الأردني.
يشار إلى أن الأردن تسلم، الأحد 7 مايو/أيار 2023، النائب عماد العدوان الموقوف لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ أبريل/ نيسان، بتهمة "تهريب أسلحة وذهب"، فيما قرر البرلمان رفع الحصانة عنه بطلب من محكمة أمن الدولة، ما يعني التمهيد لمحاكمته.