واجه نادي مناظرات جامعة كامبريدج البريطانية، المعروف باسم "اتحاد كامبريدج"، اتهامات بتقويض حرية التعبير بعد أن قررت إدارته تغيير بنود الموضوع المقرر لحلقة نقاش حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بحسب ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني، السبت 6 مايو/أيار 2023.
عقدت الجمعية المرموقة حلقة نقاش حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يوم الخميس 4 مايو/أيار، ولكن اثنين من المتحدثين المدعوين، هما آفي شلايم، أستاذ فخري للعلاقات الدولية في جامعة أكسفورد، ووضَّاح خنفر، رئيس مؤسسة "منتدى الشرق" غير الربحية، انتقدا قرار إدارة الحلقة بحذف كلمة "احتلال" من مسودة موضوع النقاش.
جاء الاقتراح الأوّلي لموضوع النقاش على النحو التالي: "هذه المؤسسة ترى أن الغرب يجب أن يمارس ضغوطاً أكبر على إسرائيل لإنهاء احتلالها"، ولكن الفقرة تغيّرت لاحقاً لتصبح: "هذه المؤسسة تسعى إلى حث إسرائيل على مبادلة السلام بالأرض".
لم يتضح متى حدث هذا التعديل، لكن موقع اتحاد كامبريدج الإلكتروني والعدد الأخير من مجلته يزعمان أن الفعالية قد أُعلن عنها تحت هذا العنوان، منذ 24 أبريل/نيسان.
في معرض التعليق على ذلك، قال شلايم خلال خطابه الذي استغرق 14 دقيقة بحلقة النقاش: "لو علمت أن هذا هو الموضوع المطروح للنقاش، لأعددت الحجج لمعارضته، فأنا لست مؤيداً لسياسة الأرض مقابل السلام".
كما أضاف: "إسرائيل قالت منذ 55 عاماً إنها ستقدم الأرض مقابل السلام، ولم تفعل ذلك، أنا أؤيد حلاً ديمقراطياً: دولة ديمقراطية واحدة يتمتع جميع مواطنيها بحقوق متساوية، بغض النظر عن الدين [والعرق]، وتمتد من نهر الأردن إلى البحر المتوسط".
تابع شلايم: "لكنني سأتحدث عن الموضوع الأصلي، الذي كان أكثر منطقية في رأيي". فقد كان الموضوع أن هذه المؤسسة ترى أن على الغرب أن يمارس ضغوطاً أكبر على إسرائيل لإنهاء احتلالها"، وأن "الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية هو من أطول حالات الاحتلال العسكري عمراً وأكثرها وحشية في العصر الحديث".
أمَّا وضاح خنفر، المدير العام السابق لشبكة الجزيرة الإعلامية القطرية، فعقد موازنة تجمع بين النضال الفلسطيني ونضال الشعوب المضطهدة تحت نير الاستعمار على مر التاريخ. وقال: "لا أحد في العالم، لا هيئة محترمة، ولا حكومة، ولا قانون دولي في العالم، لا يقر بأن إسرائيل احتلت أرض فلسطين عام 1967، إلا إسرائيل ومن يدافعون عنها. إنها حقيقة" ولو أنكرتها إسرائيل.
كما أشار المتحدث إلى أن المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي، الذي يحظر على سلطات الاحتلال نقل السكان المدنيين إلى مناطق خاضعة لسيطرتها العسكرية.
بينما قالت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أكتوبر/تشرين الأول، إن الاحتلال الإسرائيلي ينتهك القانون الدولي بمحض استمراره، وإصراره على المضي قدماً في سياسات الضم بحكم الأمر الواقع.
أما المناظران على الطرف الآخر، فكانا اثنين من المتحدثين الطلاب وناتاشا هاوسدورف، مديرة مكتب "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل"، ولم يتطرقوا لمسألة تغيير موضوع النقاش، بل ركزوا في خطاباتهم على الموضوع الرسمي بعد التعديل.
تواصل موقع Middle East Eye البريطاني مع اتحاد كامبريدج، وهو ناد خاص ومنفصل تماماً عن اتحاد طلاب جامعة كامبريدج، للتعليق ولكن لم يتلق رداً حتى وقت النشر.
في المقابل، استثار ما حدث غضبَ العديد من النشطاء المؤيدين لفلسطين في الاتحاد، ووصف أحد الأعضاء سلوك القائمين على الفعالية بأنه "مخزٍ". وقال العضو لموقع MEE: "لقد ناقش المتحاورون موضوعين مختلفين".
بينما قال باسيل علاء الدين، وهو طالب من أصول فلسطينية حضر المناظرة، إنه "أصيب بالخذلان وخيبة الأمل لأن أقدم ناد للنقاش الحر في العالم بات عاجزاً عن الدفاع عن حرية التعبير"، وتابع: "ألم يعد بإمكاننا أن نسمي الاحتلال غير الشرعي بما هو عليه في الواقع؟ هذا ما آل إليه الحال للطلاب الفلسطينيين في كامبريدج".
في غضون ذلك، قال رئيس جمعية فلسطين في جامعة كامبريدج لموقع MEE، إنه "لَأمر مخيب للآمال بشدة" أن يُستبعد مصطلح "الاحتلال"، الذي "يصف الأمر الواقع في الضفة الغربية وقطاع غزة"، من موضوع المناقشة.
أضاف أن "اختزال الموضوع في تبادل الأراضي… يتجاهل حق الفلسطينيين في العودة، ويحول سردية الأمر إلى مجرد نزاع إقليمي. وهذا يخالف رأي الغالبية العظمى من المفكرين المؤيدين للفلسطينيين، الذين يتمسكون بإقرار الحرية والمساواة في دولة تمتد من نهر الأردن إلى البحر المتوسط".
فيما واجه الاتحاد من قبل انتقادات لاستضافته مسؤولين إسرائيليين على الرغم من معارضة مجموعات طلابية أخرى في جامعة كامبريدج. واحتشد أكثر من 100 طالب العام الماضي للاحتجاج على دعوة السفيرة الإسرائيلية تسيبي هوتوفلي، التي وصفت النكبة الفلسطينية، التي قتلت فيها العصابات الصهيونية وهجَّرت آلاف الفلسطينيين من أراضيهم عام 1984، بأنها "كذبة عربية".